الرباط: أجمعت كلمات المشاركين في لقاء تفاعلي، نظمته، السبت، عن بعد، جمعية المحامين الشباب بالدار البيضاء، عبر صفحتها الرسمية بـ(فيسبوك)، تأبينا للراحل عبد الرحمن اليوسفي، باعتباره أستاذا ونقيبا وأحد رموز المشهد السياسي المغربي، على الخصال والمناقب التي ميزت مسار الرجل الذي وافته المنية، قبل أيام، عن عمر يناهز 96 عاما.

وشكل اللقاء، الذي سيره سعد الله التونسي رئيس الجمعية المنظمة، فرصة أمام محمد الصديقي النقيب السابق لهيئة المحامين بالرباط، ومحمد كرم المحامي بهيئة الدار البيضاء والعضو المؤسس للمنظمتين المغربية والعربية لحقوق الإنسان، وعائشة الكلاع المحامية بهيئة الدار البيضاء والفاعلة الحقوقية، وعبد الكريم بنعتيق الوزير السابق وعضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لتقديم شهادات في حق الراحل وتسليط الضوء على سيرته ومساره.

وبقدر ما خلفت وفاة اليوسفي حزنا على رحيله، أكدت التقدير الذي يحظى به والمكانة التي يحتلها داخل وخارج المغرب.

وحرصت مداخلات المشاركين في لقاء جمعية المحامين الشباب بالدار البيضاء، الذي تخللته مجموعة من الصور التي تؤرخ للقاءات الراحل مع عدد من رموز النضال والسياسة عبر العالم، على استعادة سيرة اليوسفي، انطلاقا من علاقته بطنجة، زمن الاستعمار، وصولا إلى ما رافق الفترة التي قاد فيها حكومة التناوب التوافقي، والدروس التي ينبغي البناء عليها بالنسبة للأجيال الصاعدة.

وبينما ركز كل من الصديقي وكرم على المسيرة النضالية التي انخرط فيها الراحل منذ مرحلة الكفاح من أجل الاستقلال وصولا إلى ما رافق وتلا تجربة التناول التوافقي، توسعت الكلاع، في الحديث عن المسار الذي قطعه الراحل، تحت عنوان "96 سنة من أجل تحرير الوطن وتحرير الإنسان"، منطلقة من التشديد على صفات اليوسفي السياسي والإنسان، والمناضل الحداثي التقدمي، الذي سعى إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان، فيما مارس العمل السياسي بنبل وأخلاق عالية.

وتحدثت الكلاع ضمن عناوين فرعية عن اليوسفي المناضل الوطني الذي ساهم في الحركة الوطنية والمغاربية. كما توقفت عند خصاله، ومن ذلك طاقة الإنصات لديه واحترامه للآخر ولو اختلف معه، مشيرة إلى بساطته في حياته الخاصة، وكيف أنه مارس النضال والمسؤولية في سبيل تحرير الوطن والإنسان، لا بمنطق تكديس الثروة وتحقيق المنافع الشخصية.

من جهته، انطلق بنعتيق من التأكيد على أن اليوسفي هو ملك للمجتمع وليس للاتحاديين فقط؛ قبل أن يركز على ما ميز مسار الراحل منذ بداية النضال ضد الاستعمار، حيث عمل على الربط بين العملية السياسية وتكوين الشباب وبناء الأجيال لمغرب ما بعد خروج المستعمر، من منطلق وعي الراحل أن الاستعمار إلى زوال.

وشدد بنعتيق على أن اليوسفي، الذي قال عنه إنه كان رجل ميدان، مثقف ومؤطر وفاعل، قد كان مرتبطا دائما بهموم الوطن، من دون أن ينظر إلى الأمور من برج عال.

وصنف بنعتيق اليوسفي ضمن عدد من الكبار الذين عرفهم المغرب المعاصر، قال إنهم لم يكونوا انقلابيين أو ضد النظام، بل في خلاف حول المشروع المجتمعي للبلد، فيما كانوا يملكون شجاعة قراءة واتخاذ المواقف في وقتها وقول الحقيقة بشجاعة، مع قدرة على تدبير الواقع.

كما تحدث بنعتيق عن الحضور الدولي لليوسفي خدمة لقضايا المغرب، وكيف كان يستعمل لغة إقناع تستحضر توابث التاريخ وفق هندسة جديدة.