إيلاف من الرياض: اعتبرت منظمة التجارة العالمية أن إجراءات السعودية ضد قطر كانت ضرورية لحماية أمنها، مضيفة أن الرياض قطعت علاقاتها مع الدوحة بسبب تنصلها من الاتفاقيات. وأشارت المنظمة إلى أن قطع العلاقات سعى إلى تجفيف منابع الإرهاب الذي تثيره الدوحة والدفع بعملية الاستقرار في المنطقة.

كما أصدر فريق تحكيم المنازعات في التجارة العالمية بيانًا بشأن نزاع رفعته قطر حيال تطبيق اتفاقية التجارة المتعلقة بجوانب حقوق الملكية الفكرية "تريبس".

وأسقط الفريق 5 ادعاءات من أصل 6 تضمنتها الادّعاءات القطرية المتعلقة بقرصنة حقوق البث، فيما توصل في نهاية تقريره إلى استنتاج يتعلق بتقديم الإجراءات القضائية الخاصة بالملكية الفكرية، ولم تتطلب توصية الفريق أي إجراء محدد، في وقت لا يعتبر هذا الاستنتاج نافذًا في ظل تقديم المملكة طعنًا واستئنافًا بشأنه.

فيما لم يجد فريق التحكيم أيًا من تلك الحالات والادعاءات تقع داخل الأراضي السعودية. ورفض الادعاءات بأن المملكة تدعم القرصنة المزعومة لحقوق البث.

إلى ذلك تحدث لـ "إيلاف" محللون ومتخصصون في الشأن السياسي حول قرار منظمة التجارة العالمية بأن قطع العلاقات السعودية مع قطر أمر مبرر، فقالت الدكتورة أمل الهزاني الأكاديمية والكاتبة في صحيفة الشرق الأوسط إن "قرار لجنة تحكيم منظمة التجارة العالمية هو الصوت الدولي الأول بخصوص المقاطعة مع قطر للمرة الأولى، ونحن ندخل السنة الرابعة من قطع العلاقة مع قطر، نسمع صوتًا دوليًا يؤطر هذا الخلاف، ويتخذ حكمًا يحمل صفة قانونية يدين سياسات النظام الحاكم في قطر ويربط هذه السياسات بدعم الإرهاب والتدخل في شؤون الدول الأخرى.

مضمون هذا الحكم الدولي يثبت ما قالته الحكومة السعودية مرارًا وتكرارًا سواء في الإعلام أو مباشرة لقيادات الدول الكبرى حول دور قطر السلبي في دعم الميليشيات الإرهابية، والمس بالأمن الوطني السعودي، ويقّر بأن ما قامت به حكومة المملكة العربية السعودية من إجراءات لقطع علاقتها مع قطر هو حق مشروع لها لحماية نفسها.

كل المحاولات القطرية التي أنفقت عليها أموال طائلة منذ صيف 2017 وحتى الآن للضغط على السعودية لإعادة العلاقة مع قطر لم تُفلح، كلما مارسته من استجداء وخداع العالم بلعب دور الضحية ذهب هباءً لحظة صدور حكم منظمة التجارة العالمية.

على قطر الآن أن تعيد حساباتها بعدما أدانها صوت دولي مهم كمنظمة التجارة العالمية بدعم الإرهاب، لأن سمعة نظام الحكم في قطر على المحك، وعلى الشعب القطري المنكوب أن يعرف أن النظام الحاكم ختم جواز السفر القطري بالعار.

من جهته أضاف الدكتور عبدالله العساف أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لـ"إيلاف": " تسعى الدوحة من خلال مماحكاتها السياسية إلى إعادة أزمتها إلى الواجهة بعدما طواها النسيان وأصبحت فعلًا كما قال عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إنها صغيرة جدًا جدًا، إذ التفت الرباعي العربي لحاضره ومستقبله تاركًا قطر تهيم في كل واد متخبطة في أهوائها وسياساتها الداعمة للإرهاب، حتى تفتق ذهنها عن تسييس الرياضة واتهام المملكة بقرصنة قنواتها الرياضية.

فسلوك الدوحة قد وصل على ما يبدو إلى النقطة التي يصعب معها تقبلها أو تمريره، كما حدث من قبل، وأن اعتبارات الحفاظ على الوحدة الخليجية وعدم التصعيد والعمل الهادئ لحلحلة الخلافات قد تراجعت لمصلحة اعتبارات أخرى تتمثل في: إيقاف التهديدات، والتصدي لإذكاء الفوضى وعدم الاستقرار خليجيًّا وعربيًّا، وردع محاولات شق الصف والتحالف مع قوى إقليمية تسعى إلى تنفيذ مشروعاتها في المنطقة، وتبدو الدول المقاطعة مستعدة للمضي في المسار الذي بدأته في مطلع يونيو 2017.

هذه المرة حاول النظام القطري الادعاء على المملكة العربية السعودية بأنها قامت بقرصنة بث قنواتها الرياضية، لكن الجهات الدولية صاحبة الاختصاص التي نظرت في هذا الادعاء لم تجد عناء كبيرا في اسقاطه، لأنها دولة قانون ونظام وسلام، وهذا يعكس قوة ومتانة التشريعات السعودية والتقدير الدولي الكبير الذي تحظى به في المحافل الدولية، وتنسجم أنظمتها وإجراءاتها مع قواعد منظمة التجارة العالمية التي اكدت بقرارها تبرئة المملكة من الاتهامات القطرية بأنها كانت محقة فيما اتخذته من إجراءات لحماية مواطنيها واراضيها ومقدراتها من الارهاب الفكري والمادي المدعوم قطريًا، فهذا أول حكم قضائي دولي يقر بأن إجراءات السعودية المتخذة ضد قطر مبررة لحماية مصالحها الأمنية، فضلًا عن أنه لم يجد أي دلائل حول انطلاق عمليات قرصنة البث من أراضي السعودية، وقد صدقت قطر قبل ذلك على مصداقية قرار الرباعي العربي بمقاطعتها عندما قام النظام القطري بتجريم عدد من الاشخاص والمؤسسات وتصنيفهم على قائمة الارهاب، وجميعهم صنفهم الرباعي العربي على قوائم الارهاب وأحد اسباب مقاطعة قطر.

كما يمكن النظر لهذا الحكم المسقط للادعاءات القطرية انتصارًا قانونيًا ودبلوماسيًا وسياسيًا للمملكة ضد سلسلة الدعاوى الكيدية التي دأبت حكومة الدوحة على رفعها منذ مقاطعتها، ولكنها عمليات الكيد والمماحكات السياسية التي ما فتئت الدوحة تحيكها ضد السعودية، وهي فرصة عظيمة ليرى العالم ما تتمتع به المملكة من سجل قوي في مجال حماية الملكية الفكرية، بشهادة منظمة التجارة العالمية، في مقابل ما تمارسه قطر من كذب وتضليل وادعاءات زائفة، فها هي حقيقتها وحقيقة إعلامها المضلل والمحارب للحقيقية، ومحاولة تسييس الرياضة، محاولة القفز على الحقائق والتقارير الفنية والتقنية التي كشفت ما يمارسه النظام القطري واعلامه من استلاب للعقول وقفز فوق الحقائق الصادرة من جهات الاختصاص الدولية المحايدة. وأخيرا تتمسك المملكة العربية السعودية بحقها في اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة للعودة بالحق على النظام القطري.

سليمان العقيلي الكاتب الصحافي السياسي وعضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للعلوم السياسية تحدث عن القرار، وقال "الحكم جاء تأكيدًا على صحة الموقف السياسي والقانوني الواضح للقرار السعودي بقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية والثقافية مع قطر الذي يعد بالنهاية حق من حقوق السيادة لحماية شعبها واراضيها ونظامها السياسي".

وقد أسقط القرار المزاعم المضللة للرأي العام من قبل قطر بأنها تتعرض للحصار والتنمر وساند القرار حق الرياض الاصيل بالدفاع عن نفسها من غوائل الارهاب الذي تدعمه قطر.

بإهماله الجوانب التقنية التي اعتمدت عليها الدوحة والاعتماد على الأسس التي قامت عليها وجهة نظر المملكة كرس فريق التحكيم الحقوق السياسية والأمنية في العلاقات الدولية كقاعدة جوهرية وبإسقاطه خمس نقاط من ست أبقى نقطة للنظر باعتبارها قابلة للمرافعة مع عدم التعويل على ما قدمته قطر من أدلة لأنها لا تتعلق بفضاء السيادة السعودية داخل البلاد في ما يختص بحقوق الملكية.

وتعتبر هذه ثاني أبرز صفعة تتلقاها قطر في المحاكم الدولية بعد خسارتها قضية السيادة على جزيرة حوار التي حكمت بها محكمة العدل الدولية عام 1999 لمصلحة البحرين بسبب الوثائق القطرية المزورة.

الدكتور خالد محمد باطرفي باحث سياسي وأستاذ في جامعة الفيصل تحدث عن القرار وقال "تبني قطر اتهاماتها للسعودية على أساس المقاطعة التجارية واغلاق الحدود البرية، وهو أمر غير مبرر، وأن قرصنة القنوات الرياضية انطلقت من أراضي المملكة
فيما نجد أن الفريق القانوني السعودي قدم اثباتات تؤكد دعم الدوحة لعمليات إرهابية في المملكة والمنطقة، مستفيدة من الحدود البرية والمزايا الممنوحة للمواطن القطري بالتجول في دول الخليج وبعثاتها الدبلوماسية للعبث في الشؤون الداخلية لجيرانها ودعم المعارضين والتحريض على أنظمة الحكم وتمرير أسلحة وأموال وتوجيه جماعات إرهابية تنشط داخل هذه الدول.

في حين فشل الفريق القطري في تقديم ما يثبت قرصنة القنوات القطرية من داخل المملكة أو دعمها لأي جهات تنفذ ذلك، وصدر الحكم لمصلحة الرياض في خمس من ست قضايا مرفوعة، وقادت فريق التحكيم إلى التشكيك في سيطرة المملكة على إجراءات حماية الحقوق الفكرية للقنوات الرياضية القطرية، وطالبتها باتخاذ المزيد من الاجراءات لتوفير الحماية. وهو ما رفضه الفريق السعودي لعدم توافر الأدلة، واستأنف هذا الحكم، رغم انه غير ملزم او محدد. وبذلك سيكون من حق السعودية إغلاق حدودها البرية طالما استمرت قطر في دعمها لجماعات إرهابية.