على وقع تأجج الاضرابات والتظاهرات في مينسك، طلب الأوروبيون من الرئيس الروسي ممارسة الضغوط على الرئيس البيلاروسي، ليقيم حوارًا مع المعارضة التي ألفت مجلسًا تنسيقيًا.

مينسك: حض القادة الأوروبيون الثلاثاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الضغط على حليفه الأساسي الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو لتشجيع حوار مع المعارضة التي تحتج لليوم العاشر على التوالي على نتائج الانتخابات الرئاسية.

ومساء تجمع آلاف المتظاهرين مجددًا في ساحة الاستقلال في مينسك حاملين أعلام المعارضة الحمراء والبيضاء ودعوا الى استقالة الرئيس.

وتحدث بوتين، أقرب شريك لمينسك والذي يعتبر موقفه حاسمًا بالنسبة إلى حل الأزمة، في ثلاث مكالمات هاتفية منفصلة مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال. ودعا ماكرون بوتين إلى "تسهيل التهدئة والحوار" لحل الأزمة في بيلاروسيا فيما أكدت ميركل أن مينسك يجب ان "تنبذ العنف" وتباشر حوارًا مع المعارضة. من جهته، دعا ميشال إلى "حوار سلمي وفعلي شامل".

تحذير روسي

من جهته، حذر الكرملين من "أي محاولة للتدخل الأجنبي" في بيلاروسيا وندد "بالضغط" الذي يمارس ضد سلطات هذه الجمهورية السوفياتية السابقة. وبحسب وكالة الانباء "بلتا" فان بوتين أطلع لوكاشنكو في اتصال هاتفي على مضمون محادثاته مع القادة الأوروبيين.

وستكون بيلاروسيا محور قمة استثنائية للاتحاد الأوروبي تعقد الاربعاء مع احتمال توسيع العقوبات التي تقررت الاسبوع الماضي بعد قمع التظاهرات. كما بحث مجلس الأمن الدولي الثلاثاء الأوضاع في بيلاروسيا في جلسة دُعي خلالها الأعضاء لبذل كل الجهود الممكنة من أجل منع تصعيد الأزمة. وجاء ذلك بناء لطلب الولايات المتحدة وإستونيا وذلك خلال جلسة مغلقة للمجلس مخصصة لبحث الأوضاع في اليمن يتيح جدول أعمالها مناقشة "أي موضوع آخر".

ومنذ الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في 9 أغسطس، تتزايد الضغوط على لوكاشنكو الذي يحكم البلاد منذ 1994. وقد أعلن فوزه بنسبة 80 في المئة من الأصوات ويواجه تظاهرات يومية وحركة إضراب تطاول صناعات حيوية لاقتصاد البلاد بشكل متزايد.

علاقات ودية مع موسكو
اتهم الرئيس البيلاروسي في حديثه امام مجلس الامن الوطني المعارضة بالسعي الى الاستيلاء على السلطة. كما أكد أن المعارضة تريد قطع الجسور مع روسيا، وهو ما نفته ماريا كوليسنيكوفا إحدى شخصيات المعارضة.

وقالت خلال مؤتمر صحافي: "أريد أن أؤكد للجميع موقفنا الرسمي وهو اننا سنبقي على علاقات دوية ومفيدة للطرفين وبراغماتية مع روسيا وكذلك مع اوكرانيا ودول الاتحاد الاوروبي". وأضافت: "الهدف الرئيسي للمعارضة هو تنظيم انتخابات رئاسية جديدة نزيهة".

وستكون الحائزة جائزة نوبل للاداب سفيتلانا الكسيفيتش ضمن "المجلس التنسيقي" الذي سيعقد أول اجتماع رسمي له الاربعاء.

وقد تجمع مناصرو المعارضة في بيلاروسيا الثلاثاء أمام مركز اعتقال يتواجد فيه زوج زعيمة المعارضة سفيتلانا تخانوفسكايا التي نددت بنظام "فاسد" وذلك في اليوم العاشر من التظاهرات. واحتشد قرابة مئتي شخص أمام مركز الاعتقال الرقم واحد في مينسك العاصمة، حيث وضع سيرغي تيخانوفسكي قيد الحجز الاحتياطي، وذلك للاحتفال بعيد ميلاده الـ42 وللمطالبة بإطلاق سراحه.

اتهامات مفبركة

وسيرغي تيخانوفكسي وهو زوج المعارضة سفيتلانا تخانوفسكايا، موقوف منذ 29 مايو. وكان سيرغي مدوّن الفيديو، أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية وقاد حملة ضد لوكاشنكو قبل أن يُستبدل بزوجته بعد توقيفه. ويُتهم خصوصاً بـ"الإخلال بالنظام العام" ويواجه عقوبة بالسجن لعدة سنوات.

من ليتوانيا حيث لجأت مع أولادها، نددت سفيتلانا تيخانوفسكي (37 عامًا) في شريط فيديو نشر على يوتيوب بالاتهامات التي تستهدف زوجها باعتبارها مفبركة "من أجل إسكاته وعدم مشاركته في الحملة الانتخابية".

وقالت: "كل هذا الظلم الفاضح يظهر لنا كيف يعمل هذا النظام الفاسد والذي يسيطر فيه شخص واحد على كل شيء" مضيفة "شخص واحد يبقي البلاد في الرعب منذ 26 عامًا. شخص سرق من البيلاروسيين خيارهم".

وكانت تيخانوفسكي أبدت استعدادها الاثنين لحكم البلاد داعية الرئيس الى التنحي. وشكلت المعارضة "مجلساً لتنسيق" انتقال الحكم ويُفترض أن يعقد أول اجتماع له اعتباراً من الثلاثاء، وفق ما قالت المعارضة ماريا كوليسنيكوفا.

ورفض لوكاشنكو مرات عدة فكرة التنحي مؤكداً مرة جديدة الاثنين أنه لن يسلم السلطة "تحت الضغط أو في الشارع".

تظاهرات، إضرابات واستقالات

بعد الانتخابات، قمعت الشرطة أربع تظاهرات ما أدى الى سقوط قتيلين وعشرات الجرحى وتوقيف أكثر من 6700 شخص. واشارت وزارة الداخلية الثلاثاء الى وفاة شخص ثالث صدمته سيارة فيما كان يتظاهر.

والأحد نظمت المعارضة أكبر تجمع في تاريخ البلاد ضم أكثر من مئة الف مشارك ووجهت دعوة إلى الإضراب التزمتها عدة صناعات مهمة مثل منتج البوتاس بيلاروسكالي او مصنع تصنيع الآليات الثقيلة حيث تعرض الرئيس لوكاشنكو لصيحات استهجان الاثنين من قبل عمال.

ووصل إضراب العمال إلى مصنع الجرارات الزراعية الذي يصدّر إنتاجه إلى كل الدول السوفياتية السابقة ويعد مصدر فخر للبلاد.

وقد نظمت عدة تظاهرات محدودة الثلاثاء في العاصمة وكان احداها أمام مركز اعتقال تيخانوفسكي الموجود قيد الحجز الاحتياطي، وذلك للاحتفال بعيد ميلاده الـ42 وللمطالبة بإطلاق سراحه.

ونظمت تظاهرة دعم أخرى الثلاثاء في المسرح الاكاديمي في مينسك الذي اقيل مديره بافيل لاتوشكو وهو أيضًا وزير سابق للثقافة لأنه دعا علنًا إلى تنظيم انتخابات جديدة ورحيل لوكاشنكو. وأعلن سفير مينسك في سلوفاكيا إيغور ليشتشينا استقالته الثلاثاء ليصبح أول دبلوماسي بيلاروسي يدعم علنًا المتظاهرين.