عاد العالم إلى فرض إجراءات صحية متشددة بعد بوادر وصول الموجة الثانية من جائحة كورونا، خصوصًا إلى أوروبا، بعد عودة الناس من عطلها الصيفية، على أبواب عام مدرسي جديد.

سيول: فرضت دول مثل كوريا الجنوبية الأحد قيودًا أكثر صرامة وأغلقت الشواطئ والمطاعم في محاولة لتجنب موجة ثانية من كورونا بعدما ألقي باللوم على العائدين من العطلات كمصدر للعدوى، كما هو الحال في إيطاليا. ووسّعت كوريا الجنوبية نطاق قيودها الصحية السارية في سيول لتشمل كامل أراضيها اعتبارًا من الأحد، بدءًا بإقامة الأحداث الرياضية وراء أبواب مغلقة وصولًا إلى إغلاق المتاحف.

اتخذ القرار بعدما سجلت البلاد التي نجحت حتى الآن في احتواء الوباء من خلال استراتيجية اختبار المصابين وتعقبهم الفعالة، أكثر من 300 إصابة جديدة بكورونا خلال يومين متتاليين، وهو رقم قياسي منذ مارس. وأعلنت الأحد أنها سجلت أعلى حصيلة يومية للإصابات بلغت 397، معظمها في منطقة سيول الكبرى التي تضم نصف عدد السكان البالغ عددهم 51 مليون نسمة.

وقال وزير الصحة بارك نيونغ-هو خلال مؤتمر صحافي السبت: "نحن في مرحلة دقيقة جدًا يمكن أن تشهد بداية موجة ثانية" للفيروس على الصعيد الوطني.

موجة أوروبية ثانية

في أوروبا أيضًا، تتزايد المخاوف من حدوث موجة ثانية أيضًا، خصوصًا في إيطاليا. فقد سجلت منطقة روما خلال 24 ساعة عددًا قياسيا من الإصابات الجديدة منذ بداية الوباء في مارس ومعظمها مرتبط بالعودة من الإجازات. ويشار خصوصًا إلى العائدين من سردينيا في جنوب إيطاليا والتي نجت من الموجة الأولى من الفيروس لكن حركة السياح والمحتفلين غير الحذرين ساهما في عودة انتشار الفيروس.

إزاء تفشي الفيروس مجددًا، دعا رئيس منطقة لاتسيو نيكولا زينغاريتي إلى فرض "ضوابط طارئة مع اختبارات في أماكن المغادرة" عند مغادرة الجزيرة.

في ألمانيا أيضًا، ازداد عدد الإصابات الجديدة بشكل حاد في الأيام الأخيرة بسبب العودة الهائلة للسياح الألمان الذين أمضوا عطلاتهم في مناطق موبوءة في الخارج، وفقا للسلطات. وفي إيرلندا، قررت السلطات هذا الأسبوع تشديد القيود على التجمعات، بحد أقصى ستة أشخاص في مكان واحد مغلق. وفي هذا السياق، أعلن رئيس الوزراء الإيرلندي ميتشل مارتن الأحد أنه سيدعو البرلمان إلى الانعقاد بعد فضيحة سياسية مرتبطة بفيروس كورونا، وطلب من المفوض الأوروبي للتجارة الإيرلندي فيل هوغان الاستقالة لتورطه فيها.

وجاء هذا القرار بعد عاصفة أحدثتها في الطبقة السياسية خلال الأسبوع الجاري معلومات عن عشاء راقص تم تنظيمه في مخالفة للقيود الصحية المرتبطة بكورونا. ونظم العشاء مساء الأربعاء لمناسبة مرور خمسين عامًا على تأسيس نادي الغولف التابع للبرلمان، بحضور 82 مدعوًا بينهم فيل هوغان. وأدى إلى استقالة عدد كبير من المسؤولين بينهم وزير الزراعة دارا كالياري.

التحضير للعام الدراسي

في إيرلندا كما في أي مكان آخر في أوروبا، تستعد السلطات لبدء العام الدراسي الجديد فيما أوصت منظمة الصحة العالمية بأن "يلتزم الأولاد الذين هم في سن ال12 وما فوق بوضع الكمامات كالراشدين".

وفرضت فرنسا وضع الكمامة "بشكل منهجي" في الفصول الدراسية في المدارس الإعدادية والثانوية في بداية سبتمبر. وقال وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران خلال مقابلة مع "جورنال دو ديمانش" الأحد: "نحن في وضع محفوف بالمخاطر" في مواجهة وباء كورونا، متخوفًا من انتقال العدوى من الشباب إلى الأشخاص الأكبر سنًا الذين يعتبرون أكثر ضعفًا. ولفت إلى أن الوباء "لم يتوقف عن الانتشار (...) ولم يتم السيطرة عليه إلا خلال فترة الإغلاق ومن ثم خلال مرحلة رفع القيود الصحية بشكل تدريجي"، مشددًا على أنه بعد إلغاء التدابير التي كانت مفروضة لمكافحة الفيروس، سيعود الوباء ويتفشى مرة جديدة.

في العالم، تجاوز عدد الوفيات بالوباء عتبة 800 ألف السبت وفقًا لإحصاءات وكالة فرانس برس.

الأكثر كارثية

أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي هي أكثر المناطق تضررًا بالوباء حيث أودى الفيروس بحياة أكثر من 255 ألف شخص. وتم تسجيل أكثر من نصف عدد الوفيات الناجمة عن كورونا في العالم في أربع دول هي الولايات المتحدة والبرازيل والمكسيك والهند.

توفي أكثر من 60 ألف شخص بالوباء في المكسيك (من بينهم 644 في الـ24 ساعة الماضية)، وهو رقم يتجاوز السيناريو "الأكثر كارثية" الذي تصورته السلطات الصحية في البلاد.

وفرضت الهند إجراءات صارمة خلال عطلة غانيش الدينية التي بدأت أخيرًا. كما خفضت إمكانية الوصول إلى الشواطئ خلال هذا المهرجان الذي يستمر عشرة أيام التذي تتخلله مسيرات تشارك فيها أعداد كبيرة من الناس باتجاه بحر العرب، حيث تُرمى في المياه تماثيل الإله الذي يأخذ شكل فيل محبب جدًا.