في هذا العام، وبسبب الإجراءات التي يفرضها وباء كورونا على العالم أجمع، تحيي الأمم المتحدة ذكرى تأسيسها الخامسة والسبعين افتراضيًاـ

الامم المتحدة: تحيي منظمة الأمم المتحدة الاثنين الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيسها مع التأكيد على أن "تعددية الأطراف ليست خياراً بل ضرورة"، مفتتحةً أسبوعها السنوي لخطابات القادة التي ستكون افتراضية هذا العام بسبب وباء كوفيد-19 والحجر الصحي المفروض في نيويورك على الزائرين الأجانب.

في مانهاتن، لا أحياء مطوّقة ولا مواكب رسمية طويلة ولا يعجّ مقرّ الأمم المتحدة الضخم بالموظفين... وسُمح فقط لممثل دبلوماسي واحد عن كل دولة يعيش على الأراضي الأميركية، بحضور الخطابات وبإلقاء كلمة بلده أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأربعاء "كي تكون فعّالة، تتطلّب الديمقراطية تواصلاً مباشراً وأنا آسف فعلاً لغياب فرصة جمع قادة الدول" هذا العام. وأضاف أنه ستُعقد على الهامش "عدة قمم افتراضية" (بشأن المناخ وكوفيد-19 والتنوّع البيولوجي وليبيا ولبنان...) مشيراً إلى أنه لم يسبق أن تحدث هذا العدد من رؤساء الدول والحكومات عبر مقاطع فيديو مسجّلة مسبقاً، بين "160 و170" بلداً من أصل 193 عضواً في الأمم المتحدة.

لا كوريا ولا سوريا

وسيلقي الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينغ الثلاثاء كلمتيهما بعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، علماً أنهما كانا غالباً يتركان وزيري خارجيتهما يلقيان الكلمات في السابق.

في المقابل، لا يتضمن الجدول فيديو لزعيم كوريا الشمالية أو الرئيس السوري إنما للرئيس الفنزويلي (الأربعاء) الذي لم يعد قسم كبير من دول العالم يعترف بشرعيته كرئيس.

وسيصادق قادة الدول الـ193 الأعضاء في الأمم المتحدة الاثنين على إعلان مناهض للإجراءات الأحادية ويعبر عن حسن النوايا. وقد تمّ التفاوض بشأنه لفترة طويلة خصوصاً مع الأميركيين الذين كانوا معارضين له وتم تبنيه في يوليو.

ومنذ مطلع العام، اتخذت الدول في مواجهة تفشي وباء كوفيد-19 الفتّاك، اجراءات منفردة مع فرض تدابير عزل وإغلاق حدود من دون تنسيق أو تعاون فعلي.

فوتت الفرصة

ويعتبر الأستاذ في معهد الدراسات السياسية في باريس برتران بادي أن "القوى العظمى فوّتت فرصة" تعزيز التعاون الدولي في ظل الأزمة الصحية. وأضاف أن سلوك هذه القوى "تسبب بفشل مجلس الأمن الدولي وبانهياره".

ويقول لوكالة فرانس برس إنه كانت لديها "رؤية محافظة جداً للأمن معتبرةً أن البشرية مهددة فقط بالخصومات بين الدول" مشيراً إلى أن "ذلك إشارة سيئة جداً للمستقبل".

ويعترف الإعلان في الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الهيئة الدولية، أن منذ إنشائها "مرّت منظمة الأمم المتحدة بفترات فيها خيبات أمل ... عالمنا لم يعد ذاك الذي كان يتطلع إليه مؤسسو (المنظمة) منذ 75 عاماً".

وجاء في النصّ أن العالم "يواجه تباينات متزايدة والفقر والجوع والنزاعات المسلحة والإرهاب وانعدام الأمن والتغيّر المناخي والأوبئة".

ويشير النص إلى أن الأمم المتحدة واكبت في الوقت نفسه، إنهاء الاستعمار وروّجت للحرية "وخففت (حدة) عشرات النزاعات وأنقذت مئات آلاف الأرواح بفضل العمل الإنساني".

ويؤكد القادة أيضاً أن في مرحلة ما بعد الوباء "لدينا الفرصة التاريخية لإعادة البناء بشكل أفضل وأكثر مراعاة للبيئة"، في وقت تشهد الأمم المتحدة شللاً بسبب الصراع الصيني الأميركي المتزايد وخصومات تصل إلى حدّ التسبب بمواجهة بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، حول الملف الإيراني مثلاً.

ويرى ريتشارد غوان من مركز "انترناشونال كرايسيس غروب" للأبحاث أن "كل العالم ركّز على العواقب الوطنية للوباء من دون رؤية شاملة".

إصلاح الحوكمة العالمية

خلال مؤتمر عبر الفيديو الخميس، ستكون للدول الأعضاء في مجلس الأمن فرصة الكشف عن رؤياها بشأن إصلاحات الحوكمة العالمية التي تعاني من حالة عجز هائلة بسبب أزمة كوفيد-19.

لكن غوان وبادي ليسا متفائلين بتاتاً.

يوضح بادي أن قبل الشروع في إصلاح، ينبغي "أولاً تغيير الذهنية والعقلية، الخروج من ثقافة الحرب الباردة، الأمر الذي لا تزال الدول الخمس الدائمة العضوية (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا) ترفضه لأنه قد يؤدي إلى مراجعة (فكرة) 'المجتمع الدولي' وإلى خسارة امتيازات الأوليغارشية النووية".

ويقول غوان لفرانس برس "أنا بصراحة متشائم للغاية بشأن فرص إصلاح حقيقية للأمم المتحدة أو (حلول) مبتكرة للحوكمة العالمية. ... لا أرى أن الصين والولايات المتحدة ستتوافقان الآن على إصلاحات كبيرة".