آثرت اليونان وتركيا فسح المجال أمام المساعي الدبلوماسية لتهدئة التوتر الحاصل بينهما في شرق المتوسط، فأبدتا استعدادهما لبدء مفاوضات استطلاعية قريبًا.

أنقرة: يبدو أن تركيا واليونان اختارتا التهدئة في الأزمة بينهما في شرق البحر المتوسط عبر إبداء استعدادهما لبدء مفاوضات، بعد أسابيع من توتر تصاعد مع إجراء البلدين مناورات عسكرية متوازية.

وجاء الإعلان عن هذه المفاوضات عقب مؤتمر إضافي عبر الهاتف جمع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي تؤدي دور الوسيط بين البلدين، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال.

وبحسب الرئاسة التركية، أكد المشاركون في المؤتمر أن "تركيا واليونان مستعدتان لبدء محادثات استطلاعية" في ما يخصّ شرق المتوسط حيث يتنازع البلدان مناطق يرجح انها غنية بالغاز الطبيعي.

وأكد إردوغان خلال الاجتماع وفق بيان الرئاسة، أنه "يجب أن يقترن الزخم الهادف إلى خفض التوتر واستخدام قنوات الحوار باجراءات متبادلة".

في أثينا، أعلنت وزارة الخارجية اليونانية أن المحادثات المقررة ستُعقد "قريباً" في اسطنبول من دون تحديد موعدها.

وأبدى الرئيس التركي الجمعة استعداده للقاء رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس إن توافرت "النوايا الحسنة" من جانبه.

وجرت آخر جولة "محادثات استطلاعية" بين البلدين بهدف حلّ خلافاتهما في المنطقة في العام 2016.

وتتنازع تركيا واليونان العضوان في حلف الأطلسي، بشأن حقول غاز ونفط في شرق المتوسط في منطقة تعتبر أثينا أنها تقع ضمن نطاق سيادتها.

وفي العاشر من آب/أغسطس، أرسلت تركيا سفينة رصد زلزالي ترافقها سفن حربية إلى المياه بين اليونان وقبرص. وتصاعد التوتر في أواخر آب/أغسطس، عندما أجرى البلدان مناورات عسكرية متوازية. لكن عودة السفينة إلى الساحل التركي أحيت آمال التهدئة.

وكانت الأزمة على جدول أعمال قمة أوروبية مقررة هذا الأسبوع لكن الاجتماع أُرجئ إلى مطلع تشرين الأول/أكتوبر. وتهدد دول عدة خصوصاً فرنسا، بفرض عقوبات على تركيا.

وأرسلت باريس الداعم الرئيسي لأثينا في هذه الأزمة، مؤشراً آخر على التهدئة، مع إعلان قصر الإليزيه عن مكالمة هاتفية يجريها مساءً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وإردوغان اللذان تبادلا تصريحات وردوداً اتّسمت بنبرة تشدد نادرة في الأسابيع الأخيرة.

ولدعم مطالبهما في المناطق المتنازع عليها في المتوسط، وقعت تركيا واليونان في الأشهر الأخيرة اتفاقات ترسيم حدود مثيرة للجدل، الأولى مع حكومة الوفاق الوطني الليبية ومقرها طرابلس والثانية مع مصر.

وأكد السفير الأميركي لدى أنقرة خلال لقاء مع صحافيين الثلاثاء أن "أي خريطة أو إعلان أحادي الجانب يؤثر على حقوق طرف ثالث، ليست صالحة في إطار تسوية نزاع بحري".

واعتمد إردوغان لهجة أكثر هدوءاً في خطابه أمام الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة، دعا خلاله إلى "حوار صادق" لحلّ النزاع مع اليونان والاتحاد الأوروبي في المتوسط، رافضاً أي "مضايقة" تستهدف تركيا.

وقال في خطاب مسجّل مسبقاً "أولويتنا هي حلّ النزاعات عبر حوار صادق، مبني على القانون الدولي وأساس عادل".

وتدارك "لكن أريد أن أؤكد بوضوح أننا لن نسمح أبداً بأي إملاء أو مضايقة أو هجوم".

واقترح إردوغان عقد مؤتمر إقليمي لمناقشة "حقوق ومصالح" الدول المطلة على شرق المتوسط، بما فيها "جمهورية شمال قبرص التركية" التي لا تعترف بها إلا أنقرة.

وتحت عنوان "إعطاء فرصة للدبلوماسية"، أعادت أنقرة في 13 أيلول/سبتمبر سفينة الرصد الزلزالي "عروج ريس" إلى الساحل التركي. وتسبب إرسالها إلى شرق المتوسط ببلوغ التوتر ذروته.