إيلاف من الرباط: بحضور حاخامات مغاربة وشخصيات بارزة من إسرائيل وكبار رجال السلطة الفلسطينية، ألقى الحاخام شلومو ميارا، الكاتب والمثقف اليهودي المغربي، الأحد، في رام الله، بمناسبة تأسيس "المركز الدولي للتصالح بين الأديان"، كلمة ضمنها اعتزازه وتقديره لملوك المغرب.

شدد ميارا على أن "النهج المتفرد لدى الملك محمد السادس معروف بكل أرجاء العالم كنموذج شاهق للمحاكاة"، وأنه "نموذج لقائد مثالي يصبو للسلام الحقيقي بين كل الشعوب"، في "نهج مبارك سبق أن ورثه عن آبائه وأجداده" الملك الراحل الحسن الثاني والملك الراحل محمد الخامس قدس "

وأكد أن "الجميع يعرف هذا حق المعرفة بل يشعر به أبناء الشعب الفلسطيني وأبناء الشعب اليهودي"، وأن قيادة الملك محمد السادس ما هي إلا قيادة التقدير والاحترام والتصالح معنا جميعا على حد سواء".

اجتماع اخوة

نقل الحاخام ميارا، في بداية كلمته، رسالة شخصية لمن وصفهم بالإخوة أبناء الشعب الفلسطيني، ضمنها عبارات التقدير والاحترام والحب، مخاطبا الحضور: "الإخوة الأعزاء، الحاضرون هنا معنا على نية واحدة، كم من الجميل اجتماع الإخوة معا !".

وأضاف أن "الأساس الأول الذي تعلمنا إياه التوراة العبرية، هو إحدى دعامات العالم التي وضعها الحاخام شيمعون هاتساديك في الميشنا وفي مسيخت أفوت، ألا وهو التصالح والسلام"، مشددا على أنه يبقى "من الصعب الوصول إلى هذه القمة الشاهقة إلا من خلال احتواء الآخر واحترام عاداته وتقاليده، كلٌّ وديانته التي ورثها عن أجداده وأجداد أجداده. إنها الطريق الوحيدة التي تجلب علينا بركات الله تعالى".

وأكد أنه "ليست التوراة وحدها التي تنص على هذه الطريق"، مشيرا إلى أن "النبي الكريم – سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم- ينادي بها أيضا، كما تظهر عدة سور مباركة من القرآن الكريم كسورة "البقرة"، وسورة "المائدة"، وسورة "الأنفال"، وسورة "العنكبوت"".

واستحضر ميارا ، في معرض كلمته، عرفا من أكثر الأعراف وضوحا، يقول إن بين الإخوة، لا يمكن أن يكون خلاف حقيقي أبدا وإن كان فلن يستمر إلى الأبد. قبل أن يستدرك: "إننا إخوان ! كلنا أبناء لوالد واحد، سيدنا إبراهيم عليه السلام – إبراهيم الخليل، ومن حقنا في هذا الوجود أن نحيا حياة طيبة سعيدة مفعمة بالبركة والنجاح سواء كنا أبناء شعب يهودي أم أبناء شعب فلسطيني، هكذا يكتب الحاخام الكبير الرابي يهودا ليفائي الذي عاش قبل ما يقارب 400 عام، وذلك لسبب مذكور في كتاباته إن إسحاق وإسماعيل كانا أخوين وكلاهما حصلا على بركة ورضى والدهما سيدنا إبراهيم، بركة بمثابة استحقاق للمساواة بين الشعبين، لحياة مشتركة، كريمة وسعيدة".

الحاخام ميارا مع أحد مؤلفاته عن ملوك المغرب

وزاد ميارا أن "من كبار الحاخامات الذين زاروا هذه الأرض قبل مئات السنين يتحدثون في رسائلهم عن حياة التصالح والتعايش التي سادت آنذاك بين اليهود والمسلمين دون أية كراهية أو عداء"، مشيرا إلى أن الحاخام عوفاديا مبارطنورا يتحدث في خطاب أرسله إلى والده قبل 531 عاما عن "الحياة المشتركة والمتصالحة التي تقوم على المحبة والإخوة بين الديانات التي كانت سائدة في القدس الشريف، كما في مدن وقرى الجليل".

كما أن هناك "رسالة مشابهة كتبها السائح الإيطالي، الحاخام مشولام ابن الحاخام ميناحيم ميفالاطرا الذي يتحدث في خطابه عن زيارته إلى الجالية اليهودية التي عاشت في غزة وعن حياة التصالح هناك".

تحدث ميارا عن حفل تأسيس "المركز الدولي للتصالح بين الأديان"، مشيرا إلى أن زيارة رام الله هي "زيارة مقصودة لرفع راية التصالح وتعزيز أوتاد التعايش الذي نرغب كلانا يهودا ومسلمين، في تحقيقه، وندعو الله تعالى في عليائه أن يؤازرنا للتغلب على كل العقبات، وأن يمن علينا بحياة من المصالحة الحقيقية حتى نبلغ هذه القمة ونورث لأبنائنا وللأجيال القادمة حياة طيبة وسعيدة".

محمد الخامس

إثر ذلك خاطب الحاخام ميارا الحاضرين، مشيرا بالاسم إلى كل من الحاخام إسحاق أبي حصيرة من مدينة بني براك، والحاخام إسحاق أبي حصيرة من مدينة نتيفوت وحفيد الحاخام القطب المقدس البابا سالي، والدكتور محمود هباش وزير الأديان في فلسطين، وأشرف العجرمي وزير الأسرى السابق، ومحمد المدني رئيس مكتب التواصل من حركة فتح، والدكتور زياد درويش، والشيخ حسن نجل الشيخ حسن موفق طريف الزعيم الروحي للطائفة الدرزية، علاوة على شيمون إلياهو غوزلان وشادية حامد ، واصفا اللقاء بـ"اليوم المبارك"، الذي يتم فيه وضع حجر الزاوية لتحقيق حلم مشترك بتأسيس "الصرح الموسوم بـ"المركز الدولي للتصالح بين الأديان" – على اسم الملك الراحل محمد الخامس.

وأشار إلى أن هذا المركز "من المزمع أن ينتهج نهج موروث الملك محمد السادس، الملك والقائد الحقيقي الذي يرسخ حياة التصالح والتعايش المباركين، وذلك بموجب نهج المحبة والاحترام المتبادل بين الأديان على حد سواء عبر تقدير صريح وجوهري ومن خلال مساواة تامة".