إيلاف من الرباط: قال نزار بركة ، الأمین العام لحزب الاستقلال المغربي (معارضة) إن المغرب يعيش محطة سياسية خاصة "ستفضي إلى تناوب ديمقراطي جديد".
وأوضح بركة، الذي كان يتحدث خلال حلوله اليوم الأربعاء، ضيفا على ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء، بالرباط، لمناقشة موضوع "حزب الاستقلال أمام تحدیات المشهد السیاسي والحزبي الوطني"، أن هناك "تحديات جديدة ينبغي مواجهتها"، مع رهان يتمثل في "جعل النموذج التنموي حقيقة"، بشكل يؤدي إلى "تغيير حقيقي، يبعث الأمل في نفوس المواطنين".
وتوسع بركة في استعراض مواقف حزبه، مشيرا إلى أن رسالة هذا الأخير تتمثل في أن "التغيير انطلق" وأن بوادره "حاضرة"، قبل أن يعدد عددا من الإشارات التي تؤكد انطلاق هذا المسلسل، مشيرا، أولا، إلى مشروع النموذج التنموي، ثم اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء، الشيء الذي يمثل، حسب قوله "نقطة تحول"، ستمكن بلاده من تموقع جيد على المستوى الجيو استراتيجي في المستقبل القريب، وأن يكون الحل الأقصى لقضية الصحراء هو الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية.
وأشار بركة إلى أن هذا التحول على مستوى قضية الصحراء أدى إلى بعض الأزمات، خصوصا مع إسبانيا والجزائر. قبل أن يستدرك قائلا إن المهم هو انطلاق ديناميكية جديدة أدخلت المغرب في منطق قوة إقليمية جادة بإمكانها أن تلعب دورا في أفريقيا وعلى مستوى المحيطين الإقليمي والدولي، مشيرا بذلك الى اشراف العاهل المغربي الملك محمد السادس على حفل إطلاق وتوقيع اتفاقيات تتعلق بمشروع مهيكل لتصنيع وتعبئة اللقاح المضاد لكوفيد- 19، ولقاحات أخرى بالمغرب، سيمكن البلاد من التوفر على قدرات صناعية وبيوتكنولوجية شاملة ومندمجة لتصنيع اللقاحات.
وتحدث بركة عن السياسات العمومية المتبعة، فقال إنها "أصبحت متجاوزة"، مشيرا إلى أن جائحة (كورونا) أبرزت "هشاشة الاقتصاد المغربي"، وعدد في هذا السياق بعض التراجعات التي مست عددا من المجالات، مشددا على ضرورة أن يكون الإنسان في صلب السياسات العمومية، وهو الشيء الذي ظهر مع عدد من الخطوات التي تم القيام بها، من قبيل طريقة تدبير عملية التلقيح وعودة مغاربة العالم، بشكل يؤكد أن هناك تحولا مهما سيؤدي إلى تغيير الفلسفة التي كانت تشتغل بها الحكومة.
وزاد بركة متحدثا عن الورش الكبير لتعميم الحماية الاجتماعية، وقال انه تحول ينقل المغرب من منطق تراكم الثروات إلى توزيع الثروات، بشكل يجعل من كل ذلك رسالة تهدف إلى وضع آليات للتضامن. واعتبر بركة كل ذلك "ثورة" و"قطيعة مع الماضي".
وتحدث عن عنوان آخر للتغيير، لخصه في دور الدولة مع وبعد الجائحة، وهو دور "الدولة الراعية" الذي "تم الرجوع إليه"، حسب قوله، بحيث تلعب دور المحرك للاستثمار بشراكة مع القطاع الخاص، عبر إعادة هيكلة القطاع العمومي من أجل خلق فرص الشغل وتحسين القيمة المضافة للمنتج المغربي وإعطاء دفعة للنمو. وشدد بركة على أن هذا الانطلاق في التغيير وتنفيذه يستلزم حكومة بفلسفة جديدة.
وربط بركة بين بوادر التغيير وموقع حزبه من كل ذلك، مشيرا إلى النتائج التي حققها حزبه في الانتخابات المهنية الأخيرة، والتي قال إنها بينت رسائل عديدة، على رأسها ان النقابة التابعة لحزبه (الاتحاد العام للشغالين بالمغرب) تبوأت المرتبة الأولى، لأول مرة في التاريخ، على مستوى القطاع الخاص، والثانية بين العام والخاص. واعتبر بركة هذه النتيجة تمثل "قفزة نوعية"، لافتا إلى أنه يبقى من المهم الإشارة إلى أنه بالنسبة للحوار الاجتماعي المقبل، ستكون هناك فقط ثلاث نقابات: نقابتان مستقلتان والنقابة القريبة من حزبه، فيما لن يكون بإمكان النقابات الأخرى التابعة لباقي الأحزاب المشاركة في الحوار الاجتماعي المقبل. ورأى بركة أن هذه النتائج تؤكد "ثقة الطبقة العاملة" في نقابة حزبه ، وأن "التغيير انطلق".
وأضاف بركة أن "التغيير قادم لا محالة"، مشيرا إلى إقبال كبير على التسجيل للمشاركة في الانتخابات المقبلة، وشدد على أن هناك "حاجة لتناوب يساير رغبة التعيير المعبر عنها"، مؤكدا استعداد حزبه لهذه المحطة الانتخابية.
وقال بركة إن حزبه يؤكد على أن المغرب إذا أراد أن يصير قوة إقليمية عليه أن يقوي الجبهة الداخلية ،وأن ينهض بأوضاع المغاربة، ويمكن البلاد من تجاوز بعض الإخفاقات، وأن تكون هناك قطائع، تنقل البلاد من مجتمع الريع إلى مجتمع الحقوق بقواعد تطبق على الجميع، بحيث يتم القطع مع سياسة الامتيازات، بالقطع مع سياسة الدفاع عن مصالح اللوبيات بالدفاع عن مصالح المواطنين بصفة عامة. كما دافع بركة عن الطبقة المتوسطة، داعيا إلى الكف عن استهدافها، والعمل على توسيع قاعدتها.
وانتقد بركة الحكومة، وتساءل " كيف لحزب يقود الأغلبية الحكومية أن يصوت ضد قانون طرحته الحكومة؟"، مشيرا إلى التراشق المستمر بين مكوناتها، وكيف أن لديها صعوبات، منتهيا، في هذا الصدد، إلى وصف هذه الحكومة بـ"الحكومة الأعجوبة".
في سياق ذلك، دعا بركة إلى حكامة أخرى، مبنية على الاندماج والتناسق، تسرع من وتيرة الإصلاحات. وشدد على أن منطق الحكامة الجيدة يلزمه أن يؤدي إلى حكومة منسجمة تنطلق من برنامج مشترك.
ولم يخف بركة أن الحكومة المقبلة ستواجه رهانات كبيرة وتحديات كبرى، من منطلق أن "هوامش التدخل شبه منعدمة"، حسب رأيه، في ظل تداعيات كورونا والوضعية الاجتماعية الهشة وإشكالية الثقة. ولذلك فـ"الأمر لن يكون سهلا"، ويتطلب "جرأة وتصورا للمستقبل وقدرة على إشراك الجميع".
وخلص بركة إلى القول بأن "المغرب له فرص وإمكانات من أجل الخروج من أزمة (كورونا)" و"أن نكون فاعلين جدد" في إطار النظام الذي يتم رسمه الأن، مشددا على أن المغرب يبقى "بحاجة إلى نفس جديد" وإلى "توجه واضح ينخرط فيه الجميع"، وبالتالي إلى "جبهة داخلية" وراء الملك للقيام بالإصلاحات، و"حكومة لها مصداقية ودعم شعبي".
وفي معرض رده على أسئلة الصحفيين، جدد بركة دفاعه عن دور الدولة، منتقدا الحكومة الحالية، مع تشديده على أن الشباب فرصة وليس عبئا. وبخصوص التحالفات مع أحزاب أخرى، قال بركة إن "المهم هو القطائع"، وأن "الأحزاب الغير مستعدة لمنطق القطائع لا يمكن أن نتحالف معها".
وبخصوص التحالفات القبلية، قال إنها "لا تُحترم"، وان منطقها "لا يصمد أمام تطورات ما بعد الانتخابات".
وعلى مستوى الوضع الداخلي للحزب، والجدل الذي أثاره أمينه العام السابق حميد شباط، بإعلان نيته الترشح للانتخابات المقبلة، قال بركة إن حزبه هو "حزب مؤسسات"، وأنه "ليس هناك فيتو ضد أي أحد"، غير أنه شدد على أن شباط له مكانته وعليه واجبات، وشدد على ضرورة "أن نبقى متجانسين مع اختياراتنا وتوجهاننا"، لافتا إلى أن "حزب الاستقلال عليه مسؤولية تاريخية لكي يلعب دوره في تحقيق التحول والتغيير".