إيلاف من لندن: شكك متخصصون وسياسيون في صدقية رسائل الطمأنة الايرانية لدول المنطقة وحذّروا من دورٍ لها في أفغانستان مثلما يحصل في العراق .. وشددوا على ان الغرب مسؤول عن ارتباك الاوضاع في مناطق دخل اليها بذريعة تصحيح الاوضاع فيها.


(الإعلامية راغدة درغام خلال اللقاء)

جاء ذلك ضمن الحلقة 40 من حلقات السياسة الإلكترونية التي تنظمها مؤسسة ”بيروت انستيتيوت“ تحت شعار الاستقرار بمفهومه الجديد: من يصيغ المستقبل؟
شارك في الندوة كل من الأمير تركي الفيصل، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية وشغل سابقا مناصب مدير المخابرات السعودية العامة وسفير الرياض لدى المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وتوبياس إلوود عضو البرلمان عن منطقة بورنماوث الشرقية، رئيس لجنة اختيار الدفاع، وهوشيار زيباري نائب رئيس مجلس الوزراء السابق، وزير الخارجية السابق، وزير المالية العراقي السابق، ومايكل نايتس زميل في معهد واشنطن متخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق، إيران، اليمن، ودول الخليج العربية. أدارت الندوة الإعلامية راغده درغام المؤسس والرئيس التنفيذي لقمة بيروت انستيتيوت في أبو ظبي

الامير تركي الفيصل

استهل مداخلات المتكلمين الامير تركي الفيصل معبرا عن الاسف لما يحدث في لبنان ومعانات شعبه مؤكدا ان مايحصل للبنانيين امر محزن.

وتحدث عن قضايا افغانستان والعراق وتونس وفلسطين والارهاب منوها الى ان ما يجري في افغانستان وسط تساؤلات الناس بين من يريد مغادرة الاميركان للبلد ومن يرى بقاءهم فان الامور هناك تبدو معقدة.

واشار الى ان الولايات المتحدة ضيعت فرصتين ثمينتين في الانسحاب بشرف من افغانستان قبل ذلك بوقت طويل اولهما عندما كانت تطارد بن لادن في جبال تورا بورا وكان عليها اعتقاله وانهاء الامر.. والثانية عندما قتلته وحينها كانت قادرة على اعلان النصر وانهاء الحرب لكنها انشغلت في العراق .

واوضح ان واشنطن اعلنت بعد ذلك موعد رحيلها عن افغانستان باليوم والدقيقة ومقابل ذلك شعرت طالبان بنجاحها في ارغام الاميركيين على الانسحاب والخروج من بلدها وهو ما ادى الى تغيير المفاوضات بينهما بشكل دراماتيكي لصالح الحركة.

واضاف ان هناك مسألة فلسطين وهي قضية لن تموت ولذلك فانه من المستغرب عدم اعتراف دول الغرب بدولة فلسطين استنادا للقرارات الاممية وهو امر غير عادل لم يؤدي الى استمرار مفاوضات السلام بين الفسلطينيين والاسرائيليين.

واضاف ان هناك ايران ايضا وطموحاتها في التوسع ليس في العالم العربي وحده وانما ايضا في مناطق اخرى في مختلف مناطق العالم منها افغانستان التي تقوم الان بتشكيل قوات للحشد الشعبي مثل العراق وهو امر يستحق الاهتمام.

وقال ان الحشد سيكون في افغانستان مثله مثل العراق اداة بيد ايران مثل حزب الله في لبنان والحوثي في اليمن لتحقيق طموحاتها. ونوه الى انه مثل مايحصل في العراق من توجيه المليشيات لصواريخها ومسيراتها ضد المنطقة الخضراء والسفارة الاميركية ورفض الاندماج في الجيش فانه في افغانستان سيقوم بالدور نفسه، مثل مهاجمة البعثات الدبلوماسية السعودية في ايران .

واشار الى انه بالنسبة للسعودية فانه ليس الحوثي وحده من يوجه الصواريخ والمسيرات اليها وانما هناك هجمات ضدها من العراق وهو من تنفيذ ايراني.

وشدد الفيصل على انه ليس متفائلاً من نجاح المفاوضات السعودية الايرانية في بغداد في المستقبل القريب على الاقل موضحا ان هناك مؤشرات على ذلك .. وشدد على انه مالم تغير ايران سياساتها وسلوكياتها فلن يتحقق التقارب .. مضيفا ان هناك دلائل تؤكد الان عدم التغير المطلوب هذا.

اما بالنسبة لقضية الارهاب فقد اشار الفيصل الى ان هذه المسألة ستستمر وهو ما يستدعي الحذر والاستعداد لمنعه من تحقيق مكاسب.

ثم تطرق الى التطورات الاخيرة في تونس منوها الى ان ماحصل هناك لم يثر استغرابه منوها الى وجود اتجاهين في البلاد الاول هو الاخوان المسلمون وسلطتهم ثم الاتجاه المتوسطي المدني وهو ما تدعمه السعودية.

وشدد الامير فيصل على ضرورة عدم تجاهل مايحدث في افغانستان مشيرا الى انه اذا لقيت حكومة كابول الرسمية دعما اميركيا غربيا فانها ستصمد وتدخل المفاوضات مع طالبان بقوة.

وبالنسبة للعراق اوضح الفيصل ان السعودية تريد للكاظمي ان ينجح منوها الى انها تتعامل مع جميع العراقيين كعراقيين فحسب من دون التفرقة بين شيعي او سني او كردي اومسيحي وقال "نريد للعراقيين ان يبقوا عراقيين وليس كمليشيات الحشد او حزب الله في لبنان وغيرهما".


(الأمير تركي الفيصل خلال اللقاء)


توبياس إلوود

وأشار توبياس الوود الى أن السؤال المهم المطروح الان، هو: هل سيكون العالم مستقرا ام مضطربا خلال السنوات الخمس المقبلة فاجاب بأن الجميع يتساءل الى اين يتجه العالم الان مع نمو التسلح وكأنه يعود الى حقبة الثمانينات ومع تغير الوقت ومعه التحديات .. منوها الى ان الغرب وبشكل جماعي عرضة للخطر فهناك افغانستان التي لم يتعلم الغرب من دروسها وكان عليه ان يتعامل حولها مع اصدقائه المسلمين ازاء الكيفية التي يمكن ان تساعد البلد على التقدم اضافة الى رفضه منذ عام 2001 الجلوس مع طالبان لانه كان يعتقد انه المنتصر هناك.

وقال لكنه عندما قررت الولايات المتحدة اخيرا التفاوض مع طالبان فان هؤلاء لم يعودوا كما كانوا حيث اصبحوا اكثر قوة.

ووجه اللوم الى الغرب والولايات المتحدة خاصة لانه لم يسمحوا للافغان خاصة في السنوات الخمس الاولى من دخولهم الى البلد بادارة امن بلدهم وسلطتهم الرسمية، وانما حاولو تطبيق النموذج الغربي هناك قبل ان يعرفوا طبيعة الهوية والثقافة الافغانية وكذلك تاريخ البلد.

واضاف انه بدل تعلم الدروس من هناك فقد ذهبت جيوش الغرب الى العراق في مهمة لم تكن ضرورية وبدلا ان يحرروه قاموا باحتلاله.

واعتبر ان مغادرة أفغانستان الان هزيمة، لان التدخلات العسكرية هناك كانت أسرع من وضع سياسات صحيحة لما بعد التدخل.. منوها الى ان السؤال الان هو: ماذا سيحصل في افغانستان التي تحيطها الهند وباكستان وايران والصين وروسيا في منطقة مهمة من العالم؟

وعن الاوضاع في العراق اشار الى ان مايحدث هناك ودور الحشد الشعبي في عدم استقرار البلد دليل على ان الغرب لم يكمل المهمة هناك ايضا وسمح للمتطرفين بالهيمنة على الاوضاع مثلما حصل في افغانستان والصومال .. وشدد بالقول: على اميركا ان تتعلم انها لن تنجز مثل هذه المهمات بشكلٍ صحيح بدون التعاون مع حلفائها في الغرب.

وعن الاوضاع في افغانستان والعراق، فقد اشار انها تدعو الغرب للاستيقاظ والعمل معا لمواجهة التحديات.


(توبياس إلوود خلال اللقاء)

هوشيار زيباري

ومن جهته اشار هوشيار زيباري الى ان العالم يواجه حاليا تحديات مشتركة فالعالم توحد لمواجهة جائحة كورونا .. ونوه الى انه بالنسبة للعراق فانه لم يستقر ليس منذ عام 2003 وانما قبل ذلك بسبب الحرب العراقية الايرانية وغزو العراق للكويت وهو ما ادى الى معاناة كبيرة للعراقيين في مختلف جوانب حياتهم.

واضاف انه وسط ذلك ليس هناك كرة بلورية لقراءة احداث المستقبل من خلالها وهو امر صعب.. واستدرك بالقول لكن المؤشرات تبين عدم وجود اجماع دولي على عمل يجعل العراق يتجاوز اوضاعه الحالية في مغامرات تدخل اخرى اضافة الى تغير المناخ السياسي الدولي.

واوضح ان تغيير مهمات القوات الاميركية في العراق التي دعتها حكومته لمساعدتها على مواجهة تنظيم داعش مهم برغم ان هذه ليست كطالبان لان داعش ظاهرة تحدي عالمية .

ونوه الى ان الاوضاع في العراق تحتاج الى مواجهة وهذا نداء الى الرئيس الاميركي بايدن وهو الخبير في شؤون العراق ومنطقة الشرق الاوسط .. وقال انه يعتقد ان ادارة بايدن مهتمة بالاوضاع الامنية في العراق ولن تتخلى عنه وستبقى تدعم اصدقاءها هناك وهو امر مشجع. وبين ان هناك انتظار لرد فعل المليشيات واللاعبين الاخرين في العراق حول الحفاظ على ماتم من انجاز عسكري.

واوضح زيباري ان العراق لم يعرف كيف يستفيد مما قدمته له الولايات المتحدة خلال مفاوضاتهما عام 2008 .. لكنه يبدو فائزا في مفاوضات الكاظمي الاخيرة معها .. منوها الى انه يعتقد ان التاثير الايراني في العراق سيبقى قويا على المستوى المنظور على الاقل.

وقال ان ايران تحاول تكرار تجربة الحشد الشعبي العراقي في افغانستان

حيث ستحاول هناك السيطرة على القوات الامنية والمؤسسات الحكومية .. منوها الى ان الكاظمي ينتهج في مواجهة ذلك سياسة التهدئة.

وعن ممارسات المليشيات العراقية اشار الى انها مستمرة بمهاجمة اربيل وبغداد ومناطق اخرى بالصواريخ والمسيرت في دليل على دور ايران في المنطقة. واشار الى انه غير متفائل بالنسبة للسياسات الايرانية الاخيرة التي تبعث برسائل طمأنة .. وتساءل بالقول : لكن الى اي مدى تحمل هذه الرسائل مصداقية .. لانعرف!


(هوشيار زيباري خلال اللقاء)


مايكل نايتس

اما نايتس، فقد اشار الى انه كان في واشنطن خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لها حيث التقى هناك مع مسؤولين ومتابعين ومختصين .. وقال ان الاعتقاد هناك انه لامر رائع ان الكاظمي ظل مشغولا منذ توليه السلطة بالحوار الاستراتيجي العراقي الاميركي من اجل تحقيق افضل العلاقات وفي مختلف المجالات بين البلدين ودور القوات الاميركية في بلاده.

وقال انه برغم وجود المليشيات في العراق الا ان توجه الادارة الاميركية الجديدة تجاه ايران الان هو العمل على التقليل من التأثير السلبي لها في المنطقة وهو مايؤشر عدم اندلاع حرب جديدة هناك.

ونوه الى ان تغيير مهمة القوات الاميركية في العراق من قتالية الى غير قتالية امر مهم. واضاف ان المسؤولين الاميركيين يعتقدون ان المليشيات العراقية المرتبطة بايران لن تكف عن مهاجمة المصالح الاميركية هناك، لكنهم يرون ان الرد على ذلك سيكون بضربات غير مميتة كثيرا .



(مايكل نايتس خلال اللقاء)