إيلاف من الدار البيضاء: نظمت جمعية أصدقاء غوتنبرغ-المغرب نهاية الاسبوع الماضي بالدار البيضاء، الفصل الاحتفالي العاشر لرفاق غوتنبرغ، فرع المغرب، الذي نظم بعد توقف دام قرابة ثلاث سنوات، بسبب تفشي جائحة كورونا، وشكل مناسبة لتجديد وتعزيز التزامات الجمعية، التي تحمل اسم مخترع المطبعة (غوتنبروغ)، بالمساهمة الفعالة في تعزيز وتطوير القراءة والثقافة.
وتم خلال هذا الحفل، الذي تميز بحضور شخصيات بارزة من مجالات مختلفة، يجمعها الهدف النبيل المتمثل في نشر حب القراءة، انضمام خمس شخصيات إلى "أصدقاء غوتنبرغ".

صورة تجمع محمد برادة ونبيل بن عبد الله وفليب جوردان وخليل الهاشمي وعبدو موقيت


ويلتزم هؤلاء الأعضاء الجدد المنتمون إلى قطاعات التعليم، والأدب، والفنون والإعلام، كل من مجال عمله، بالدفاع عن الإنسانية والتعددية وقبول الآخر، وهي القيم التي يجسدها غوتنبرغ، مخترع المطبعة. كما يلتزم هؤلاء الرفقاء الجدد، الذين قدمهم خليل الهاشمي الإدريسي، الضابط الكبير، رئيس جمعية أصدقاء غوتنبرغ - المغرب، بنشر الثقافة المغربية واللغة العربية والدفاع عنهما، بالإضافة إلى اللغة الفرنسية التي تعد اللغة الرسمية للجمعية. وأدى هؤلاء الأعضاء القسم أمام فيليب جوردان، الأستاذ الكبير للجمعية، متعهدين بالعمل على بناء عالم عادل، تسوده الأخوة، في إطار احترام الثقافات الأخرى. كما تميز الفصل العاشر للجمعية بالارتقاء بستة من الأعضاء إلى مناصب عليا رفيعة على يد الأستاذ الكبير للجمعية، اعترافا بتفانيهم وأعمالهم الجديرة بالثناء، في الدفاع عن قيم غوتنبرغ.
كما كان من أبرز لحظات حفل انعقاد الفصل الاحتفالي العاشر، تقديم القادة، وهي الرتبة الأعلى في الجمعية. وحسب حاجب الجمعية، عبده موقيت، فإن القادة هم رفقاء "يعملون يوميا من أجل الإشعاع الثقافي". ويتعلق الأمر بعبد الجليل الحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة، ومحمد نبيل بنعبد الله الوزير السابق والامين العام لحزب التقدم والاشتراكية ( معارضة برلمانية) .
وأبرز الهاشمي الإدريسي، في كلمة ألقاها بالمناسبة، الطموح الملموس في ما يخص المجال الثقافي، والشغف الحقيقي بالفعل الثقافي اللذين يحملهما العاهل المغربي الملك محمد السادس.

لحظة تقديم سعاد الطيب المديرة العامة لاذاعة مونت كارلو الدولية


وزاد الهاشمي الإدريسي قائلا "في المغرب، هناك طموح ملموس للثقافة، وشغف حقيقي بالفعل الثقافي يحملهما الملك محمد السادس منذ بداية توليه الحكم".
وقال إن "الفضاء المغربي، في كل أراضيه، يسطع بإنجازات ثقافية ومعمارية متميزة تمنح لبلادنا، بفضل الأوراش الملكية، وزنا إقليميا مهما"، مشيرا إلى أن "المسارح الكبرى في الرباط والدار البيضاء، التي تعد منشآت ثقافية ذات مكانة دولية، ومتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، وازدهار المتاحف في جميع أنحاء المملكة، والمهرجانات الحديثة التي يضفي انتظامها إيقاعا خاصا للحياة في المدن، والدعم المالي الشامل والسخي، لفائدة الفاعلين الثقافيين في جميع المجالات، تشكل جميعها ركيزة لسياسة ثقافية تقارب النضال الحازم".
في سياق ذلك ، أشار الهاشمي الإدريسي إلى أن أكاديمية المملكة المغربية، باعتبارها مؤسسة "استراتيجية" تعكس بشكل تام، الطموح الملكي في ما يخص المجال الثقافي، والتي تعمل على استعادة حقيقية للحياة الثقافية، وتجديد لا يمكن إنكاره للفكر، مع اتباع نهج إنساني يوحد البلدان والقارات. وأبرز أنه "من خلال نشاط تحريري مكثف، وتنظيم لقاءات وندوات أكاديمية متعددة، أصبحت هذه المؤسسة محورا عالميا لإعادة بناء الحضارات من خلال المعرفة، والاحترام المتبادل، والتعايش الثقافي المثمر".
وبعد أن أكد على فخر جمعية أصدقاء غوتنبرغ - المغرب بالعمل في خدمة الثقافة والمساهمة في التفاهم والصداقة بين الشعوب، وعلى الضمانة التي يمثلها الانتساب الدولي على صعيد الغنى الثقافي، والسلام والتعايش بين الجميع وفي كل مكان في إطار الحضارة المغربية التي تعود إلى قرون، رأى الهاشمي الإدريسي أن إحدى السمات الرئيسية لأصدقاء غوتنبرغ - المغرب تكمن في التنوع والقيم الإنسانية، وروح التبادل والمشاركة بين أعضائها.

لحظة تقديم الصحافي عبد الحميد جماهري

وخلص الى القول "ما الذي يمكن أن يكون أكثر روعة وبهجة من أن يكون الشخص بمثابة ناقل ثقافي يعمل من ضفة إلى أخرى، ومن ثقافة إلى أخرى ومن حضارة إلى أخرى. إن فكرة خلق جسر بين الحضارات تعد أكثر إنتاجية لخدمة الإنسانية من ألف رغبة عقيمة لإثارة الحروب ".

من جانبه، أشار فيليب جوردان إلى أن المهمة الرئيسية لجمعية أصدقاء غوتنبرغ - المغرب، تكمن في تعزيز الكتابة والطباعة، والقراءة والثقافة بجميع أشكالها. وزاد قائلا : "نجتمع في كل فصل للاحتفال بالكتابة دون تحفظ، بثقة وحماس لكي تبقى الكتابة على قيد الحياة، بل والأكثر من ذلك، حتى تنمو وتزدهر، وتقاوم الهجمات وتتغلب على كل التهديدات". كما شدد على أن "الكتابة هي الحافظة للثقافة"، مبرزا أن "الدفاع عن الثقافة يعد اليوم أكثر أهمية، في الوقت الذي نعيش فيه تحت تهديد حرب حقيقية".
وتحدث جوردان عن الإشعاع الثقافي في المغرب، "البلد الضاربة جذوره في عمق التاريخ، الوريث لقرون من التقاليد"، ملاحظا أنه " لا شيء جامد في المملكة"، مبرزا أن "الثقافة المغربية حية، تشكلت من خلال تأثيرات عديدة، وبالإضافة إلى ذلك، تمكن المغرب من تثمين تقاليده، مع تطوير حداثة سمحت له بالتألق والإشعاع بشكل أكبر على المستوى العالمي".
من جهته، أشار محمد برادة ، الرئيس الفخري لجمعية أصدقاء غوتنبرغ - المغرب، إلى أن هذه الجمعية تهدف إلى تعزيز الثقافة وتشجيع الكتابة والقراءة من خلال عدة أعمال، مستشهدا ببرنامج "كيف أن القراءة غيرت حياتي"، بالإضافة إلى الورشات التمهيدية حول مختلف جوانب الثقافة بالمعنى الواسع.
وأضاف أنه بعد الإغلاق بسبب الوباء "يسعدنا أن نعود ببرنامج نقوم بوضعه لمحاولة تحقيق الأهداف التي وضعناها لأنفسنا في خدمة ثقافة بلدنا وثقافته العالمية".
بدوره، أشار محمد الفران ، مدير المكتبة الوطنية للمملكة المغربية ، وعضو الجمعية، إلى أن الفصل العاشر يعد فرصة جديدة للتعرف على الإشكالات والإكراهات المتعلقة بالثقافة في البلد والمرتبطة بالنموذج التنموي بوصفه خارطة طريق للتنمية الثقافية سواء على المستوى الوطني وبالخصوص على المستوى الجهوي بما يفرضه ذلك من تحديات على المستوى التنموي.
وتضم جمعية أصدقاء غوتنبورغ - المغرب، التي رأت النور في أبريل 2010، من خلال توأمة مع جمعية أصدقاء غوتنبورغ - فرنسا، مجموعة من الشغوفين والمهتمين بالكتابة، بهدف المساهمة بشكل فعال في تعزيز وتطوير القراءة والثقافة، من خلال المساهمة في بناء عالم عادل تسوده روح الأخوة والاحترام لكافة الثقافات.
تجدر الإشارة إلى أن جمعية أصدقاء غوتنبورغ، أنشئت بفرنسا سنة 1979، قبل أن يتوسع مجالها من خلال عمليات توأمة على المستوى العالمي.