طوكيو: حضر آلاف الأشخاص الثلاثاء مرور موكب جنازة رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي الذي اغتيل الجمعة، من أمام مقرات تحمل قيمة رمزية في طوكيو بعد إقامة مراسم الجنازة.

وجرت المراسم بعد الظهر في معبد زوجوجي البوذي في وسط العاصمة اليابانية، بحضور خصوصًا آكي أرملة آبي، ورئيس الوزراء الحالي فوميو كيشيدا.

وتوجه عدد كبير من الأشخاص بشكل عفويّ منذ الصباح إلى أمام المعبد تكريمًا للقيادي (37 عامًا) الذي أثار اغتياله صدمة في البلاد.

وقال تسوكاسا يوكاوا (41 عامًا) لوكالة فرانس برس "أنا مصدوم وغاضب. لا أستطيع التغلب على حزني، فجئتُ لأضع الزهور وأصلّي". وأضاف "كنتُ أحترمه فعلًا. كان رئيس وزراء كبيرًا وفعل الكثير لتعزيز حضور اليابان في العالم".

ويُفترض أن تقام مراسم تكريم عامة في تاريخ لاحق في طوكيو في مقاطعة ياماغوشي (جنوب غرب)، التي كان آبي أحد ممثليها في البرلمان.

بعد مراسم الجنازة، غادر الموكب المعبد ومرّ أمام المؤسسات السياسية التي تولى فيها آبي مناصب خلال مسيرته المهنية وهي البرلمان ورئاسة الوزراء ومقرّ الحزب الليبرالي الديموقراطي (يمين قومي) الحاكم.

وأمام كلّ مقرّ، انحنى وزراء ومسؤولون وموظّفون ضامّين أيديهم عند مرور الموكب.

وكانت آكي آبي تجلس في مقدمة السيارة السوداء وتحمل لوحة خشبية كُتب عليها الاسم الذي أُعطي لزوجها بعد الوفاة، بحسب التقليد البوذي.

وشارك أكثر من ألفي شخص الاثنين في إلقاء نظرة الوداع على آبي في المعبد نفسه، بينهم كيشيدا ممثلًا الامبراطور ناروهيتو، إلى جانب شخصيات سياسية واقتصادية يابانية ودبلوماسيين أجانب.


مواطنون يشاركون في وداع آبي

مواقف

وألقت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، الموجودة أصلا في طوكيو لمحادثات تسبق اجتماع وزراء المال في مجموعة العشرين في بالي، نظرة الوداع على آبي، كما أجرى نائب رئيس تايوان زيارة خاصة إلى طوكيو لهذه المناسبة.

وأعلن وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي الثلاثاء أن أكثر من 1700 رسالة تعزية وصلت في المجمل من 259 دولة ومنطقة ومنظمة دولية.

وبحسب وسائل إعلام محلية، سيُمنح آبي وسام الأقحوان الكبير وهو الأعلى في الأرخبيل.

واستُهدف آبي الجمعة بإطلاق نار أثناء مشاركته في تجمّع انتخابي في نارا في غرب اليابان قبيل انتخابات لتجديد نصف مقاعد مجلس الشيوخ أُجريت الأحد في أجواء من الحزن وحقق فيها الحزب الليبرالي الديموقراطي الذي ينتمي إليه آبي فوزًا مريحًا كما كان متوقعًا.

وعرّفت الشرطة عن المشتبه به في عملية القتل الذي أوقف في مسرح الجريمة، بأنه تيتسويا ياماغامي (41 عاما) وكان عنصرًا سابقًا في سلاح البحرية الياباني.

وأفادت مصادر مطلعة على التحقيقات الإعلام المحلي بأن ياماغامي شاهد مقاطع مصوّرة على "يوتيوب" تعلّم من خلالها صناعة أسلحة نارية في المنزل مثل ذاك الذي استخدم في الهجوم.


المواطنون ينحنون احتراماً للراحل خلال مرور موكب جنازته

أسباب الاغتيال

وأكد المشتبه به أنه استهدف آبي بشكل متعمّد لاعتقاده أنه ينتمي إلى منظمة لم يُعلن عن اسمها رسميا بعد.

وذكرت تقارير إعلامية يابانية أنه يحمّل المجموعة التي وصفت بأنها منظمة دينية، مسؤولية الصعوبات المالية التي تواجهها عائلته نظرا إلى أن والدته قدّمت تبرّعات كبيرة لها.

والاثنين ذكرت "كنيسة التوحيد"، وهي حركة دينية عالمية تأسست في كوريا في خمسينات القرن الماضي، أن والدة ياماغامي عضو فيها لكنّها أشارت إلى أن آبي ليس عضوًا ولا مستشارًا فيها.

وآبي متحدر من أسرة معروفة في عالم السياسة وكان أصغر رئيس وزراء سنًا في البلاد بعد الحرب لدى توليه السلطة أول مرة عام 2006 عندما كان يبلغ 52 عاما. وتولى منصب رئيس الوزراء لأطول فترة في تاريخ البلاد في 2006-2007 ثمّ من جديد في أواخر العام 2012 وحتى صيف 2020.

وكان آبي قوميًا وبراغماتيًا في آن معًا، وقد طبعت مسيرته المهنية سياسته الاقتصادية التي أطلقت عليها تسمية "آبينوميكس"، وتجمع بين زيادة الميزانيات والليونة النقدية والاصلاحات الهيكلية.

وكان يرغب في تعديل الدستور السلمي الياباني الذي وضعه الأميركيون المحتلون عام 1947 ولم يتم تعديله مذاك.

واضطر إلى الاستقالة لأسباب صحية لكنّه بقي شخصية مؤثّرة جدًا في حزبه الذي تزعمه لوقت طويل.