إيلاف من لندن: أعلن زعيم التيار الصدري في العراق الاثنين اعتزاله العمل السياسي نهائياً، فيما اقتحم انصاره باحات القصر الجمهوري في المنطقة الخضراء حيث أُعلِنَ الاستنفار الأمني.


وقال الصدر في تغريدة على "تويتر" تابعتها "إيلاف اليوم "يظن الكثيرون بما فيهم السيد الحائري (مرجع شيعي مقيم في ايران) أن هذه القيادة جاءت بفضلهم أو بأمرهم، كلا إن ذلك بفضل ربّي أولاً، ومن فيوضات السيّد الوالد قدّس سرّه.. الذي لم يتخلّ عن العراق وشعبه".

وأشار الى انه "على الرغم من استقالته فإنّ النجف الأشرف هي المقرّ الأكبر للمرجعية كما هو الحال دوماً.. وإنني لم أدّع يوماً العصمة أو الاجتهاد ولا حتى (القيادة) إنما أنا آمرٌ بالمعروف وناهٍ عن المنكر ولله عاقبة الأمور.. وما أردت إلا أن أقوّم الإعوجاج الذي كان السبب الأكبر فيه هو القوى السياسية الشيعية باعتبارها الأغلبية وما أردت إلا أن أقرّبهم الى شعبهم وأن يشعروا بمعاناته عسى أن يكون باباً لرضا الله عنهم.. وأنّى لهم هذا".

تغريدة الصدر الاثنين 29 اغسطس 2022 عن اعتزاله العمل السياسي (تويتر)

واوضح قائلا "على الرغم من تصوّري أنّ اعتزال المرجع لم يك من محض إرادته.. وما صدر من بيان عنه كان كذلك أيضاً. . إلا إنني كنت قد قررت عدم التدخل في الشؤون السياسية، فإنني الآن أعلن الاعتزال النهائي وغلق كافة المؤسسات إلا المرقد الشريف والمتحف الشريف وهيئة تراث آل الصدر الكرام.. والكل في حلّ منّي.. وإن مكّ أو قتلت فأسألكم الفاتحة والدعاء".
وختم زعيم التيار الصدري تغريدته المُفاجئة قائلا "آخر دعوانا أن الحمد له ربّ العالمين سائلاً العلي القدير أن يثبتنا على نهج الشهيدين الصدرين (تقدست أرواحهم الطاهرة".

وكان المرجع الشيعي الحائري الذي تتبع مرجعيته قوى عراقية قد اعلن اليوم اعتزاله العمل المرجعي نظرا لظروفه الصحية وتقدمه في العمل موصيا اتباعه بالولاء للمرشد الاسراني علي خامنئي.

الرئاسات تبحث قرار الصدر

ومن جهتها أكدت الرئاسات الأربع اليوم على ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار والمسار الديمقراطي والدستوري في العراق معتبرة ان ذلك هو واجب جميع العراقيين داعية إلى الإيقاف الفوري للتصعيد الإعلامي الحالي والذي يؤثر سلباً على مصالح البلد.

وقالت رئاسة الجمهورية في بيان صحافي حصلت "ايلاف" على نصه أن "رئيس الجمهورية برهم صالح استضاف اليوم، اجتماعاً ضم السادة رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، لبحث المستجدات على الساحة الوطنية".

وأكد الاجتماع أن "الحفاظ على الأمن والاستقرار والمسار الديمقراطي والدستوري في العراق هو واجب جميع العراقيين، كما هو واجب مؤسسات الدولة والقوى السياسية الوطنية، وأن الحوار البنّاء هو الطريق السليم لإنهاء كل الخلافات الحالية حفاظاً على مقدرات البلاد".

وشدد المجتمعون على تقديرهم الحال "لطروحات الإصلاح على كل المستويات وتطوير عمل المؤسسات المختلفة ومحاربة الفساد، وضرورة أن يأخذ الحوار الوطني مداه لمناقشة كل ما من شأنه ترجمة تطلعات شعبنا الكريم إلى واقع فعلي".

ودعت الرئاسات جميع القوى الوطنية إلى "تحمل المسؤولية في الظرف الحالي الذي تعيشه البلاد، بما يشمل اعتماد التهدئة على كل المستويات وإيقاف التصعيد السياسي بما يسمح بمناقشة مثمرة للحلول الآنية المطروحة ومناقشة للوضع السياسي العام وتحسين بيئة العلاقات بين القوى السياسية المختلفة على قاعدة المصلحة الوطنية العليا وعلى أساس مقتضيات الإصلاح بمستوياتها العديدة".

وشددت الرئاسات على "الإيقاف الفوري للتصعيد الإعلامي الحالي والذي يؤثر سلباً على مصالح البلد ويثير القلق بين الناس".

اقتحام القصر الجمهوري في الخضراء والأمن يُعلِن الاستنفار

واثر اعلان الصدر اعتزاله العمل السياسي فقد تدفق الالاف من انصاره على المنطقة الخضراء وسط بغداد حيث دخلوها رافعين صور زعيمهم والاعلام العراقية داعين اياه بالعدول عن قراره.

واعلنت اللجنة المنظمة لتظاهرات الصدريين انتهاء عملها وحذرت من انها قد فقدت السيطرة على تحركاتهم.
ومن جهتها قررت القوات الامنية اعلان حالة الاستنفاء في الخضراء ومنع اي اعمال قد تخل بالامن في المنطقة التي تضم الرئاسات والسفارات الاجنبية تتقدمها الاميركية والبعثات الاممية والاوروبية وذلك اثر اقتحام متظاهرين لباحات القصر الجمهوري هناك فيما اكدت قيادة العمليات العسكرية المشتركة مسؤوليتها عن المحافظة على امن البعثات الدبلوماسية داعية المتظاهرين الى الانسحاب من المنطقة فورا والتي وصلتها تعزيزات عسكرية عاجلة.

تعليمات

واصدر مكتب الصدر ثلاثة توجيهات حول التعامل مع نشاط التيار الصدري ودوره السياسي والحكومي.
وحظر المكتب في بيان تابعته "ايلاف" التعامل باسم التيار الصدري في جميع الامور السياسية والحكومية ومنع رفع الشعارات والهتافات باسم التيار.
كما قرر حظر استعمال اي وسيلة اعلامية او شبكات التواصل الاجتماعي باسم التيار الصدري.

من هو مقتدى الصدر

رجل الدين والزعيم السياسي مقتدى الصدر هو ابن آية الله محمد صادق الصدر الذي يحظى بتقدير واسع باعتباره بطل الكفاح الشيعي والذي اغتاله صدام حسين سنة 1999.

وبحكم حصوله على 73 مقعدا في البرلمان في آخر انتخابات تشريعية، فإن مقتدى الصدر يعد بمثابة "صانع الملوك" في العراق. ففوز الصدر قائد مليشيا "جيش المهدي" التي حاربت القوات الأميركية بعد غزوها العراق سنة 2003 بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية جعله يطمح لفرض "حكومة أغلبية" وتقديم مرشحه لتولي رئاسة الوزراء بعد نجاحه في تشكيل تحالف مع أحزاب "العزم" و"التقدم" السنية والحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني لكن محاولاته باءت بالفشل كما قالت وكالة الصحافية الفرنسية في تقرير لها تابعته "ايلاف".

يقدم الصدر نفسه في المعارضة، راسما لنفسه صورة لخصم النخبة السياسية، لكنه في نفس الوقت في قلب السلطة، بيديه تشكيل الحكومات أو إسقاطها.

وبسبب مواقفه الشعبوية، نجح في تثبيت نفسه القوة السياسية الأولى في العراق خلال الاقتراع الأخير. مستفيدا من قاعدة أنصار ترى فيه بطل القومية العراقية، يبدو أن الصدر - المتهم من منتقديه بتقلب مواقفه السياسية- لا ينوي تسليم السلطة لخصومه في طائفته الشيعية. حيث يطالب الصدر خصومه الشيعة بقبول حل البرلمان ومواجهته مرة أخرى عبر صناديق الاقتراع في انتخابات مبكرة.

وفي دليل على قدرته على تحريك الحشود، طلب الصدر من نوابه في البرلمان تقديم استقالتهم فاسحا المجال أمام خصومه لتشكيل حكومة. لكنه قرر فيما بعد، في 30 تموز يوليو الماضي إرسال أنصاره لاقتحام البرلمان حيث احتلوا مقره لمدة أسبوع قبل أن يبدأوا اعتصاما في حدائقه وفي محيطه احتجاجا على ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء.