إيلاف من بيروت: ولى عهد بوريس جونسون، ووصلت ليز تراس إلى 10 داونينغ ستريت، متزعمة حزب المحافظين، بعد أشهر من الأخذ والرد، والتنافس المرير مع ريتشي سوناك.

كان يومًا تاريخيًا في المملكة المتحدة، إذ تمثل تراس رابع شخصية محافظة تستلم سدة الحكومة البريطانية في 12 عامًا.

في هذا اليوم التاريخي، كان تناول الصحافة البريطانية للحدث الجلل دليلًا واضحًا على حال الأمة البريطانية: إنقسام شديد، بين من يرى في تراس خشبة خلاص للبلاد، ومن يشكك في قدرة رئيس الوزراء الجديدة على تجاوز الأزمات التي تمر فيها بريطانيا، وفي مقدمها أزمة الغاز.

تيار مرحب

ذروة الترحيب بالآتية إلى الحكم كانت من "ديلي ميل" التي عنونت صفحتها الأولى: "تحين الساعة، فتأتي المرأة..."، مع التذكير بأنها تخطط لاستراتيجية تقوم على "الصدمة والرعب"، بشأن فواتير الطاقة والضرائب والهيئة الصحية الوطنية، "كي تترك بصمتها على بريطانيا'.

والترحيب نفسه لقيته تراس من "ديلي إكسبريس"، بعنوان بالبنط العريض: "ثقوا في تراس كي نعزز مكانة بريطانيا". تقول الصحيفة إن حزب المحافظين وضع ثقته في تراس لإقناع الأمة بأنها رئيسة الوزراء التي يمكنها فعليًا الوفاء بها الوعد، وتعترف بأن الأمر لن يكون سهلًا، لكنها متفائلة بنجاح تراس في مهمتها.

التفاؤل والترحيب مستمران لكن مع بعض الحذر مع صحيفة "تايمز" التي تقول في عنوانها الرئيسي إن تراس مدعوة للمباشرة في العمل، متوقعة أن يون أول قرار لها تجميد فواتير الطاقة لكل أسرة، وسط مخاوف من إفلاس جماعي، حيث تواجه بعض المرافق السياحية زيادة في تكاليف الطاقة تصل إلى سبعة أضعاف. وبحسب الصحيفة، مقترحات تراس ستلزم دافعي الضرائب تغطية فواتير الطاقة البريطانية، إن تجاوزت حدًا معينًا، للتخفيف من المصاعب الاقتصادية.

تيار مشكك

على المقلب الآخر من المشهد السياسي البريطاني، تعترف "غارديان" الليبرالية بأن تراس فازت في المنافسة، وهي اليوم زعيمة حزب المحافظين الجديدة ورئيسة الوزراء في بريطانيا... لكن، "هل تستطيع تجنب الأزمة التي تلوح في الأفق؟". وتحذر "غارديان" من حزب "منقسم بشدة"، مدعية أن بعض النواب المتمردين يخططون لإطاحة تراس. وتعتقد أن تراس ستتحدى الدعوات إلى الوحدة، وستعين ما تسميه "مجلس من الوزراء الموالين".

أما "ديلي ميرور" فترى احتمالاً ضئيلاً للتغيير في الحكومة الجديدة، مع رئيسة وزراء محافظة هي رابع من يتولى ها المنصب من المحافظين منذ 12 عامًا. تغطي صورة منسقة لديفيد كاميرون وتيريزا ماي وبوريس جونسون وليز تروس على الصفحة الأولى... وعليها عنوان مثير: "نفس المحافظين القدامى". بحسبها، دمر رؤساء الوزراء المحافظين الاقتصاد على مدى 12 سنة ماضية، "دمروا خدماتنا العامة، وتركوا الملايين من الناس في وضع أسوأ".

وتحتفي صحيفة "ديلي ستار" باليوم الأخير من زعامة بوريس جونسون بصور له وهو يسحب وجوهًا مختلفة، صورة تلخص 1139 يومًا في منصبه، لخصتها الصحيفة بكلمتين: "نهاية الخطأ".

تيار ثالث

بعيدًا عن الترحيب أو التشفي، مالت صحف بريطانية أخرى إلى الإضاءة على قضية الغاز الملحة، التي تحتاج إلى حلول عاجلة.

قالت صحيفة "فايننشال تايمز" إن تراس سترسم "مخططًا هائلً" لتجنب البؤس الأسري وانهيار الأعمال. وهي تعتقد أنها ستقدم حزمة لعامين لتخفيف الطاقة التي قد تصل تكلفتها إلى 100 مليار جنيه إسترليني.

"ليز تدوس قدمها على الوقود" هو عنوان صحيفة "ذا صن"، التي ترجح أن تقرر تراس تدميد فواتير الطاقة في البلاد أربعة أشهر على الأقل.

وعلى المنوال نفسه نسجت صحيفة "آي" قائلةً إن تراس تخطط لتجميد فواتير الغاز والكهرباء بمتوسط تكلفتها السنوية الحالية التي تقل قليلا عن 2000 جنيه إسترليني حتى نهاية يناير 2023، فيما ذكرت صحيفة "ديلي تلغراف" أنه يمكن تجميد الفواتير فترةً أطول - حتى عام 2024، أي حتى تقترب الانتخابات العامة المقبلة.