إجلاء القوات الروسية من سوريا وتوطيد العلاقات مع طهران وتحديث الإستراتيجية الأميركية ليست أخبار سارة لإسرائيل. فعلى الرغم من الخطر عليها ليس فوريًا. لكنه ملموس جدًا.

إيلاف من بيروت: إلى جانب النجاحات التكتيكية الإسرائيلية العديدة بوجه الفلسطينين في إسرائيل، وما وراء تحقيق إعادة الاستقرار على الحدود الشمالية مع توقيع اتفاقية الحدود البحرية، يرى الإسرائيليون أنهم في خضم تطور جيوسياسي تترتب عليه نتائج مهمة للغاية: المنافسة بين الشرق والغرب لتغيير النظام العالمي.

في صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، يقول الجنرال تامير هايمان، الرئيس السابق لوكالة الأمن القومي والمدير الحالي لمعهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل، إن التحالف الروسي الإيراني، وتطور الحملة في أوكرانيا، والنشر الأخير لاستراتيجية الأمن القومي الأميركية، تشكل ثلاثة تطورات رئيسية. على الرغم من أن روسيا وإيران ظاهريا لا يتقاربان ولا يشكلان خطرا على إسرائيل، إلا أنهما من الناحية العملية قد يتحدىان الأمن القومي الإسرائيلي ويجب أن يكونا مستعدين لهما.

أسلحة ونفط

بحسب هايمان، التطور الأول هو دعم طهران لموسكو. تزود إيران روسيا بأنظمة أسلحة دقيقة، ووفقًا للبيت الأبيض، هي متورطة أيضًا بشكل مباشر في الهجوم على أوكرانيا بحجة مشغلي الطائرات الإيرانية المتمركزين في شبه جزيرة القرم. على الصعيد الداخلي، تصدر إيران أكثر من مليون برميل نفط يوميًا، أي ما يكفي لاستدامة اقتصادها (الكفاف وليس الازدهار). على عكس الانطباع القوي على الشبكات الاجتماعية، يتعامل النظام بشكل حاسم وفعال مع تظاهرات "انتفاضة الحجاب".

يتابع هايمان: "التطور الثاني هو الحملة في أوكرانيا. أعلنت روسيا حالة الطوارئ في غرب البلاد، وتجدد الضغط على كييف، لكنها لا تزال متورطة في حرب فاشلة. موسكو عازمة على مواصلة الحملة حتى النصر. لذلك، إلى جانب تعثر تعبئة الاحتياط، فإنها تضطر إلى نقل القوات والأسلحة من سوريا إلى الجبهة الأوكرانية. أما التطور الثالث فهو وثيقة استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة. ووفقًا لوثيقة الولايات المتحدة، فإن الصين هي العامل الرئيسي لزعزعة استقرار النظام العالمي وأهم تهديد للأمن القومي للولايات المتحدة؛ وعلى دول الشرق الأوسط معالجة مشاكلها الخاصة، بينما ستدعم الولايات المتحدة من بعيد؛ والولايات المتحدة ملتزمة منع امتلاك إيران السلاح النووي، لكنها لن تستخدم القوة العسكرية لتغيير الأنظمة".

بحسبه، هذه التطورات تلزم إسرائيل معالجة المعاني السلبية من دون الضجيج. إن الخطر ليس على المدى القصير، ليس ملموسًا وصاخبًا، كالتهديد الإرهابي في إسرائيل. لكن نظرًا إلى أن الخطر لا يتطلب ردًا تكتيكيًا فوريًا (نتفوق فيه)، فإن الأمر يستحق المناقشة وتحليل المخاطر المحتملة على المدى الطويل، إلى جانب الاستفادة من الفرص المختلفة.

يكتب هايمان: "التهديد التكتيكي قد يأتي من سوريا. على الرغم من أن روسيا لن تتخلى عن وجودها في الساحة بسبب وصولها إلى البحر الأبيض المتوسط وموطئ قدمها في الشرق الأوسط، فإن تضاؤل القوات الرةسية هناك والالتزام المتزايد تجاه إيران قد يزيدان من التعاون بين طهران وموسكو على الأراضي السورية. على عكس الماضي، قد تدعم روسيا هذه المرة بنشاط جهود إيران لترسيخ نفسها في سوريا، أو على الأقل حماية الأصول الإيرانية في سوريا بطريقة من شأنها أن تعطل حرية إسرائيل في العمل، وبمساعدة غير مباشرة لنقل معدات عسكرية إيرانية متطورة إلى سوريا، وربما يأخذ ردًا يتجاوز الإدانات المألوفة للهجمات المنسوبة إلى إسرائيل".

ربما يأتي التهديد الاستراتيجي من البرنامج النووي الإيراني. فمع مرور الوقت، تقل فرصة التوصل إلى اتفاق. يرفض الزعيم الإيراني الموافقة على مسودة الاتفاقية المعروضة عليه بصيغتها الحالية، ما دام الغرب لا يتخلى تمامًا عن التحقيق في "الملفات المفتوحة" (اكتشاف اليورانيوم المخصب غير المعلن في ثلاثة مواقع، ما يعتبر انتهاكًا لاتفاقيةالحد من انتشار الأسلحة النووية).

لا حافز للاتفاق

يرى هايمان أن دعم إيران العملي للحرب في أوكرانيا أدى إلى موجة جديدة من العقوبات ضدها. عدم الاستقرار في شوارع إيران والطبيعة المؤقتة للاتفاق النووي، حتى لو تم تجديده، لن يشجعا المستثمرين الغربيين على الاستثمار في البلاد. من ناحية أخرى، تنجو إيران من العقوبات. والآن، في ضوء المساعدة المقدمة لروسيا، ستتلقى تعزيزًا للدعم الروسي - الصيني، ما يمنحها شبكة أمان اقتصاديًا أمنيًا تجاه الغرب.

يتابع هايمان: "نظرًا إلى التصور الأميركي لإيران بوصفها مشكلة محلية شرق أوسطية، نشأ وضع خطير تواصل فيه إيران تسريع مشروعها النووي من دون انقطاع ومن دون أي عائق. قد يتوصل الزعيم الإيراني إلى استنتاج مفاده أن العقوبات غير فعالة، وأن العمل العسكري الأميركي ضد نظامه أقل احتمالا راهنًا. في هذه الحالة، ومن منطلق الافتراض أن النظام الإيراني لن يسقط قريبًا، قد نجد أنفسنا أمام إيران نووية هي جزء من تحالف شرق أوسطي للقوى النووية".

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية