إيلاف: بعد لهجة حازمة وأوامر صارمة من القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بضرورة فرض القانون وبسط السيطرة الأمنية، بدأ الهدوء النسبي في العودة الى محافظة ديالي التي شهدت صدامات وحادث تفجير بدا كأنه محاولة بائسة لتصوير المحافظة، المتاخمة للحدود الإيرانية، وكأنها خارج السيطرة وبؤرة متفجرة.

شيطنة ديالي

ترتبط حوادث الاغتيالات الأخيرة في المحافظة ومظاهر الانفلات الأمني بشكل واضح بمساعي بعض مجموعات المصالح التي تحاول الحفاظ على مكاسبها، عبر تهريب السلع مثل مواد الحديد والنفط والمخدرات والخردة من المنافذ الحدودية وذلك حسب تأكيدات بعض زعماء العشائر ورجال الامن في المحافظة وهو ما دفع السوداني لمنح قوات الامن مهلة لا تتعدى الأسبوعين لإنهاء كل مظاهر الانفلات وفرض القانون في المحافظة.

يتضح إدراك رئيس الوزراء العراقي أبعاد الموضوع من لهجته الحاسمة التي تشي بانه يعرف تفاصيل ما يحاك بليل ضد استقرار العراق والمحاولات المستمرة لتقويض القانون وبث الفوضى وهو ما لن يسمح به في ظل تحركاته الداخلية لدفع عجلة التنمية في العراق وسياسته الخارجية الرامية لحشد كل الجهود لمساعدة الدولة على تحقيق أولوياتها المتمثلة في مكافحة الفساد وتحقيق نمو اقتصادي يشعر به المواطن العراقي.

فالسوداني، خلال اجتماعه مع القيادات الأمنية لبحث الانفلات الأمني بالمحافظة، شدد على ان من لا يستطيع تحمل المسؤولية فليغادر منصبه ولا يكلف العراق دماء الأبرياء بسبب تقاعسه او عزوفه عن تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه.

وجهاء وشيوخ عشائر

لم تقتصر زيارة السوداني لديالى على الاهتمام بضبط الوضع الأمني هناك، إنما شملت الاضطلاع بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين فيها، اذ اجتمع أيضا مع رؤساء الدوائر الخدمية في المحافظة ووجه بإزالة جميع العقبات امام المشاريع المتأخرة فيها. ليس ذلك فقط بل واجتمع كذلك مع وجهاء المحافظة وشيوخ عشائرها في لفتة تعكس حرص رئيس الوزراء على لحمة النسيج المجتمعي فيها وقطع الطريق على مثيري الفتنة.

فتوقيت اشتعال الأمور في ديالي يبعث على الريبة، فمن ناحية بدأت فرق الجهد الحكومي منذ أسابيع قليلة في استئناف العمل في مستشفيين بديالي والبصرة تضمنان 400 من الأسرة لخدمة المواطنين في المحافظتين وبالتزامن مع تصريحات لقائد الشرطة في المحافظة انه نجح في وقف نحو 80 في المئة من عمليات التهريب عبر حدودها. من ناحية أخرى، كثف السوداني في الأسابيع الماضية من نشاطه السياسي الرامي لحشد الدعم لتحركات العراق الاقتصادية وجذب استثمارات ومساعدات تقنية، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والتصنيع.

ويبدو أن جهود فريق الجهد الحكومي الذي يتابعه رئيس الوزراء بشكل دوري وخاصة في ما يتصل بتحسين جودة الخدمات المقدمة للعراقيين في المحافظات المختلفة تشكل ازعاجا هائلا لمن يحاولون ان يظل المواطن في العراق من دون خدمات جيدة مما يزيد من درجة سخطه على الحكومة.

فالهدف الأساسي دوما هو ان يظل الحال على ما هو عليه دون أي تقدم على أي مستوى.

حسم وحزم

ومع نزول قوات النخبة العراقية لوضع حد لمظاهر الانفلات، خاصة في قضائي بعقوبة والمقدادية وحملات القبض على الخارجين على القانون في المحافظة ومصادرة الأسلحة، يبدو أن الهدوء مرشح للاستمرار وخاصة
في ظل التعزيزات الأمنية التي امر السوداني بارسالها للمحافظة.

فالحسم والحزم الواضحين في لهجة وافعال السوداني تؤكدان انه لن يسمح بانزلاق الموقف الى مواجهات طائفية او عشائرية في الوقت الذي يخطو فيه العراق خطوات واثقة نحو الاستقرار السياسي والاقتصادي، وانه سيواجه هذه التحركات التخريبية بقبضة حديدية تعتمد على تفعيل دور قوات الامن وفرض القانون على الجميع.

وفي محاولة يائسة لاستغلال لتحدي تعليمات السوادني، حاولت فلول داعش شن هجوم في عمق البساتين قرب منطقة البينكاني شرق قضاء المقدادية، لكن القوات العراقية نجحت في التصدي لها، وهو ما يعكس اليقظة التي أعقبت صيحة رئيس الوزراء خلال الاجتماع الأمني بالمحافظة.

ما حدث في ديالى يرى كثير من المحللين انه تحد لا مفر منه من جانب منتفعين تؤذيهم الجهود الحقيقية ل مكافحة الفساد ودفع عجلة التنمية الاقتصادية ومواجهة ازمة سعر الصرف التي تؤججها مجموعات تعتمد في بقائها على المضاربات وتهريب السلع عبر المنافذ الحدودية. وبينما يقوم الرجل بجولات خارجية مكوكية ويحشد دعم الجيران والأصدقاء للعراق وخطواته الاقتصادية، اغلب الظن انه لن يسمح مطلقا لمثل هذه الخروقات بالاستمرار وتعكير صفو مسيرة الحكومة الرامية لتحقيق تقدم ملموس في الخدمات المقدمة للمواطن العراقي.