باريس: يشهد السودان، لليوم الرابع على التوالي، قتالاً ضارياً بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، في نزاع على السلطة بين قائدي القوّتين العسكريتين لحُكم بلد تحكي صفحات تاريخه العديد من الحروب الأهلية والانقلابات.

في ما يلي خمسة أمور تنبغي معرفتها عن البلد العربي الواقع في شرق أفريقيا:

حاكم لمدة ثلاثة عقود
حكم القائد العسكري عمر البشير السودان لمدة ثلاثة عقود، وهو مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية وإبادة جماعية.

وتربّع البشير على عرش السلطة في انقلاب عام 1989 خلال ثاني حرب أهلية شهدها البلد الذي نال استقلاله عام 1956. وخاض هاتين الحربين الشمال الذي تقطنه أغلبية مسلمة ضدّ الجنوب الذي تقطنه أغلبية مسيحية وإرواحية. وفي عهد البشير الإسلامي، كان الجلد هو عقوبة جرائم مثل الزنا وشرب الكحول في كثير من الأحيان.

وعلى الرغم من توقيع البشير اتفاق سلام مع الجنوب في عام 2005، اتُّهم بارتكاب جرائم وفظائع على نطاق واسع في إقليم دارفور (غرب).

وفي العام 2003 نشر البشير مليشيا "الجنجويد" العربية لقمع المتمردين غير العرب في حرب خلّفت مئات آلاف القتلى، إذ مارست هذه القوة سياسة الأرض المحروقة في دارفور حيث قُتل أكثر من 300 ألف شخص ونزح ما يزيد على 2,5 مليون آخرين خلال الحرب.

وفي العام 2013، تحوّلت ميليشيا الجنجويد إلى قوات الدعم السريع، وهي قوة مسلحة شبه عسكرية كانت حليفة للجيش قبل أن تنقلب ضدّه.

وفي العام 2019 تمّ عزل البشير من قبل الجيش بعد انتفاضة شعبية كانت شرارتها ارتفاع سعر الخبز ثلاثة أضعاف.

وفي 2021 نفّذ قائد الجيش عبد الفتاح البرهان انقلابا عسكريا ليطيح بالشركاء المدنيين من حكم الفترة الانتقالية المتفق عليها.

حرب الشمال والجنوب
وخاض السودان حربين أهليّتين بين مناطقه الشمالية والجنوبية، الأولى كانت بين العام 1955 والعام 1972، والثانية بدأت من العام 1983 وحتى العام 2005. وبموجب اتفاق السلام المبرم بين الجانبين في 2005 سُمح للجنوبيين بإجراء استفتاء على الاستقلال بدولتهم.

وفي كانون الثاني/يناير 2011 صوّت 99% من الجنوبيين لصالح انفصال منطقتهم عن الشمال، لتولد بعد ستة أشهر من ذلك دولة جنوب السودان المستقلة. وبذلك، لم يعد السودان البلد الإفريقي الأكبر من حيث المساحة، كما خسر معظم حقوله النفطية الواقعة في القسم الجنوبي.

في التسعينات عاش زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن في السودان فترة مدتها خمس سنوات، واستثمر بكثافة في الاقتصاد المحلي.

وفي 1993 أدرجت الولايات المتحدة السودان في قائمتها "للدول الراعية للإرهاب" على خلفية إيواء بن لادن إلى أن طردته الخرطوم عام 1996 نتيجة هذه الضغوط.

بعد ذلك بعامين فجّر تنظيم القاعدة السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا، ما أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص. وقصفت واشنطن مصنعاً للأدوية في الخرطوم، بدعوى ارتباطه بأسلحة كيميائية وهو الأمر الذي نفته السلطات السودانية بشدة.

وفي العام 2020، تم رفع اسم السودان من القائمة السوداء الأميركية التي تضم الدول الراعية للإرهاب في مقابل الاتفاق على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

الصمغ العربي
السودان أكبر منتج للصمغ العربي في العالم، وهو مكوّن رئيسي يستخدم في كل شيء من المشروبات الغازية إلى العلكة ومستحضرات الأدوية والصيدلة.

ويعتبر الصمغ العربي، أو حينما يكون في طور الثمار على شكل بلورات ذهبية صغيرة عالقة على أشجار الأكاسيا الشائكة، من أهمّ مصادر النقد الأجنبي في البلاد.

ووصلت أهمية هذا المنتج إلى قرار واشنطن باعفائه من العقوبات التجارية الأميركية التي فرضت على السودان طوال عقود حكم البشير.

بالإضافة إلى الصمغ، تعدّ أشجار الأكاسيا من عناصر مقاومة الجفاف والحرارة في السودان، ما يساعد أحد أكثر البلدان الإفريقية تضررًا من تغيّر المناخ، على مكافحة التصحّر.

أهرامات أكثر من مصر
شيّدت حضارات السودان القديمة أهرامات أكثر من المصريين القدماء، لكنّ مقابر مروي القديمة والتي تقع على بُعد حوالي 220 كلم شمال الخرطوم في الصحراء، لا تزال غير مستكشفة إلى حدّ كبير.

ومروي كانت معقل مملكة كوش التي احتلّت مصر لما يقرب من قرن حتى القرن السابع قبل الميلاد.

ومنذ الستينات تمّ الكشف عن حوالي 250 هرمًا بأحد مواقع مروي الأثرية المسجّلة لدى منظمة اليونسكو الأممية.

لكن على عكس أهرامات الجيزة المصرية، نادرًا ما تستقبل أهرامات مروي الزوار.