إيلاف من بيروت: ينشغل العالم اليوم بما جرى في موسكو. فالقيادة الروسية مصرة على أن أوكرانيا سيّرت مسيراتها نحو الكرملين، طالبةً رأس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نفى هذا الاتهام جملةً وتفصيلًا من حيث هو في فنلندا، مؤكداً أن بلاده لم تستهدف الزعيم الروسي. هذا النفي لم يرق لدميتري مدفيديف الذي ينادي بأعلى الصوت: اقتلوا زيلينسكي وخلصونا منه!

ربما يجب أن نفكر قليلًا قبل أن ندلي برأينا. هل الاتهام الروسي لكييف بالسعي إلى تصفية بوتين جسدياً ممكن؟ ليس خافيًا على أحد أن فاتحة العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، في فبراير 2022، كانت استهداف القصر الرئاسي في كييف لقتل زيلينسكي وإنهاء دولته، وإقامة دولة تابعة للروس على كامل التراب الأوكراني. لم تصل العملية إلى خواتيمها التي تسعد بوتين، وغرق جيشه في رمال أوكرانيا، وفقد عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، وخسر آلاف الدبابات والمركبات العسكرية.

اليوم، بعدما تهافتت قدرات الجيش الروسي، وصارت جماعة "فاغنر" منقذاً من الانكسار، كان على الاستخبارات الروسية أن تبحث عن خطة بديلة. الروس يعرفون أن القيادة الأوكرانية تدرك تمام الإدراك أن أي استهداف شخصي لبوتين يسقط كل المحظورات، وفي مقدمها المحظور النووي. فلم تُقدم كييف يا ترى على ما يؤدي إلى فنائها؟ هذا ليس منطقيًا.

الأوكرانيون جازمون بأن لا صلة لهم بما جرى في موسكو. فمن يشاهد المسيرات تنفجر فوق قبة الكرملين، يسأل: "اين الدفاعات الجوية الروسية المنتشرة في كل موسكو، وفي المناطق المتاخمة لمقرات القادة الروس؟ ألم تكتشف المسيرات المتجهة إلى حيث يقيم بوتين؟"

سؤال الجواب عنه ليس سهلًا، ولا صعبًا. إن أصر الروس على أن الأوكرانيين يقفون وراء هذه العملية المزعومة، فإنهم يعترفون بأن التهافت في قدراتهم العسكرية وصل إلى درك أسفل، لا تهافت بعده ولا ضعف. وإن لم يصروا على روايتهم، فهذا يثير شكوكًا كثيرة: إما أن المسألة من تدبير الاستخبارات لتبرير استخدام السلاح النووي التكتيكي في مكان ما في أوكرانيا، وإما أن في موسكو معارضين أقوياء لبوتين، ولهم قدرة على استهدافه بالمسيرات.

أيًا يكن الجواب، الآتي في أوكرانيا خطير جدًا.