إيلاف من دبي: تظهر مجموعة جديدة من استطلاعات الرأي أجرتها "نيويورك تايمز" أن الناخبين في جميع أنحاء الولايات المتحدة يفضلون دونالد ترمب على الرئيس الحالي جو بايدن في ما يتعلق بالهجرة، والأمن القومي، وربما الأمر الأكثر إرباكًا، في ما يتعلق بالاقتصاد. فلعدة أشهر، سادت مخاوف من أن 11 ارتفاعًا متتاليًا في أسعار الفائدة أجراها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، إلى أعلى مستوى له منذ 22 عامًا عند 5.5 في المئة، يمكن أن يدفع أكبر اقتصاد في العالم إلى الركود.
هذا لم يحدث!
استمر الأميركيون في الإنفاق، محصنين في ما يبدو ضد التضخم. وفي الربع الثالث من هذا العام، نما أكبر اقتصاد في العالم بمعدل سنوي مذهل بلغ 4.9 في المئة. فهل هذا يكفي ليبدو "كل شيء واضحًا وسليمًا"؟ أم أن اقتصاد الولايات المتحدة (وبقية العالم أيضًا) يمر بلحظة "الجهل السعيد" تلك بعد أن نجا من الهاوية؟
مؤكد أن إحجام الناخبين عن نسب الفضل إلى بايدن في إنقاذ الاقتصاد من حافة الهاوية يشير إلى أنهم يشعرون بوجود خطر في السيناريو الأخير. تضيف التحذيرات المشؤومة التي يصدرها المسؤولون التنفيذيون في وول ستريت وماين ستريت وزناً لهذه الحجة. فالأدلة متوازنة بدقة. من ناحية، أعلن الاحتياطي الفيدرالي عن "إنجاز المهمة" في المعركة الرامية إلى ترويض التضخم، وتوقفت زيادات أسعار الفائدة الآن، وظلت البطالة في الولايات المتحدة أقل من 4 في المئة خلال العام ونصف العام الماضيين، وينمو الاقتصاد أسرع كثيرًا مما توقعه الاقتصاديون.
لكن، من ناحية أخرى، يبدو أن المستهلكين في الولايات المتحدة، بعد أشهر من استيعاب ارتفاع الأسعار والاستمرار في الإنفاق، أصبحوا في حالة سكر متزايد. ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 24 في المئة منذ بداية الجائحة، وارتفعت أسعار الطاقة بنسبة 37 في المئة حتى مع استمرار المتسوقين في فتح محافظهم، وبدأت معنويات المستهلكين في الانخفاض.
ثمة تناقض هنا
ضمنت السياسات التي سنتها إدارتا ترمب وبايدن أن تتمكن الولايات المتحدة من تجاوز التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الوباء بشكل أفضل من الدول المتقدمة الأخرى، والتعافي بسرعة أكبر. ففي أثناء عمليات الإغلاق، كان معظم الناس ينفقون أقل، ما مكنهم من سداد ديونهم والادخار. علاوة على ذلك، قدمت الحكومة مجموعة من التدابير، بما في ذلك إعانات البطالة المحسنة، ووقف سداد قروض الطلاب، والإعفاءات الضريبية لرعاية الأطفال.
ساعد الإنفاق التحفيزي بعد الوباء سوق العمل والاقتصاد الأوسع على التعافي بشكل أسرع من معظم الدول المتقدمة الأخرى. وأدى سوق العمل الضيق بدوره إلى زيادة الأجور. مؤكد أن التدخل الحكومي الكامل لبايدن قد يؤدي إلى تأجيل المشاكل للمستقبل. على نحو غير عادي، تلقى البيت الأبيض للتو توبيخاً من فرنسا، من بين كل البلدان، بسبب الإفراط في تحريض سياسته الصناعية.
مع ذلك، واضح أن الاقتصاد الأميركي يتفوق على الاقتصاد الأوروبي في الوقت الحالي. ووجد تحليل حديث للتمويل الأسري أجرته جامعة شيكاغو لصالح الاحتياطي الفيدرالي أن متوسط ثروة الأسرة ارتفع بنسبة 37 في المئة بين عامي 2019 و2022. وهذا يعني أن المواطن الأميركي العادي خرج بالفعل من الجائحة وقد أصبحت موارده المالية في حالة أفضل من ذي قبل. مع ذلك، تشير استطلاعات الرأي إلى أن الأميركيين لا يشعرون بذلك.
جيد.. ولكن!
يعود جزء من المشكلة إلى أن المحرك الرئيسي لارتفاع ثروات الأسر الأميركية كان الزيادة في أسعار المساكن ومعاشات التقاعد. كل هذا جيدًا، لكنه لا يساعد حقًا في سداد فاتورة البقالة الأسبوعية. وحتى مع بدء التضخم في الانخفاض، مرجح أن يصبح المتسوقون أكثر وعياً بأن أسعار الحليب صارت أعلى كثيراً مما كانت عليه قبل عامين، بدلاً من إدراك حقيقة أنها وصلت إلى مرحلة الاستقرار الآن.
وفي استطلاع أجرته Bankrate في الأسبوع الماضي، قال 50 في المئة من المشاركين إن وضعهم المالي تدهور منذ انتخاب بايدن رئيسًا، بينما قال 21 في المئة إنهم أفضل حالًا. وفي استطلاع آخر أجرته "نيويورك تايمز"، قال 53 في المئة من الناخبين المسجلين إن سياسات بايدن أضرت بهم شخصيًا. والأكثر من ذلك، من غير الواضح أن الأسوأ صار وراءنا. مؤخراً أعلن جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورغان: "قد يكون هذا هو الوقت الأكثر خطورة الذي شهده العالم منذ عقود من الزمن".
إنه يشعر بالقلق من أن تؤدي الصراعات العسكرية في أوكرانيا وإسرائيل إلى استمرار التضخم وارتفاع أسعار الفائدة. وأشار أيضًا إلى الدين الوطني المتزايد و"أكبر عجز مالي في زمن السلم على الإطلاق".
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مقالة كتبها بن رايت ونشرتها "تلغراف"
التعليقات