تحشد إسرائيل 100 ألف جندي بكامل عتادهم على الحدود مع لبنان، فيما يحشد حزب الله قواته وصواريخه ومسيراته مهددًا بالرد. لبنان مهدد بالدمار الشامل إذا نشبت حرب، يرى الإسرائيليون إن لا مفرّ منها

إيلاف من بيروت: في الأيام التي تلت هجمات حماس في 7 أكتوبر في جنوب إسرائيل، بحثت أورنا راين بشكل محموم عن شخص لبناء حاجز خشبي لتأمين باب غرفة آمنة في منزلها على بعد حوالي 6 أميال من الحدود اللبنانية.

انتقلت شقيقة راين، عينات روثيم-نيتشوشتان، إلى الغرفة الآمنة في 10 أكتوبر، حتى قبل أن تأمر الحكومة الإسرائيلية بإخلاء مجتمعها الزراعي الصغير في شمال إسرائيل بسبب مخاوف من حرب شاملة مع حزب الله، المدعوم من إيران. فمنذ أسابيع، أصبحت تلال جنوب لبنان، التي تبعد أقل من ميلين عن منزل روثيم-نيتشوشتان في شعار يشوف، جبهة ثانية غير معلنة للجيش الإسرائيلي. ووضعت الشقيقتان خطة للهروب إذا قام مقاتلو حزب الله بهجوم عبر الحدود على غرار ما حدث في 7 أكتوبر. تقول روثيم نيشوشتان (54 عاماً) التي بقيت في البيت الذي تقيم فيه عائلتها قرب الحدود اللبنانية طوال فترة الحرب الإسرائيلية التي استمرت 34 يوماً في يوليو 2006: "هذه هي المرة الأولى في حياتي التي لا أشعر فيها بالأمان في منزلي".

يقول العديد من الإسرائيليين الذين يعيشون بالقرب من الحدود إن جيشهم لا يستطيع إنهاء القتال من دون أن يؤكدوا لهم أن حزب الله لا يستطيع أن يفعل بهم ما فعلته حماس بالإسرائيليين في الجنوب. وكثف المسؤولون العسكريون الإسرائيليون الضغوط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتوجيه ضربة حاسمة. وأصبحت هذه القضية نقطة خلاف في مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي، حيث دعا وزير الدفاع يوآف غالانت إلى القيام بعمل عسكري أوسع ضد حزب الله، وفي واشنطن حيث مارست إدارة بايدن ضغوطًا مستمرة على إسرائيل للامتناع عن اتخاذ خطوات استفزازية في لبنان يمكن أن يجر الجيش الأميركي إلى عمق أكبر في القتال.

قذائف إسرائيلية على قرية يارين الحدودية اللبنانية في 10 نوفمبر 2023

أمس الاثنين، وصل عاموس هوكشتاين، أحد كبار مستشاري بايدن الذي سافر مؤخرًا إلى لبنان، إلى إسرائيل لمواصلة الجهود الأميركية لمنع تصاعد القتال. وافق نتنياهو حتى الآن على الضغوط الأميركية، لكن المسؤولين العسكريين يقولون إن إسرائيل على بُعد ضربة قاتلة واحدة من حرب جديدة في لبنان. يقول مساعدون لنتنياهو إنه يأمل في أن يؤدي تحقيق انتصار واضح على حماس في غزة إلى دفع حزب الله إلى سحب قواته من الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل.

وقال نتنياهو في وقت سابق من هذا الشهر: "حذرت حزب الله: لا ترتكبوا خطأً ولا تدخلوا الحرب لأن هذا سيكون خطأ حياتكم، فدخولكم الحرب سيقرر مصير لبنان".

إجلاء عشرات الآلاف

قامت الحكومة الإسرائيلية بإجلاء عشرات الآلاف من الإسرائيليين من 42 بلدة قرب الحدود اللبنانية رسميًا بسبب مخاوف من تحول هجمات حزب الله إلى حرب شاملة. يقول جدعون هراري، وهو ضابط عسكري متقاعد يبلغ من العمر 66 عاماً بقي في شعار ياشوف كعضو في المجلس المحلي: "أعتقد أننا أمام فرصة العمر للقيام بشيء جدي. لن يعود الناس لأنهم خائفون، لذا عليك أن تفعل ذلك الآن".

استخدم مقاتلو حزب الله وحماس في جنوب لبنان الصواريخ وقذائف الهاون والطائرات بدون طيار لمهاجمة شمال إسرائيل. وردت إسرائيل بغارات جوية ونيران مدفعية. الاثنين، قال حزب الله إنه أطلق أربعة صواريخ أكثر قوة على قاعدة إسرائيلية وأظهرت وسائل إعلام إسرائيلية أضرارًا جسيمة ناجمة عن الهجوم الواضح، والذي لم يناقشه الجيش الإسرائيلي. وقُتل أكثر من 70 من مقاتلي حزب الله و10 مدنيين لبنانيين، كما قُتل 10 أشخاص، بينهم سبعة جنود إسرائيليين، على طول الحدود في الشهر الماضي، وهو أعنف تصاعد في أعمال العنف هنا منذ عام 2006.

إذا كان الغزو الإسرائيلي لغزة قد أدى إلى خسائر كبيرة في صفوف المدنيين، فإن المسؤولين الإسرائيليين يقولون إن الحرب مع حزب الله قد تكون أسوأ. في عام 2006، قتلت الغارات الجوية الإسرائيلية أكثر من 1100 شخص، معظمهم من المدنيين، وفقاً لجماعات حقوق الإنسان. سوت الصواريخ الإسرائيلية بالأرض أجزاء كبيرة من الأحياء التي يسيطر عليها حزب الله في بيروت، وهي مدينة يفوق عدد سكانها عدد سكان قطاع غزة بأكمله. وقال غالانت مؤخراً للجنود على الحدود: "أولئك الذين سيدفعون الثمن أولاً وقبل كل شيء هم المدنيون اللبنانيون. وما نقوم به في غزة يمكننا القيام به في بيروت".

جندي إسرائيلي على الحدود مع لبنان قرب علم لحزب الله في سبتمبر 2022

في جنوب لبنان، دفعت المخاوف من الحرب أكثر من 23 ألف مدني إلى الفرار، وفقاً لتقديرات الحكومة اللبنانية. ويقدر المسؤولون الإسرائيليون أن حزب الله لديه أكثر من 150 ألف صاروخ، بما في ذلك مئات الصواريخ القادرة على ضرب أهداف محددة. ويقدر المسؤولون أن حزب الله يستطيع إطلاق 3000 صاروخ يومياً، الأمر الذي من شأنه أن يضع ضغوطاً هائلة على نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي.

كل شيء تغير

الخوف السائد في شمال إسرائيل هو أن يعبر مقاتلو حزب الله الحدود لقتل النساء والأطفال كما فعلت حماس في 7 أكتوبر، عندما قُتل أكثر من 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وفقا لمسؤولين إسرائيليين. ويقول مسؤولون إسرائيليون إن هناك الآلاف من مقاتلي حزب الله متمركزين على طول الحدود. وقال حسن نصر الله، أمين عام حزب الله، إن الوقت غير ملائم لحرب شاملة، في حين حذر رعاة جماعته في إيران من خروج الوضع عن السيطرة بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة إذا استمر الهجوم على غزة.

حول الجنود الإسرائيليون البلدات والقرى الحدودية الشمالية إلى معسكرات عسكرية غير رسمية، حيث انتشرت الدبابات في الشوارع، والمركبات المدرعة متوقفة بجانب الملاعب، ويبيت المشاة في خيام في بساتين الحمضيات. ويقدر مسؤولو الأمن في المجتمعات الحدودية حشد 100 ألف جندي إسرائيلي على الحدود، وهو رقم رفض الجيش الإسرائيلي التعليق عليه. وتم إرسال مدربين خاصين إلى القرى لتحديث المهارات القتالية لجنود الاحتياط، بما في ذلك القتال بالسلاح الأبيض. يقول مظلي إسرائيلي شاب من تل أبيب: "إن الحرب أمر لا مفر منه. الأمر ليس إذا، بل متى، وعلى إسرائيل أن تفعل شيئًا الآن". يضيف: "حزب الله أفضل تدريباً وأكثر قوة من حماس. فإما أن نتكبد الخسائر الكبيرة، أو أن ندمر بيروت وجنوب لبنان".

كان ليئور شيليف، أحد سكان الحدود الإسرائيلية، ينام في الملجأ عندما كان طفلاً، ثم عندما أصبح بالغًا، في منتصف التسعينيات، خدم جنديًا في جنوب لبنان، حيث قُتل أكثر من 250 جنديًا إسرائيليًا في القتال بين عامي 1985 و2000. يقول: "لا أريد أن يكبر أطفالي بالطريقة التي نشأت بها"، بينما ترددت أصداء الغارات الجوية الإسرائيلية على مواقع حزب الله في الوديان. يريد شيليف أن يرى إسرائيل تقاتل حزب الله من دون إرسال قوات برية. يقول ممسكًا ببندقية: "لا أرى طريقاً غير الحرب، لكن... لا أعتقد أن إسرائيل تريد العودة إلى الوحل اللبناني"، مضيفًا: "على زعماء العالم إقناع حزب الله بسحب قواته من جنوب لبنان، كما يتطلب قرار الأمم المتحدة الذي أنهى حرب عام 2006، ونحن بحاجة إلى إيجاد طريقة للتأكد من أن حزب الله لن يكون هناك قبل عودة الناس إلى بيوتهم".

ويختم قائلًا: "كل شيء تغير بعد 7 أكتوبر".


أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مقالة كتبها ديون نيسنباوم ونشرتها "وول ستريت جورنال"