يحاول اللبنانيون ممارسة حياتهم اليومية على الرغم من الخوف من تفاقم الوضع في الجنوب. فالقتال بين حزب الله وإسرائيل يبقي الجميع متيقظين، متسائلين: هل ستندلع حرب واسعة النطاق؟

إيلاف من بيروت: يقول المحلل السياسي المستقل عدنان ناصر، في مقالة نشرها موقع "ناشونال إنترست" الأميركي، إن الحرب محتملة، ويقدم حزب الله الدعم لحماس مستهدفًا المدنيين والعسكريين الإسرائيليين في المنطقة الحدودية، بعدما أدت عملية "طوفان الأقصى" إلى أكبر عدد من الضحايا الإسرائيليين في هجوم واحد في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي: أكثر من 1200 قتيل إسرائيلي وأكثر من 200 رهينة. بحسب ناصر، انتقام تل أبيب لم يؤد إلا إلى تدمير حياة المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وبعض وسائل الإعلام أفاد بأن أكثر من 14.000 فلسطيني، بينهم أكثر من 4.500 طفل، قتلوا بسبب القصف الإسرائيلي على القطاع.

يريد الإسرائيليون مواصلة القتال في غزة حتى يحققوا هدفهم المعلن: هزيمة حماس، مفضلين عدم فتح جبهة ثانية مع حزب الله. وعلى الرغم من أن الحزب أوقع خسائر في صفوف القوات الإسرائيلية، فإنه خسر أيضاً عددًا كبيرًا من مقاتلين وصل أخيرًا إلى 76 مقاتلًا. تقوم إسرائيل بمهام استطلاعية وتضرب الجنوب بانتظام للتذكير بالقوة التدميرية التي يمكن أن تطلقها على لبنان. وأصدر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت واحدا من أقوى التهديدات قائلا إن المدنيين اللبنانيين سيدفعون ثمنا باهظا لقرار حزب الله: "ما يمكننا القيام به في غزة، يمكننا القيام به أيضًا في بيروت".

لكن في هذه المرحلة، بحسب ناصر، فإن إسرائيل وحزب الله راضيان تماماً عن إبقاء العنف عند أدنى مستوى، "فهل يعني هذا أن الوضع الراهن لا يمكن أن يصل إلى نقطة الانهيار حيث تنفتح جبهة شمالية جديدة للحرب؟ بالكاد"، كما يقول ناصر، فإن احتمال قصف الطائرات الإسرائيلية بيروت وضرب صواريخ حزب الله الدقيقة تل أبيب لن يكون ممكنًا تجنبه. تحاول الولايات المتحدة التوسط بين الجانبين للخروج من هذا السيناريو الكابوس، فواشنطن تريد تقليل احتمال اندلاع حرب إقليمية وتستخدم كل نفوذها لتحقيق ذلك.

حصار داخلي

اقترح البعض في لبنان سبلاً لتجنب المواجهة الكاملة مع إسرائيل، إذ تحدث اللواء عباس إبراهيم، المدير السابق للأمن العام في لبنان، لـ "ناشيونال إنترست"، قائلًا: "لدى الولايات المتحدة العديد من الشركاء في جميع أنحاء البلاد. بعضهم رسمي وبعضهم غير رسمي. إنهم على اتصال بأشخاص يعتقدون أن بإمكانهم أقناع حزب الله. لذلك، يحاول الأميركيون تقليل التصعيد على الحدود". في الماضي، لعب إبراهيم دور الوسيط بين حزب الله والولايات المتحدة كلما احتاجا إلى التواصل. مع ذلك، نفى وجود أي تواصل مباشر بينهما بشأن الصراع الحالي، مؤكدًا: "أستطيع أن أقول إن حزب الله لا يشارك في محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة. إنهم يركزون كل جهودهم على فلسطين. هناك محاولات عديدة لبناء هذه القناة بين حزب الله والولايات المتحدة لكنها أثبتت عدم نجاحها حتى الآن"، مضيفًا أن أفضل ضمان لعدم توسع الحرب في لبنان هو أن يوقف المجتمع الدولي الهجوم الإسرائيلي على غزة.

بحسب إبراهيم، المواجهة سوف تتفاقم إذا استمر الإسرائيليون في صب الزيت على النار في غزة وفي جنوب لبنان، "فالجميع يقول إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، لكن هذا لا يعني أن لها الحق في الذهاب إلى هذا الحد".

اليوم، يجد حزب الله نفسه محاصراً بين مطرقة خطابه الأيديولوجي وسندان الواقع الحالي. يقول ناصر: "من خلال عدم إظهار قوته الكاملة، يخاطر حزب الله بفقدان صورته حزباً مقاوماً يناضل لتحرير فلسطين التاريخية. من ناحية أخرى، يرى أن مثل هذا القرار لن يخدم الأجندة السياسية طويلة المدى للحزب في لبنان. مع ذلك، إنه لا يستبعد توسع الحرب، فكل شيء مرهون بالميدان".

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مقالة كتبها عدنان ناصر ونشرها موقع "ناشونال إنترست"