قطاع غزة (الاراضي الفلسطينية): حذّرت الأمم المتحدة من خطر مجاعة في غزة حيث شنّت إسرائيل اغارات جوية مكثّفة مع تواصل المعارك مع حركة حماس الجمعة، بينما يسعى مجلس الأمن الدولي لإصدار قرار يتيح زيادة المساعدة الإنسانية إلى القطاع المحاصر.

وأعلنت وزارة الصحة التابعة للحركة أن 390 فلسطينيا على الأقل قتلوا خلال الساعات الـ48 الماضية، بينهم "عشرات" في وقت مبكر الجمعة جراء غارات طالت مدينتي رفح وخان يونس بجنوب القطاع، وغزة وجباليا بشماله.

ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، حالت الانقسامات في مجلس الأمن دون اتخاذ قرار يدعو الى وقف أعمال العنف.

مجلس الأمن
وأرجأ المجلس الخميس مجددا التصويت على مشروع قرار يهدف إلى تحسين الوضع الإنساني، بعدما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد مشروعَي قرار خلال الأسابيع الأخيرة.

وأتى التأجيل الجديد بعدما أبدت واشنطن، أبرز داعمي إسرائيل في الحرب، استعدادها لتأييد النسخة الأخيرة التي تدعو إلى اتّخاذ "إجراءات عاجلة" لتحسين وصول المساعدات الإنسانية لكن من دون المطالبة بوقف فوري للأعمال القتالية بين الطرفين.

وبحسب مصادر دبلوماسية، من المقرر أن يتم التصويت على المشروع الجمعة.

أزمة إنسانية
في غضون ذلك، تواصل وكالات الأمم المتحدة التحذير بشأن الأزمة الإنسانية المتعاظمة في القطاع حيث يواجه نصف مليون شخص، أي قرابة ربع السكان، خطر الجوع بحسب تقرير صادر عن برنامج أممي يرصد مستويات الجوع في العالم. وفي الأسابيع الستة المقبلة، قد يجد جميع سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، أنفسهم في الوضع نفسه.

وقال مسؤول العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث "نحن نحذّر منذ أسابيع من أنه مع هذا الحرمان (من الطعام) والدمار ... سيزداد الجوع والمرض واليأس لدى شعب غزة". وأضاف "يجب أن تنتهي الحرب".

ميدانيا، يتواصل القصف الإسرائيلي بلا هوادة، وأدى الجمعة الى مقتل 16 شخصا وإصابة أكثر من 50 في جباليا، ومقتل خمسة في قصف طال سيارة مدنية في رفح، وفق وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.

من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي أنه يواصل قصف أهداف وخلايا تابعة لحماس ويشتبك مع مقاتليها على الأرض.

حرب شوارع
وتدور حرب شوارع بين الجنود الإسرائيليين وعناصر حماس والجهاد الإسلامي في مدن عدة أبرزها غزة وخان يونس. وغالبا ما تعلن الدولة العبرية تدمير أنفاق وبنى تحتية عسكرية ومصادرة أسلحة، بينما تؤكد حماس تدمير دبابات وآليات وقنص جنود.

وأعلن الجيش الجمعة مقتل اثنين من جنوده ما يرفع الى 139 عدد العسكريين الذين قضوا منذ بدء العمليات البرية في القطاع أواخر تشرين الأول/أكتوبر.

وكان الجيش أكد الخميس أنه قتل أكثر من ألفي مقاتل في قطاع غزة منذ الأول من كانون الأول/ديسمبر.

كرم ابو سالم
واستهدفت إحدى الغارات الإسرائيلية الخميس الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم مع إسرائيل في جنوب قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإعاقة عمل وكالات الأمم المتحدة لتوصيل المساعدات عبر المعبر الذي أعادت إسرائيل فتحه أخيرا بشكل موقت.

وقال محمود المشيد، وهو أحد النازحين عن خان يونس (جنوب) لوكالة فرانس برس "لا يوجد مكان آمن، كل الأماكن مستهدفة، والخوف شديد جدا".

وخلّف القصف الإسرائيلي المتواصل جوا وبحرا وبرا منذ أكثر من شهرين، 20057 قتيلًا على الأقل في غزة معظمهم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس، وتسبب في تدمير أحياء كاملة ونزوح 1,9 مليون شخص، أو 85 % من السكان وفقا للأمم المتحدة.

وتعهدت اسرائيل "القضاء" على حماس ردّا على الهجوم غير المسبوق الذي نفذته الحركة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على جنوب إسرائيل، وأدى إلى سقوط نحو 1140 قتيلا معظمهم من المدنيين، حسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أحدث الأرقام الإسرائيلية الرسمية. واحتُجز نحو 250 شخصا رهائن ما زال 129 منهم في قطاع غزة، حسب إسرائيل.

وفي مطلع الحرب، طلبت إسرائيل من سكان القطاع النزوح الى جنوبه بعدما أصبح الشمال منطقة عمليات عسكرية. الا أن الدولة العبرية تعاود الطلب من هؤلاء النزوح مع توسيع نطاق عملياتها الى وسط القطاع ومناطقه الجنوبية.

والجمعة، قال المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي عبر منصة "إكس"، "الى سكان مخيم البريج وأحياء بدر والساحل الشمالي والنزهة والزهراء والبراق والروضة والصفاء في المناطق جنوب وادي غزة: من أجل سلامتكم عليكم الانتقال بشكل فوري إلى المآوي في دير البلح" وسط القطاع، محذّرا من أن "القتال والتقدم العسكري... في منطقة خان يونس لا يسمحان بتنقل المدنيين عبر محور صلاح الدين في المقاطع الواقعة شمالي وشرقي مدينة خان يونس"، كبرى مدن جنوب قطاع غزة.

لكن مقررة شؤون النازحين، باولا غافيريا بيتانكور، وهي خبيرة مستقلة لا تتحدث نيابة عن الأمم المتحدة قالت إنه "مع تزايد أوامر الإخلاء والعمليات العسكرية وتعرض المدنيين لهجمات متواصلة، فإن الاستنتاج المنطقي الوحيد هو أن العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة تهدف إلى طرد غالبية السكان المدنيين بشكل جماعي"..

دبلوماسيا، تتواصل الجهود لمحاولة التوصل إلى هدنة جديدة، بعد أولى استمرت أسبوعا بين 24 تشرين الثاني/نوفمبر ومطلع كانون الأول/ديسمبر سمحت بالإفراج عن 105 رهائن بينهم أجانب من قطاع غزة، و240 معتقلا فلسطينيا لدى إسرائيل.

وفي إطار مساعي التهدئة، يواصل رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية في القاهرة مناقشة "هدنة موقتة لمدة أسبوع مقابل إطلاق سراح حماس أربعين أسيرا إسرائيليا من النساء والأطفال والذكور غير العسكريين"، وفق ما صرح مصدر مقرب من حماس لوكالة فرانس برس.

وذكر مصدر في حركة الجهاد الإسلامي أن أمينها العام زياد النخالة سيزور القاهرة أيضا مطلع الأسبوع المقبل.

وتتواصل إسرائيل مع قطر والولايات المتحدة ومصر في إطار مساعي الهدنة.

لكنّ مواقف طرفي الصراع ما زالت متباعدة. فحماس تطالب بوقف كامل للقتال قبل أي اتفاق بشأن مصير الرهائن، بينما تبدو إسرائيل منفتحة على فكرة الهدنة لكنها تستبعد أي وقف لإطلاق النار قبل "القضاء" على الحركة التي تتولى السلطة في غزة منذ 2007 وتعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل "إرهابية".

وقال أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، الخميس إن الهدف المعلن لإسرائيل بالقضاء على الحركة "محكوم بالفشل".وأضاف "لا يمكن الإفراج عن أسرى العدو أحياء إلا بالدخول في التفاوض بمساراته المعروفة عبر الوسطاء وهذا موقف ثابت ولا بديل عنه سوى استمرار تساقط أسرى العدو قتلى بنيران جيشه المتغطرس".

من جهته، تحدث مسؤول إسرائيلي كبير عن إحراز "نوع من التقدم" بعد "اجتماعات مع القطريين مرّتين الأسبوع الماضي".

وأوضح "نحن مستعدون للتفاوض على صيغة جديدة لإطلاق سراح رهائن ... سنحتاج بالتالي إلى هدنة إنسانية على غرار الهدنة الأولى. وقبل الهدنة وبعدها، سنبقى ملتزمين تحقيق هدفنا الرئيسي، وهو القضاء على حماس".

والجمعة، وعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بمواصلة إرسال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مجددا دعوته إلى "وقف سريع لإراقة الدماء".

وقال الكرملين في بيان عقب مكالمة هاتفية بين الرئيسين "ستواصل روسيا تزويد قطاع غزة سلعا أساسية، بما في ذلك أدوية ومعدات طبية". ودعا بوتين كذلك إلى "استئناف العملية السياسية" بهدف التوصل إلى حل الدولتين.

وألحق القتال أضرارا جسيمة بالنظام الصحي في غزة. وتفيد منظمة الصحة العالمية، أن "من بين مستشفيات غزة البالغ عددها الإجمالي 36 مستشفى، هناك تسعة فقط تعمل الآن بشكل جزئي، وكلها في الجنوب".

وقال شون كايسي رئيس بعثات منظمة الصحة العالمية إلى غزة "نحن نتعامل مع بالغين وأطفال يتضورون جوعا... في كل مكان نذهب إليه، يطلب منا الناس الطعام. حتى في المستشفيات... يطلب أشخاص مصابون بجروح تنزف، الطعام".

وما زالت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس تؤجّج التوتر في الشرق الأوسط خصوصا في الضفة الغربية المحتلة والحدود اللبنانية الاسرائيلية والبحر الأحمر حيث يهدد الحوثيون السفن التي يعتبرون أنها مرتبطة بإسرائيل.

والخميس، قُتلت امرأة في الثمانين من العمر وأصيب زوجها بجروح في قصف إسرائيلي على قرية حدودية في جنوب لبنان، وفق ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، بينما أعلن حزب الله شنّ عدد من الهجمات على الدولة العبرية خلال الساعات الماضية.

وأصيب مدنيان إسرائيليان بجروح بعد قصف من الحزب طال مناطق حدودية إسرائيلية، بحسب ما أعلن الجيش.

سياسيا، أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الجمعة استعداد بيروت لتطبيق القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن عام 2006 وينصّ على إبعاد حزب الله عن الحدود، بشرط انسحاب الدولة العبرية من أراض لبنانية تحتلها.

وطالب مسؤولون إسرائيليون في الآونة الأخيرة بإبعاد عناصر الحزب عن الحدود، محذّرين من اللجوء الى عمليات عسكرية واسعة في حال لم يتم التوصل الى حلّ المسألة بوسائل دبلوماسية.

وفي البحر الأحمر، يؤدي تهديد الحوثيين في اليمن بشن هجمات على حركة الملاحة البحرية الدولية إلى تباطؤ التجارة العالمية. توقّفت شركات الشحن الكبرى عن استخدام هذا الطريق البحري الاستراتيجي، ما دفع بشركة إيكيا السويدية إلى إعلان تأخيرات محتملة في عمليات تسليم بضائعها.

وانضم أكثر من 20 بلدا حتى الآن إلى التحالف الذي دعت إليه الولايات المتحدة لحماية الملاحة بحسب البنتاغون.