قطاع غزة: قُتل أكثر من 100 فلسطيني خلال الليل في ضربات إسرائيلية في قطاع غزة فيما يجري رئيس الموساد في باريس السبت محادثات في محاولة لتحريك الجهود الرامية لإبرام هدنة مع حركة حماس واستعادة رهائن تحتجزهم.

يأتي هذا فيما تستمر الحرب طاحنة بعد مرور عشرين أسبوعًا على اندلاعها، وبعد أن تعرضت خطة "ما بعد الحرب" في غزة التي طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لانتقادات كبيرة، بما في ذلك من قبل الحليف الأميركي.

كما يأتي في الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف على مصير المدنيين في القطاع، مع تحذير الأمم المتحدة من تزايد خطر المجاعة، وفيما لفتت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) السبت إلى إن سكان غزة "في خطر شديد بينما العالم يتفرج".

وأظهرت لقطات نشرتها وكالة فرانس برس سكان غزة المنهكين يصطفون للحصول على الطعام في شمال القطاع المدمر حيث نظموا الجمعة احتجاجًا على ظروفهم المعيشية.

وقال أحمد عاطف صافي، أحد سكان جباليا "انظروا، نحن نتقاتل على بعض الأرز. أين يُفترض أن نذهب؟".

وقالت أم وجدي صالحة "ليس لدينا ماء ولا دقيق ونحن منهكون بسبب الجوع. ظهورنا وأعيننا تؤلمنا بسبب النار والدخان. نحن حتى لا نستطيع الوقوف على أقدامنا بسبب الجوع ونقص الغذاء".

وفي بيان نشره ليلة الجمعة على منصة "إكس" قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) "بدون إمدادات كافية من الغذاء والمياه، فضلا عن خدمات الصحة والتغذية، من المتوقع أن يزداد خطر المجاعة في غزة".

هجوم متبادل
اندلعت الحرب بعد هجوم نفذته حركة حماس في 7 تشرين الأول (أكتوبر) في جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل 1160 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.

كما احتجزت حماس نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إن 130 منهم - يعتقد أن 30 منهم لقوا حتفهم - ما زالوا في غزة.

رداً على ذلك، تعهدت إسرائيل القضاء على حماس التي تولت السلطة في غزة عام 2007، وبدأت حملة عسكرية مكثفة أدت إلى تدمير القطاع وخلفت 29514 قتيلًا غالبيتهم العظمى من المدنيين، وفقًا لأحدث تقرير نشرته وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.

وأعلنت وزارة الصحة أن غارة جوية إسرائيلية دمرت الجمعة منزل الفنان الكوميدي الفلسطيني الشهير محمود زعيتر، ما أدى إلى مقتل 23 شخصا على الأقل وإصابة العشرات.

وقالت وزارة الصحة صباح السبت أن العمليات العسكرية الإسرائيلية خلفت ما لا يقل عن 103 قتلى خلال الليل، وأن هناك عددًا من القتلى ما زالوا تحت الأنقاض.

مساء الخميس، طرح بنيامين نتانياهو على مجلس الوزراء الأمني المصغر لحكومته خطة تنص بشكل خاص على الحفاظ على "السيطرة الأمنية" الإسرائيلية على القطاع بمجرد انتهاء الحرب على أن يتولى إدارة شؤونه مسؤولون فلسطينيون لا علاقة لهم بحماس.

ونصت الخطة على أنه حتى بعد الحرب، سيكون للجيش الإسرائيلي "مطلق الحرية" للدخول إلى أي جز من غزة لمنع أي نشاط معادٍ لإسرائيل، وعلى أن تمضي إسرائيل قدماً في خطة، جارية بالفعل، لإنشاء منطقة أمنية عازلة داخل غزة على طول حدود القطاع.

أثارت الخطة انتقادات من الولايات المتحدة حيث قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي الجمعة إن واشنطن "كانت واضحة باستمرار مع نظرائها الإسرائيليين" بشأن ما هو مطلوب في غزة بعد الحرب.

وقال "ينبغي أن يكون للشعب الفلسطيني صوته وأن يعبر عن موقفه ... عبر سلطة فلسطينيّة مستصلحة". وشدّد على أنّ واشنطن ترفض "تقليص حجم غزة" و"التهجير القسري".

وردا على سؤال حول الخطة خلال زيارته للأرجنتين، قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن إنه يتحفظ في الإدلاء برأيه إلى أن يطلع على التفاصيل، لكن واشنطن تعارض أي "إعادة احتلال" لغزة بعد الحرب.

ورفض أسامة حمدان المسؤول الكبير في حماس خطة نتانياهو ووصفها بأنها غير قابلة للتنفيذ. وقال من بيروت "هذه الورقة لن يكون لها أي واقع أو اي انعكاس عملي لأن واقع غزة وواقع الفلسطينيين يقرره الفلسطينيون أنفسهم".

الجمعة، وصل وفد برئاسة رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي ديفيد برنيع إلى باريس على أمل "كسر الجمود" في المحادثات من أجل هدنة جديدة، بحسب مسؤول إسرائيلي.

ضغوط على حكومة نتانياهو
وتتزايد الضغوط على حكومة نتانياهو للتفاوض على وقف إطلاق النار وتأمين إطلاق سراح الرهائن بعد أكثر من أربعة أشهر من الحرب. ودعت مجموعة تمثل عائلات الأسرى إلى "مسيرة ضخمة" السبت تتزامن مع محادثات باريس مساء السبت للمطالبة بتسريع التحرك.

شاركت الولايات المتحدة ومصر وقطر بشكل كبير في المفاوضات السابقة التي كانت تهدف إلى تأمين هدنة وتبادل الأسرى والرهائن. وأجرى مبعوث البيت الأبيض بريت ماكغورك محادثات هذا الأسبوع مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في تل أبيب بعد أن التقى وسطاء آخرين في القاهرة التقوا بزعيم حماس إسماعيل هنية.

سبق أن التقى برنيع نظيريه الأميركي والمصري ورئيس وزراء قطر في باريس في نهاية شهر كانون الثاني (يناير).

وقال مصدر في حماس إن الخطة تنص على وقف القتال ستة أسابيع وإطلاق سراح ما بين 200 إلى 300 أسير فلسطيني مقابل 35 إلى 40 رهينة تحتجزهم حماس.

ساعد برنيع مع نظيره الأميركي في التوسط في هدنة استمرت أسبوعا في تشرين الثاني (نوفمبر) شهدت إطلاق سراح 80 رهينة إسرائيليا مقابل 240 سجينًا فلسطينيًا من السجون الإسرائيلية.

وقال كيربي للصحافيين في وقت سابق إن المناقشات "تسير بشكل جيد" حتى الآن، فيما تحدث عضو مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي بيني غانتس عن "مؤشرات أولى إلى إمكانية إحراز تقدم".

في جنيف، أدانت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في تقرير لها الجمعة "الانتهاكات الجسيمة" لحقوق الإنسان في غزة "من قبل كافة الأطراف" منذ بداية الحرب.

ومن جانبه، أصر الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي أثار مؤخراً أزمة دبلوماسية عندما قارن الهجوم الإسرائيلي بالمحرقة، على اتهام إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة.

نزوح
في غضون أربعة أشهر ونصف الشهر، أدت الحرب إلى نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين ودفعت حوالى 2,2 مليون شخص، هم الغالبية العظمى من سكان قطاع غزة، إلى حافة المجاعة، وفقا للأمم المتحدة.

وكتبت وكالة الأونروا على منصة "إكس"، ""لم يعد بإمكاننا أن نغض الطرف عن هذه المأساة الإنسانية".

ويتزايد القلق يوماً بعد يوم في رفح حيث يتكدس ما لا يقل عن 1,4 مليون شخص، فر معظمهم من القتال، في حين يلوح شبح عملية برية واسعة النطاق يعد لها الجيش الإسرائيلي.

وما زالت المساعدات الشحيحة التي تحتاج لموافقة إسرائيل غير كافية وإيصالها إلى الشمال صعب بسبب الدمار واستمرار القتال.