إيلاف من بيروت: كشف القضاء اللبناني عن مخطط كان يُعَدّ لاغتيال النائب اللبناني وليد جنبلاط، زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي، وبعض المقربين منه، قبل نهاية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2016، بتوجيه من النظام السوري بعد تخلي روسيا عن الزعيم الدرزي.
واتهم القضاء اللبناني كل من الموقوف اللبناني يوسف فخر، الملقب بـ"الكاوبوي"، والسوري مهنّد موسى، وهو أحد عناصر الاستخبارات السورية، بالتخطيط لاغتيال جنبلاط في قضية تتضمن تفاصيل عن علاقات قديمة مع الاستخبارات السورية ومحاولات للتعاون مع المعارضة السورية والولايات المتحدة.

وفي التفاصيل، اتهم قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا كل من اللبناني يوسف فخر، والسوري مهند موسى، أحد عناصر الاستخبارات السورية، بالتخطيط لاغتيال جنبلاط.
واتهم أبو غيدا أيضًا فخر والسوري هيثم القضماني، المقيم في الولايات المتحدة الأميركية، بمحاولة تشكيل مجموعات مسلحة في لبنان منذ العام 2012 بحجة "حماية المناطق الدرزية في لبنان" من "حزب الله"، و"محاولة السيطرة على مناطق لبنانية وطرق دولية لحماية ظهر الثوار في سوريا وتسهيل تنقلاتهم عبر القرى الحدودية القريبة من جبل الشيخ، لملاقاة مرحلة سقوط نظام بشار الأسد". إلا أن سيطرة "حزب الله" على الحدود اللبنانية السورية حالت دون تنفيذ خطتهم. بالإضافة إلى ذلك، اتهم فخر ومندي الصفدي، الذي يعمل (بحسب القرار القضائي) مستشارًا لرئيس وزراء إسرائيل، بمحاولة دعم المعارضة السورية بالمال والعتاد.

تورط شخصيات وعلاقات مع الاستخبارات السورية
وأوضح القاضي أبو غيدا أن يوسف فخر ومهند موسى كانا يخططان لتشكيل مجموعات مسلحة في لبنان منذ عام 2012، بزعم حماية المناطق الدرزية من "حزب الله"، ومحاولة السيطرة على مناطق وطرق استراتيجية لدعم الثوار في سوريا.

تفاصيل العلاقة والتواصل
تعود علاقة المدعى عليه يوسف فخر بالعنصر في الاستخبارات السورية مهند موسى إلى فترة الوجود السوري في لبنان، حيث نشأت بينهما صداقة قديمة. وكشفت وقائع القرار الاتهامي، أن فخر تربطه "علاقة صداقة قديمة نشأت بينه وبين عنصر في المخابرات السورية مهنّد موسى أثناء الوجود السوري في لبنان، وهذا الأخير كان مقربًا جدًا من رئيس جهاز الأمن والاستطلاع اللواء غازي كنعان، ومنذ نحو خمسة أشهر تواصل معه عبر (الفيسبوك) وتحادثا عن الأحداث في سوريا".

منذ نحو خمسة أشهر، تواصل مهند مع فخر عبر الفيسبوك، وأبلغه بأن جنبلاط سيكون هدفًا للاغتيال بسبب عدم رضا السوريين عنه، خاصة بعد تخلي الروس عنه.
وبالاستناد إلى اعترافات فخر الملقب بـ"الكاوبوي"، والذي كان المسؤول العسكري للحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه جنبلاط في منطقة رأس بيروت خلال فترة الحرب الأهلية، ويعمل تحت إمرته أكثر من مائتي عنصر، فإن مهنّد أخبره أنه على "علاقة طيبة مع مُضَر ورئبال رفعت الأسد، وأن رئبال مقيم خارج سوريا وعلاقاته جيدة بالأميركيين، وسيكون له دور في سوريا"، وأن بشار الأسد لن يبقى في السلطة لفترة طويلة.

أما مُضَر فهو في سوريا ومقرب من الرئيس السوري، وبالتالي فإن مهنّد نصح يوسف فخر بتأسيس علاقة مع الاثنين، ويكون من الرابحين بأي تطور في سوريا".
لكن أهم ما ورد في إفادة الموقوف فخر، الاعتراف بأن مهنّد موسى "أبلغه صراحة بأن وليد جنبلاط لن يبقى على قيد الحياة وسيتم اغتياله قبل شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2016". ويمكن قبل هذا التاريخ، لأن السوريين غير راضين عن جنبلاط، خصوصًا بعد أن تخلّى عنه الروس. فكان جواب فخر لمهنّد "بدكن تروّحوه روّحوه". إلا أن المتهم نفى تكليفه بأي دور في عملية الاغتيال. لكن بعدما ووجه بالرسائل الإلكترونية مع مهند موسى، وقوله في إحداها: "يومًا ما سآخذ بالثأر من الذين كانوا السبب في خروجي من لبنان وبقائي 30 عاما في الخارج"، وسئل من يقصد بذلك؟ أجاب فخر "إن هذه الرسالة صحيحة وقصدت فيها وليد جنبلاط والأشخاص التابعين له ومن بينهم نشأت أبو كرّوم" (أحد أفراد الحزب الاشتراكي).

محاولات تشكيل مجموعات مسلحة
أما فيما يخصّ اتهام "الكاوبوي" بتشكيل مجموعات مسلحة، فأوضح المتهم، أنه خلال عام 1997 "تعرف في إحدى الحفلات في لوس أنجليس على ناجي النجار الذي زعم أنه يرتبط بعلاقات جيدة مع (الإف بي آي) وعمل مستشارًا للجنرال فاليلي من كبار ضباط الجيش الأميركي المتقاعدين". ومنذ ثلاث سنوات، عاد وقال إنه للتواصل مع النجّار عبر الفيسبوك، وتحادثا بشكل خاص حول الوضع السوري ومصير الدروز نتيجة للأحداث هناك، وتوافقا الرأي حول "وجوب تشكيل مجموعات مسلحة من البيئة الدرزية خارج عباءة وليد جنبلاط".
وكشف القرار الاتهامي عن محاولات فخر منذ عام 2012 التواصل مع عناصر من الحزب التقدمي الاشتراكي لإقناعهم بالانضمام إلى مجموعات جديدة تهدف لحماية المناطق الدرزية والسيطرة على طرق استراتيجية.
وحضر يوسف فخر بالفعل إلى لبنان عام 2012، "وبدأ بالتخطيط للتنفيذ واتصل ببعض العناصر الذين كانوا في الحزب التقدمي الاشتراكي، لإقناعهم بالانضمام إلى تلك المجموعات، معلنًا الأهداف التالية لها، وهي: الدفاع عن المناطق الدرزية ضدّ أي اعتداء خصوصا من (حزب الله)، والسيطرة على طريق الشام - بيروت وطريق راشيا - عين عطا، والقرى الدرزية المحاذية لجبل الشيخ من ينطا حتى كفرقوق وعين عطا، وتأمين ظهر الثوار السوريين الموجودين في جبل الشيخ من الناحية السورية وإمدادهم بالمقاتلين والسلاح من الداخل اللبناني، وتوفير ممر آمن لهم للانتقال من جنوب غربي سوريا، إلى الغرب السوري بكامل عتادهم".

اتهامات ودعوة قضائية
وبحسب أقوال يوسف فخر، فإن ناجي النجار "نصحه بالتواصل مع الضابط السوري المنشق رياض الأسعد، فتواصل معه عبر (Skype) ونسّقا سويًا الخطوات العملياتية، لكنه توقف عن التنفيذ بسبب تطورات الأحداث في سوريا، وتمركز ما يسمى (حزب الله) على الحدود اللبنانية - السورية". وعن علاقته بمندي الصفدي، زعم فخر - حسب القرار الاتهامي - أن الصفدي "كلفه بتجنيد أشخاص لصالحه مقيمين في الولايات المتحدة، وتمكن فعلاً من إقناع المدعو هيثم القضماني الملقب بـ(أبو سعيد) المقيم هناك، وهو سوري الجنسية من حلب، بالعمل مع مندي، وفي هذا العامل يستطيع تحقيق أهدافه لإسقاط النظام السوري، وأعطاه رقم هاتفه، وقد قبل هيثم بهذه المهمة وأصبح يتواصل مع مندي بشكل دائم".
القاضي أبو غيدا طلب إنزال عقوبة الإعدام بحق يوسف فخر ومهند موسى، بتهمة محاولة قتل جنبلاط، كما طلب لهما ولباقي المدعى عليهم وعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بجرم تشكيل مجموعات مسلحة للقيام بأعمال إرهابية في لبنان والتعامل مع إسرائيل وأحال الملف مع الموقوف فخر على المحكمة العسكرية للمحاكمة.