شهدت سوريا، الاثنين، رابع انتخابات برلمانية منذ اندلاع الحرب عام 2011. وتوجه السوريون في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة إلى صناديق الاقتراع لانتخاب ممثليهم في البرلمان الجديد أو ما يُعرف بمجلس الشعب، وهو الهيئة التي تتولى السلطة التشريعية في البلاد منذ عام 1971.

ويتنافس 1516 مرشحاً للوصول إلى 250 مقعداً في مجلس الشعب، بحسب ما أعلنت اللجنة القضائية العليا للانتخابات. وتتوزع المقاعد مناصفة تقريباً بين قطاع العمال والفلاحين (127 مقعداً)، وبقية فئات الشعب (123 مقعداً).

وتجري الانتخابات فيما لا يمكن للمقيمين في مناطق عدة خارج سيطرة الحكومة أو ملايين اللاجئين الذين فروا من البلاد بسبب الحرب من المشاركة في الاقتراع.

ولا يزال شمال شرق سوريا تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد، كما يخضع شمال غرب البلاد لسيطرة الإسلاميين والمعارضة المدعومة من تركيا.

هذا وحددت السلطات السورية للمتحدرين من تلك المناطق والمقيمين تحت سيطرتها مراكز اقتراع في محافظات أخرى.

ورغم أن نتائج الانتخابات البرلمانية في سوريا لا تسفر عن مفاجآت تُذكر، إذ يفوز في كل مرة حزب البعث الحاكم الذي يقوده الرئيس بشار الأسد بغالبية المقاعد، إلا أن وسائل الإعلام المحلية أشارت إلى وجود إقبال ملحوظ لدى الناخبين المتأملين في أن تتحسن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد.

"استحقاق انتخابي يواجه معارضة"

متظاهرون سوريون.
Reuters

أدلى الرئيس السوري بشار الأسد بصوته في أحد المراكز الانتخابية بالعاصمة دمشق، وقال للصحفيين على هامش اقتراعه "اليوم نحن في مرحلة انتقالية ترتبط برؤى حول دور الدولة ومؤسساتها وسياساتها بشكل عام، ومن واجب مجلس الشعب أن يكون جزءاً من هذه المرحلة التطويرية الجديدة".

كما صوّت كبار المسؤولين الحكوميين، بمن فيهم رئيس الوزراء حسين عرنوس، في هذه الانتخابات، مما يعكس دعماً رسمياً كبيراً لهذه العملية الانتخابية.

وقال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد "ندخل مرحلة جديدة في تاريخ سوريا تمثل استمراراً للإنجازات التي حققتها البلاد بقيادة الرئيس بشار الأسد، وانتخابات مجلس الشعب تعبير حقيقي عن إيمان الشعب السوري بالديمقراطية".

في المقابل، انتقدت تحالفات سياسية معارضة تأسست خارج البلاد "عبثية" الانتخابات التي وصفتها بـ "المسرحية الهزلية"، وقال رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة بدر جاموس إنها "تكرار لكل الانتخابات السابقة التي تمثل السلطة الحاكمة وحدها".

"احتجاجات في السويداء وتفاعل على المنصات الرقمية"

بخلاف الهدوء الذي شهدته مراكز الاقتراع في مناطق سيطرة الحكومة، شهدت مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية في جنوب البلاد، وقرى محيطة بها تحركات اعتراضاً على تنظيم الانتخابات.

ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد أقدم المحتجون على "تحطيم وحرق صناديق الاقتراع"، كما دعوا إلى مقاطعة انتخابات مجلس الشعب.

وبحسب شبكة "السويداء 24" المحلية الإخبارية، فقد أُصيب شخص بجروح جراء "إطلاق رصاص عشوائي من عناصر أمن تزامناً مع تظاهرة سلمية في ساحة الكرامة المواجهة لقيادة الشرطة".

كما تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تُظهر بعض الأهالي المحتجين وهم يقتحمون مراكز الاقتراع ويهتفون بـ "عاشت سوريا ويسقط النظام".

وتشهد السويداء، التي تسيطر عليها الحكومة السورية، منذ منتصف آب/أغسطس احتجاجات سلمية أسبوعية، انطلقت إثر رفع الدعم الرسمي عن الوقود وتطورت للمطالبة بـ"إسقاط النظام".

ومنذ أن فتحت صناديق الاقتراع أبوابها صباح الاثنين، ومنصات التواصل الاجتماعي تمتلئ بالصور ومقاطع الفيديو التي تُظهر الناخبين وهم يتوافدون لمراكز الاقتراع.

وشارك المغردون تحت وسم انتخابات مجلس الشعب صوراً للرئيس السوري من داخل أحد مراكز الاقتراع، وكتب أبو شمس "لأول مرة نراك يا سيادة الرئيس بشار الأسد تشارك بعرس وطني ولا تكون السيدة العظيمة أسماء الأسد مشاركة معكم كما عودتمونا".

ونقلت صفحة نبض سوريا على منصة إكس لحظة إدلاء نجلا الرئيس حافظ وزين الأسد بصوتيهما في جامعة دمشق.

وبينما رأى العديد من المغردين أن المشاركة في الانتخابات البرلمانية واجب وطني سيضمن مستقبلاً أفضل للجميع، رأى آخرون أنها لن تغير بالمعادلة السياسية السورية شيئاً.

وكتب أنس نجيب أن"مجلس الشعب في سوريا أصبح في ظل حكم البعث لا يحل و لا يربط ".

وجرت آخر انتخابات برلمانية في سوريا عام 2020، وأعلنت حينها الحكومة أن نسبة المشاركة بلغت نحو 33 في المئة من مجموع من يحق لهم التصويت.

وتأتي انتخابات عام 2024 على وقع تغيرات على الساحة الدبلوماسية السورية بدأت منذ العام الماضي، وتمثلت باستئناف دول خليجية على رأسها السعودية علاقاتها مع دمشق، التي استعادت مقعدها في جامعة الدول العربية، وحضر الأسد قمتي الرياض والبحرين. وتتزامن مع مؤشرات على تقارب تركي سوري بعد قطيعة مستمرة منذ 2011.