إيلاف من الرباط: جددت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، الأحد، نداءها لوزارة الشباب والثقافة والتواصل وإلى الحكومة ورئيسها بـ "ضرورة إعمال حوار عقلاني وصادق ومنتج"، مشيرة إلى أنها "تمد يدها إلى السلطات العمومية قصد التعاون بكل صدق وحسن نية، وفي إطار الحرص على مصالح القطاع ومقاولات الصحافة، ومن أجل صورة بلادنا ومستقبلها الديموقراطي".
وشددت الفيدرالية على أن "أساليب الإقصاء وصم الآذان" هي التي "أودت بالقطاع إلى كل هذا التشرذم الذي يحيا فيه اليوم، والضعف المعرفي الفاضح الذي أبانت عنه اللجنة المؤقتة واصطدام مكوناتها فيما بينها واستقالة وزارة القطاع، هو أيضا ما جعل مهنتنا وبلادنا تحصد الخيبات، وتتفشى حوالينا الرداءة والتفاهة والتدني في المحتويات وفي السلوكات والعلاقات والمواقف".
جاء ذلك في بيان وجهت فيه الفيدرالية دعوة "للتحرك من أجل التصدي للتفاهة ووقف انهيار القطاع"، توج أشغال الاجتماع الدوري لمكتبها التنفيذي، الخميس، بالدار البيضاء، استعرضت خلاله مختلف قضايا ومشكلات القطاع والالتباسات الضاغطة على حاضر ومستقبل المقاولة الصحفية والانتظارات المتعددة التي يعبر عنها الجسم المهني الوطني، كما تدارس قضايا مهنية وتنظيمية ذات صلة.

مآل التنظيم الذاتي للمهنة
جددت الفيدرالية التعبير عن "أسفها لمآل التنظيم الذاتي للمهنة"، والذي "ساهمت الفيدرالية في بنائه"، وأعادت التذكير بأن "التنظيم المؤقت الحالي يعتبر مخالفا للدستور، وخصوصا المادة 28 منه"، محملة "مسؤولية هذا المآل العبثي الى الحكومة"، وخصوصا وزارة القطاع، التي "كانت وراء قانون اللجنة المؤقتة"، كما أنها "أبانت عن فشل ذريع في تنظيم حوار مع المنظمات المهنية الحقيقية، وأبدت، منذ الأول، ازدراء واضحا بالقانون بهذا الشأن ووضعت نفسها رهينة لدى طرف مهني معروف، وسمحت بالدوس على كل القوانين، وقادت، بالتالي، المهنة الى هذا التشرذم الذي تعيشه، والذي لم يسبق أن عرفته في تاريخها".
وحيث أن اللجنة المؤقتة اليوم، تسير نحو إكمال مدة ولايتها، فقد ذكرت الفيدرالية بأن غاية المشرع من إحداثها كان، بالذات، هو إنهاء المؤقت في أسرع وقت، حيث نصت المادة الثانية على أن مدة انتداب اللجنة هي سنتين، وأضافت أنه "في حالة انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة طبقا لأحكام المادة الرابعة، قبل انصرام هذا الأجل، فإن مهام اللجنة تنتهي بمجرد شروع الأعضاء الجدد في مزاولة مهامهم"، لكن، وبرغم ما سبق، يضيف بيان الفيدرالية، فإن هذه اللجنة المؤقتة "لم تقم بأي تحرك في هذا المنحى منذ إنشائها الى اليوم، وبما ينسجم مع منطوق القانون، والذي يجعل من الانتخابات الوسيلة الشرعية الوحيدة لتجديد هياكل مؤسسة التنظيم الذاتي، المجلس الوطني للصحافة".
وأشار البيان إلى أنه حتى الاجتماع الوحيد الذي عقدته اللجنة المذكورة مع الفيدرالية، ومع منظمات مهنية أخرى، و"خارطة الطريق" التي قيل إن اللجنة المؤقتة رفعتها إلى وزارة القطاع، "لا أحد يعرف المضامين والتصورات المتضمنة فيها أو أبدى رأيه فيها".

مسؤولية الوزارة
قال البيان إن وزارة القطاع لديها اليوم "مسؤولية ثابتة لوقف كامل هذا العبث المحيط بموضوع التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة، وهي ملزمة بالحرص على تطبيق القانون، وتفادي جر البلاد بكاملها إلى تحمل عواقب ممارسات فردية هيمنية وأنانية، والإساءة الى صورتها".

وعلاوة على كل "الإستياء المعبر عنه منذ شهور من لدن الجسم المهني بشأن مشكلات منح البطاقة المهنية وتجديدها، وغياب الشفافية فيما يتعلق بهذا الملف وفي النشر القانوني للوائح، ثم غياب أي مبادرة لتيسير الحوار والتشاور بين المنظمات المهنية والسعي لتوحيد الرؤى وخلق القواسم المشتركة، وضعف الحضور في الإنشغال المهني والمجتمعي حول أسئلة تدني مستويات المنتوج المهني وانتشار التجاوز وخرق قواعد المهنة وأخلاقياتها"، فـ "إن ما يؤسف له"، يضيف بيان الفيدرالية، أن مكونات اللجنة المؤقتة، وبعض الأطراف المهنية والإدارية التي "تحالفت من قبل لضرب الفيدرالية" و"إبعادها"، صارت اليوم "تصطدم فيما بينها، وتناست قضايا المهنة وحقيقة مهامها، وبدل ذلك، انشغلت بتبادل الإتهامات فيما بينها، وأكدت، حتى لمن كان قد صدق مزاعمها السابقة، أنها اليوم فشلت فشلا ذريعا، وأنها تفتقر إلى الكفاءة المعرفية والتدبيرية، والى المصداقية، وإلى وضوح الرأي وبعد النظر".

وشدد البيان على أن وزارة القطاع، وهي تنوب عن الحكومة على هذا المستوى، "اختارت لعبة التخفي بعد أن لفتها الورطة، وصارت تدور حول نفسها تبحث عن المخارج للعديد من المآزق".
وأضاف البيان أن الوزارة لم تتوصل من الأطراف التي عولت عليها بأي تصور للمستقبل يستطيع توفير التوافق بين المهنيين، ولم تتسلم منها أي "مخرج لورطة مخالفة القوانين والدوس على روح الدستور"، و"اصطدمت بواقع الضعف المعرفي لمن عولت عليهم، وتركتهم اليوم يواصلون البحث عن "مخرج" لكي يستمر المؤقت، وكي يضعوا الحكومة والبرلمان في النهاية أمام الأمر الواقع بعد أن تكتمل ولاية السنتين، ويبقى الجميع يتفرج على هذا التمادي الأرعن في خرق القانون وتجاوز المنطق".
ومن "تبعات تورط وزارة القطاع مع الأطراف المهنية التي رعتها منذ البداية وارتمت في أحضانها"، يضيف بيان الفيدرالية، أنها "لم تستطع الوصول إلى صيغة مقبولة لنظام الدعم العمومي، ولم تقدر حتى أن تعرض رأيها للحوار مع المنظمات المهنية الحقيقية، وذلك على عكس ما دأبت عليه كل الحكومات التي سبقتها".

عقلية انفرادية
قال بيان الفيدرالية إن الحكومة أصدرت مرسوم الدعم العمومي من قبل "من دون أي تشاور مسبق"، وتعتزم أن تصدر القرار الوزاري المشترك الذي يرتبط به "وفق ذات العقلية الإنفرادية، ومن دون أي تشاور كذلك"؛ مشيرا إلى أن الفيدرالية "سجلت العديد من الملاحظات الجوهرية على صلة بالمرسوم الحكومي"، كما أنها "ما فتئت تؤكد على تصوراتها المتعلقة بالقرار الوزاري المشترك المنتظر، وتجدد اليوم التأكيد على أهمية ومحورية الحرص على تعددية المشهد الإعلامي الوطني وتنوعه، وعلى محاربة الريع والإحتكار والتركيز، وعلى ضرورة حماية مقاولات الصحافة الجهوية والمقاولات الصغرى والمتوسطة، وعلى إدراج كامل هذه المحددات ضمن قانون للدعم العمومي متشاور بشأنه، ويحظى بتوافق المهنيين، ويكون دعما عموميا عادلا ومنصفا، ويحقق التعددية، ويساهم في استقرار مقاولات القطاع وبناء شروط تأهيلها.

أسف
أشار البيان إلى أنه حتى لما نجحت الفيدرالية وفروعها الجهوية الحاضرة والفاعلة في كامل التراب الوطني في "إقناع عدد من مجالس الجهات بالتعاون والشراكة المباشرين لبلورة صيغ مناسبة لدعم جهوي من شأنه التخفيف من حدة الضغط على منظومة الدعم "الوطني"، تدخلت وزارة القطاع وأوقفت هذه الدينامية لاعتبارات شكلية وبيروقراطية كان بالإمكان تجاوزها لو حضر العقل وبعد النظر والذكاء الإداري، بل إن مصالح الوزارة لم تتفاعل بالذكاء اللازم حتى مع بعض انتظارات مقاولات الصحافة بالأقاليم الصحراوية في جهاتها الثلاث برغم ما قدمته لها من وعود".
وأبدى المكتب التنفيذي للفيدرالية، في هذا الصدد، أسفه لـ "عدم انخراط الوزارة في سياسة مد اليد التي عرضتها الفيدرالية للتعاون والتخفيف من حدة الإحتقان، ومن أجل دعم زميلاتنا وزملائنا بأقاليم وجهات الصحراء المغربية الواقفين على خط التماس وفي مقدمة المعركة ضد التضليل ومناورات خصوم الوحدة الترابية".

دور البرلمان
دعت الفيدرالية البرلمان، الذي أقر قانون اللجنة المؤقتة، إلى "أن يتحمل اليوم مسؤوليته حول مصير تطبيق هذا النص التشريعي ومآله، وأن يمارس دوره في مراقبة المال العام وفي السعي لإقناع الحكومة للحوار مع المهنيين من أجل منظومة قانونية وطنية للدعم العمومي تكون عادلة ومنصفة وحامية للتعددية والعدالة والإنصاف".

مناورات وألاعيب
توجهت الفيدرالية، باعتبارها "التنظيم الأول لمقاولات القطاع والشريك التاريخي للحكومة في كل الإصلاحات طيلة أزيد من عشرين سنة"، إلى كل ناشرات وناشري الصحف بالمملكة "لتؤكد لهن ولهم على أنه مهما اختلفت رؤانا التنظيمية في السنوات القليلة الأخيرة، ومهما تباعدت تموقعاتنا الشكلية والتنظيمية فإن الوقائع التي جرت في السنوات الاربع الأخيرة أبرزت ما حيك من مناورات وما اقترف من ألاعيب وخطايا وتحايلات، وأكدت أيضا المواقف الصادقة والعقلانية".

وشددت الفيدرالية، في هذا السياق، على أن الأوان آن "ليأخذ الناشرون المبادرة ويوحدوا صفوفهم أو على الأقل يبدأوا بالكلام والتشاور فيما بينهم وتوحيد مواقفهم وترافعهم أمام السلطات العمومية، وبالتالي العمل للإسهام الفعلي في بناء وعي جديد بداخلهم لصياغة مواقف موحدة وتنسيق الترافع والتحركات الميدانية، وآنذاك سيتم قطع الطريق على كل من يزعم غياب محاور واحد وسط الناشرين".
وأكدت الفيدرالية أنها تفتح أبوابها للجميع، وتجدد التعبير عن إرادتها "للتعاون والعمل المشترك مع كل ذوي النيات الصادقة بغاية الخروج من المأزق".

تحديات ورهانات
قال بيان الفيدرالية إن المغرب مقبل اليوم على العديد من التحديات ويعتزم استضافة تظاهرات عالمية وقارية، لذلك يبقى عليه أن يتصدى للكثير من الرهانات الإستراتيجية والديموقراطية والتنموية والوطنية، وفي كل ذلك هو في حاجة إلى "صحافة مهنية رصينة ذات مصداقية"، ومن أجل ذلك للحكومة دورها، وأيضا لمنظمات ناشري الصحف والهيئات النقابية وباقي المتدخلين في القطاع، وذلك لمد جسور الحوار والتواصل بين كل هذه الأطراف بدون هيمنة أو إقصاء أو انفرادية بالقرار.