هيمن اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر على العناوين الرئيسية والأعمدة والمقالات التحليلية في الصحف العالمية.

وتباينت آراء الكتاب حول ما يمثله هذا الاغتيال، فالبعض يراه مقدمة لوقف لإطلاق النار في المنطقة، وآخرون يرونه حدثا قد يضع إيران أمام خيار مصيري وصعب.

صورة تظهر ركاما لمبنى مدمر في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت مع تصاعد لأعمدة الدخان في أعقاب غارة إسرائيلية
EPA-EFE/REX/Shutterstock
الغارة التي اغتيل فيها نصر الله تسببت بدمار واسع في منطقة الاستهداف بالضاحية الجنوبية لبيروت

صحيفة هآرتس الإسرائيلية أفردت مقالا تحليليا، يرى أن اغتيال نصر الله يجب أن يمثل بداية لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

فإسرائيل حققت في الأيام الماضية إنجازات عسكرية رسمت صورة انتصار لطالما بحثت عنه، والجميع رأى بأم عينه أن الاستراتيجية التي فشلت في غزة نجحت في لبنان، بحسب ما كتبت الصحيفة.

المقال يرى أن إسرائيل ممثلة في الجيش والاستخبارات نجحت في استعادة ماء وجهها الذي فقدته في هجوم السابع من أكتوبر، واستطاعت أن تظهر للجميع مدى تفوقها التكنولوجي.

لكن هآرتس ترى أنه، ولكي يصبح الإنجاز انتصارا حقيقيا وليس مجرد لحظة عابرة، فإن على الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو استثمار الإنجاز العسكري وتحويله إلى جهد دبلوماسي يهدف إلى التوصل لاتفاق لإعادة الرهائن في غزة وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701 القاضي بتراجع مقاتلي حزب الله إلى ما وراء الليطاني.

اغتيال نصر الله: ضربة موجعة لكنها ليست قاضية

صورة تظهر امرأة ترفع صورة للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله خلال مظاهرة في العاصمة العراقية بغداد
Reuters
يرى بعض المحللين أن حزب الله لا يزال بعيدا عن الهزيمة باغتيال نصر الله

محرر شؤون الأمن القومي في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية ماكس بوت، يرى أنه من غير المرجح أن يمثل اغتيال نصر الله ضربة قاضية لحزب الله، المنظمة المغروسة جذورها عميقا في نسيج المجتمع اللبناني.

"نصر الله نفسه تولى قيادة حزب الله بداية التسعينيات، خلفاً لعباس الموسوي الذي اُغتيل بغارة إسرائيلية". "إسرائيل ابتهجت باغتيال الموسوي في ذلك الوقت، وتوقع البعض أن حزب الله سيموت بموت قائده"، كما يضيف الكاتب. لكن نصر الله، رجل الدين الشاب في ذلك الوقت، أثبت أنه أكثر فاعلية من الموسوي، وحول الحزب إلى أقوى قوة عسكرية غير نظامية في العالم.

يضيف الكاتب أنه من الممكن جدا أن يُظهر خليفة نصر الله المقبل، والذي يرجح أنه يكون قريبه هاشم صفي الدين، مهارة مماثلة لسلفه.

وأيا يكن من سيخلف نصر الله، فإن أمامه مهمة شاقة. فحزب الله تلقى عدة ضربات من إسرائيل خلال الأسبوعين الماضيين، ولديه الكثير مما يقلق بشأنه بعد النجاح الذي حققته الاستخبارات الإسرائيلية في اختراق صفوفه، ليس فقط عبر تزويد الحزب بأجهزة إلكترونية مفخخة، إنما أيضا بقدرتها على تتبع قياداته بشكل دقيق يؤهلها لاستهدافهم من الجو.

لكن الكاتب يرى أن حزب الله لا يزال بعيدا كل البعد عن الهزيمة، فالتقديرات تشير إلى أن لديه في ترسانته ما بين 150 و200 ألف صاروخ وقذيفة. صحيح أن الغارات الإسرائيلية دمرت جزءا منها، لكن هذه الترسانة لا تزال فعالة، كما أن في صفوف الحزب ما بين 40 و50 ألفا من المقاتلين المدربين جيدا والمتحمسين للقتال، بحسب الكاتب.

اغتيال نصر الله وخيارات إيران المصيرية

صورة تجمع أعلام إيران ورايات حزب الله مرفوعة خلال تجمع لأنصار حزب الله أثناء انتظارهم خطابا متلفزا لنصر الله في مايو / أيار الماضي
Reuters
إيران بين خيارات البراغماتية والانتقام المباشر في أعقاب اغتيال نصر الله

في صحيفة الغارديان البريطانية، كتب محرر الشؤون الدبلوماسية باتريك وينتور مقالا بعنوان: "اغتيال نصر الله ترك إيران أمام خيار مصيري".

يفتتح وينتور مقاله بالقول إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، كان ذا بصيرة نافذة حين قال الجمعة الماضية إن الأيام المقبلة ستحدد المسار المستقبلي للشرق الأوسط.

وأنه ومع تأكيد اغتيال نصر الله، فقد أصبحت المنطقة على حافة هاوية كان يسعى بلينكن إلى تجنبها.

الأعين الآن موجهة نحو إيران بحسب ما يرى الكاتب، فالرد على الاغتيال يمثل قراراً مصيرياً لطالما حاولت طهران ورئيسها الإصلاحي عدم اتخاذه.

فإذا قررت الاكتفاء بالإدانات الغاضبة لتدمير إسرائيل حجر زاوية في "محورها المقاوم" الذي أنشأته قطعة قطعة على مدى سنوات، فإن مصداقية إيران ستصبح على المحك. لكن الكاتب يضع فرضية بأن براغماتية إيران قد تجعلها تضغط على حزب الله لتقبل خسارته والموافقة على وقف لإطلاق النار، حتى وإن لم يؤد ذلك إلى وقف لإطلاق النار في غزة.

على النقيض، وفي حال قررت طهران الذهاب إلى خيار الانتقام العسكري المباشر ضد إسرائيل، يجب أن يكون ذلك الانتقام ذا قيمة حقيقية. كما أنه سيضع إيران في مواجهة مع قوة عسكرية أثبتت تفوقها التكنولوجي والعسكري، فالاستخبارات الإسرائيلية اخترقت وبشكل جلي حزب الله في لبنان، وربما فعلت الأمر ذاته في إيران، بحسب ما يرى وينتور.