إيلاف من الرباط :قالت نزهة بوشارب، نائبة رئيس دار المناخ المتوسطي ووزيرة السكنى وسياسة المدينة وإعداد التراب الوطني المغربية السابقة،إن المغرب تبنى إجراءات رئيسية متوازية لتوفير مليون متر مكعب من المياه سنويًا لتلبية احتياجات المواطنين والزراعة والصناعة.مشيرة إلى أن هذه الإجراءات تشمل استكمال برنامج بناء السدود، مع إعطاء الأولوية للمشاريع المبرمجة في المناطق التي تشهد هطول أمطار غزيرة، علاوة على تسريع تنفيذ المشاريع الكبرى لنقل المياه بين الأحواض المائية وتسريع إنشاء محطات تحلية مياه البحر.

جانب من إحدى جلسات أسبوع القاهرة للطاقة المستدامة

جاء ذلك في معرض مداخلة ألقتها في أشغال الدورة الثانية لأسبوع القاهرة للطاقة المستدامة 2024، المنظمة من طرف المركز الإقليمي للطاقة المتجددة والنجاعة الطاقية، من الأول إلى الثالث من أكتوبر الجاري في القاهرة.

الرؤية الملكية الطموحة

وأشادت بوشارب بأهمية اعتماد المملكة المغربية مقاربة تجمع بين الماء والطاقة والغذاء والنظم البيئية، التي تعتبر أولوية وطنية وأحد التحديات الكبرى التي تواجه المغرب، مضيفة أن هذه المقاربة تجسد الرؤية الطموحة والاستباقية للملك محمد السادس في مجال معالجة قضية الإجهاد المائي والأمن الغذائي المرتبط بالتغيرات المناخية.

وقالت بوشارب إن هذه الرؤية الملكية الطموحة تهدف إلى تمكين المغرب بحلول عام 2030 من تغطية أكثر من 50% من احتياجاته من مياه الشرب بواسطة محطات تحلية المياه التي تعمل بالطاقة النظيفة، علاوة على سقي مساحات زراعية واسعة، بما يعزز الأمن الغذائي للبلاد، مبرزة أن بلوغ هذا الطموح سيسهم في تحقيق التزامات البلاد، لا سيما الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بمياه الشرب والصرف الصحي، من خلال ضمان توفير مياه نظيفة وصالحة للشرب للجميع، وكذلك الهدف السابع المتعلق بالطاقة النظيفة وذات التكلفة المعقولة، وذلك من خلال إنتاج طاقة خضراء ومستدامة تساهم في تغيير حياة الناس وأنماط الاقتصاد.

52% من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030

وأشارت بوشارب إلى أن تسريع مشاريع الطاقة المتجددة والبنية التحتية واللوجستيات اللازمة لإحداث محطات إنتاج الطاقة المتجددة يهدف إلى تحقيق قدرة مثبتة بنسبة 52% من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، مضيفة أن المملكة المغربية اعتمدت منذ شهر أغسطس 2020 استراتيجية الهيدروجين من أجل تلبية الطلب المحلي وحاجيات التصدير، من منطلق موقع المغرب الجغرافي المتميز وقربه من السوق الأوروبية، مشيرة إلى أنه تم تحديد المغرب كواحد من بين ثلاثة مواقع في العالم لتطوير إنتاج الهيدروجين الأخضر، إذ يسعى المغرب إلى تلبية 8% من الطلب العالمي بحلول عام 2050.

نزهة بو شارب مع مشاركين في أسبوع القاهرة للطاقة المستدامة

وعزت نائبة رئيس دار المناخ المتوسطي النجاح في بلوغ الأهداف السالفة الذكر إلى انتهاج سياسات ملائمة في مجالات تعزيز السياسات التي تدمج النوع الاجتماعي بشكل منهجي، مع ضمان تمثيل النساء في القرارات المتعلقة بإدارة الموارد.

الربط بين المياه والطاقة والغذاء والنوع الاجتماعي

وشددت بوشارب أيضًا على أهمية التقدم بمقترحات مشاريع تدمج بشكل واضح أبعاد الربط بين المياه والطاقة والغذاء والنوع الاجتماعي، بهدف تحسين الوصول إلى المياه والطاقة والأمن الغذائي مع تعزيز المساواة بين الجنسين، من خلال ضمان تمثيلية النساء في مجالات اتخاذ القرار المتعلقة بتدبير الموارد المائية والطاقة.

ومن منطلق مقاربة منصفة مبنية على قيم المساواة، دعت الوزيرة المغربية السابقة إلى تعزيز تقنيات الطاقات المتجددة التي تناسب النساء، مثل الأفران الشمسية، التي تقلل من الوقت المخصص لجمع الحطب، علاوة على تيسير الوصول إلى التمويل للمشاريع التي تعالج التداخلات بين المياه والطاقة والغذاء، مع إعطاء الأولوية للمبادرات التي تعزز المساواة بين الجنسين، وضمان المتابعة والتقييم عبر وضع مؤشرات لقياس تأثير المبادرات التي تدمج النوع الاجتماعي في إطار الربط، من أجل تعديل الاستراتيجيات عند الحاجة.

تعزيز التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية

ولأن النجاح في مثل هذه المبادرات يتطلب مقاربة جماعية وتشاركية ومتعددة الأطراف، شددت بوشارب على ضرورة تعزيز التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية لتطوير حلول مبتكرة ومستدامة، علاوة على استخدام البيانات المفصلة من خلال تعزيز جمع وتحليل البيانات لفهم احتياجات السكان المختلفة بشكل أفضل، لا سيما فيما يتعلق بالنوع الاجتماعي.

ولم يفت بوشارب الإشارة إلى دور التوعية والتدريب عبر تطوير برامج تدريبية تهدف إلى توعية النساء حول الممارسات الفلاحية المستدامة والاستخدام الفعال للمياه والطاقة، بما يعزز استقلاليتهن، الأمر الذي يستلزم إطلاق حملات للدعوة إلى زيادة وعي صناع القرار بأهمية دمج النوع الاجتماعي في السياسات الطاقية ومشاريع التنمية.

تظافر الجهود وتسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة

وخلصت بوشارب إلى أنه على مشارف سنة 2030، يجب تظافر الجهود من أجل تسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما المساواة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية من خلال تحوّل اجتماعي واقتصادي يكون فيه الرجال والنساء في قلب هذا التغيير، مضيفة أن دمج المساواة بين الجنسين في السياسات العامة، وخاصة في إطار المقاربة الجامعة بين الماء والطاقة والغذاء والنظم البيئية، سيمكن من ضمان تحولات عادلة ومنصفة، فيما يخص الاستفادة والتكاليف وتدبير المخاطر.

وذكرت أن الربط بين تركيبة الماء والطاقة والغذاء والنظم البيئية سيتيح المجال أمام مشاركة النساء في اتخاذ القرارات، ولا سيما على مستوى المجالات الترابية، حيث يرجح أن تكون النساء أكثر انخراطًا في إدارة المياه والطاقة والأمن الغذائي والحفاظ على التنوع البيولوجي.

من جهة أخرى ، نبهت بوشارب إلى أن التفكير في الموارد يجب أن يواكبه وعلى نفس القدر من الاهتمام الأخذ بعين الاعتبار للديناميات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، مشيرة إلى أن المساواة بين الجنسين والإدماج الاجتماعي يشكلان حاليًا الحلقات الأضعف في هذا الإطار.

وفي السياق ذاته، أشارت بوشارب إلى أنه في المجالات القروية حيث يكون الارتباط قويًا بالأرض والماء، غالبًا ما يُعترف فقط بالرجال كأصحاب سلطة ومدبرين للموارد في أسرهم ومجتمعاتهم، على الرغم من أن النساء يتحملن المسؤولية اليومية في توفير وتدبير الطعام والماء والوقود والمال والموارد الأخرى، مما يقتضي توسيع وصول النساء والمجموعات المهمشة الأخرى إلى هذه الموارد وإلى مواقع صنع القرار، مع تشديد بوشارب على أن الاعتراف هو نقطة البداية التي تمكن من عمليات المشاركة وتحمل المسؤولية والإدماج.

مشروع الأفران الشمسية بمنطقة سوس –ماسة بالمغرب

يذكر أن بوشارب استدلت في معرض مداخلتها بمشروع الأفران الشمسية بمنطقة سوس –ماسة في المغرب، كتجربة استهدفت تعزيز قدرات النساء العاملات في مجال شجرة الأركان وعددهن 600، من خلال إحداث سلسلة إنتاج للأفران الشمسية، حيث تم تكوين 30 تعاونية على أدوات الإدارة، القيادة النسائية، والقضايا المناخية. مما مكن 40 امرأة من إتقان صناعة الأفران الشمسية، وتأهيل 20 امرأة للاضطلاع بدور سفيرات للأفران الشمسية، علاوة على إنشاء تعاونيتين نسائيتين للطاقة الشمسية.