إيلاف من طهران: في تصعيد استثنائي، ومتوقع، للتوتر الإقليمي، شنت إسرائيل 3 موجات من الهجمات فجر السبت، على نحو 20 هدفاً عسكرياً في محافظات طهران وخوزستان وإيلام.

وهذه هي المرة الأولى منذ الحرب "الإيرانية-العراقية"، التي يتعرض فيها "قلب إيران" لهجوم مباشر، ما يفتح فصلاً جديداً مقلقاً في الشرق الأوسط.
استعراض قدرات التشغيل البعيدة

أظهرت القوات الإسرائيلية قدرات تشغيلية مثيرة، من خلال نقل ترسانة كبيرة لمسافة تزيد عن 1300 كيلومتر من إسرائيل.

وباختراقها لأنظمة الدفاع الإيرانية، استهدفت القدرات الإسرائيلية، مجموعة متنوعة من المنشآت العسكرية بناءً على معلومات استخباراتية. يبرز هذا العمل قدرة على الضرب في عمق الأراضي الإيرانية، وهو تطوّر قد يكون له تداعيات بعيدة المدى على أمن المنطقة.

تباين الاستراتيجيات العسكرية
يبرز التباين بين الاستراتيجيات العسكرية الإيرانية والإسرائيلية بشكل واضح. فإيران استخدمت سابقاً وابلاً من الصواريخ بقصد استهلاك أنظمة الدفاع وإلحاق أضرار عسكرية واسعة النطاق. في المقابل، نفذت إسرائيل عملية على أهداف بعينها، ركزت فيها على أصول عسكرية مثل قواعد تصنيع الصواريخ والطائرات بدون طيار، وفق ما أعلنت تل أبيب، بالإضافة إلى مواقع الدفاع الجوي، كما تجنبت أي منشآت نووية أو نفطية.

على الرغم من وجود أنظمة الدفاع المتقدمة واستعدادها، أجبرت الهجمات الإيرانية جزءاً كبيراً من الإسرائيليين على الدخول إلى الملاجئ. وعلى النقيض من ذلك، فإن المساحة الشاسعة لإيران، وغياب أنظمة الإنذار الواسعة يعني أن سكانها المدنيين يبقون أقل تأثراً فور شن مثل هذه الضربات.

دور متضاءل لـ"حزب الله"
واللافت في الأمر، أن "حزب الله"، الحليف الرئيس لإيران في لبنان، لم يرد فوراً على الهجمات. تاريخياً، كانت الأعمال الإسرائيلية ضد إيران تخاطر بفتح جبهة شمالية مع "حزب الله"، بينما يشير الغياب الحالي لتورط "حزب الله"، إلى ضعف محتمل لنفوذ إيران الإقليمي، عسكرياً، أو قرار استراتيجي لتجنب المزيد من التصعيد.

تنسيق أميركي ونفي للمشاركة المباشرة
دعمت الولايات المتحدة علناً جهد إسرائيل في هذا الهجوم، واعتبرته دفاعاً عن النفس (...) لكنها نفت أي مشاركة مباشرة في العملية.

وعلى الرغم من التنسيق غير المسبوق، بما في ذلك نشر أنظمة الدفاع الصاروخي THAAD في المنطقة، كررت الإدارة الأميركية عدم مشاركتها في الضربات. ويظهر رغم ذلك، التعاون الوثيق "بين الحلفاء"، خاصة وسط التوترات المتصاعدة.

تداعيات على الانتخابات الأميركية
يتزامن توقيت الهجمات مع الموسم الانتخابي الأميركي، ما يضيف مستوى آخر من التعقيد السياسي.

وتراهن واشنطن على عدم وقوع رد آخر من إيران، إلى ما بعد الانتخابات، هو سيناريو محتمل. وهذا التأخير المحتمل سيفيد الإدارة الحالية من خلال تجنب صراع إقليمي محتمل قد يؤثر على الناخبين.

دعوات لحل سياسي
يفترض خبراء، ضرورة اقتران الأعمال العسكرية بمبادرات سياسية استراتيجية. فدون أهداف واضحة وجهود دبلوماسية، يبرز خطر الدخول في صراع مستدامٍ بدون أهداف محددة. وإذا اعتبر (الترتيب) السياسي المتوافق عليه بين الخصوم، أمراً حيوياً لتوطيد أي مكاسب عسكرية، ومنع المزيد من التصعيد، نفترض أننا في انتظار تفعيل المساعي الدبلوماسية.

ديناميكيات سياسية داخلية في إسرائيل
تواجه حكومة إسرائيل انتقادات داخلية بشأن تعاملها مع الوضع. فبينما تحقق المؤسسة العسكرية نجاحات "عملياتية/ عسكرية"، يجري التشكيك في القيادة السياسية الإسرائيلية، لجهة حرصها على بناء استراتيجية دبلوماسية بعد كل هذه المواجهات العسكرية المستمرة منذ قرابة 400 يوم.

المنظور الإيراني والرد
من وجهة نظر طهران، تعد هذه الهجمات انتهاكاً للسيادة الوطنية وعملاً عدوانياً. وقد أدان المسؤولون الإيرانيون الضربات، مؤكدين حقهم في الدفاع عن أنفسهم، ومحذرين من تداعيات محتملة.

وقللت تقارير وسائل إعلام رسمية من حجم الأضرار، مشيرة إلى أن الدفاعات الجوية الإيرانية اعترضت غالبية الصواريخ الإسرائيلية.
وتواجه الحكومة الإيرانية ضغوطاً داخلية وخارجية في صياغة ردها. وموازنة الحاجة إلى إظهار القوة داخلياً مع تجنب حرب شاملة، تمثل تحدياً معقداً.

تشمل الاستراتيجيات المحتملة لإيران الاستفادة من القنوات الدبلوماسية، والانخراط في عمليات سيبرانية، أو استخدام "وكلاء إقليميين" لتأكيد موقفها.

ردود فعل دولية ومخاوف
أعرب قادة إقليميون ودوليون عن قلقهم إزاء التصعيد. وبينما شجبت السعودية ومصر والإمارات وعمان ودول عربية أخرى، هجوم إسرائيل، متخوفين من تأثيرات محتملة قد تزعزع استقرار الشرق الأوسط أكثر، دعت الأمم المتحدة كلا الطرفين إلى ضبط النفس، وشددت على أهمية الحوار لمنع "صراع أوسع".

نظرة مستقبلية
تشكل الأحداث الجارية نقطة تحول حاسمة في العلاقات "الإسرائيلية-الإيرانية". ويراقب المجتمع الدولي بقلق، مدركاً أن الخطوات التالية التي قد يتخذها أي من الطرفين قد تغير المشهد الإقليمي بشكل كبير. وبينما يزن كلا الجانبين خياراتهما، يصبح التأكيد على المشاركة الدبلوماسية أكثر أهمية لتجنب أزمة محتملة.