ستبدأ نتائج الانتخابات الأميركية في الظهور بعد ساعات، لتهيمن خارطة للولايات المتحدة مظللة بالأحمر والأزرق ( لونا الحزبين الجمهوري والديمقراطي) على شاشات القنوات الإخبارية والمواقع الإلكترونية وسط ترقب في كافة أرجاء العالم لنتيجة السباق نحو البيت الأبيض.

وأحيانا تبدو النتائج معقدة بعض الشيء، فالمرشح الفائز قد يفوز بولايات تبدو أصغر مساحة مقارنة بتلك التي تصدرها المرشح الخاسر. بل إنه في بعض الأحيان يكون إجمالي أصوات الناخبين التي حصدها المرشح الخاسر أقل عددا من الأصوات التي ذهبت للرئيس المنتخب.

فلماذا هذا التعقيد؟ وما هي الولايات التي ستحدد الفائز بالسباق الرئاسي؟ وماذا عن الاستحقاقات الانتخابية الأخرى التي ستجرى اليوم أيضا؟

موعد الانتخابات

تجرى الانتخابات الرئاسية مرة كل أربعة أعوام على أن تقام يوم ثلاثاء أوائل شهر نوفمبر/ تشرين الثاني.

فهل يعني هذا أن الانتخابات تجرى في أول ثلاثاء من شهر نوفمبر/تشرين الثاني؟ ليس دائما.

فالقانون الأميركي يشير إلى أن الانتخابات تجرى في الثلاثاء التالي لأول اثنين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني.

وهذا يعني أنه في حال ما تصادف أن كان الأول من نوفمبر هو يوم ثلاثاء فإن الانتخابات تجرى بعد أسبوع، أي في الثلاثاء الثاني من نفس الشهر.

ولتسهيل الأمر فإن القاعدة هي أن الانتخابات تجرى في يوم الثلاثاء الواقع في الفترة من يوم 2 نوفمبر إلى 8 نوفمبر.

ستكون الانتخابات الرئاسية معركة حامية بين دونالد ترامب وكامالا هاريس
Getty Images
ستكون الانتخابات الرئاسية معركة حامية بين دونالد ترامب وكامالا هاريس

دونالد ترامب وكامالا هاريس فقط؟

تمثل الانتخابات الرئاسية لعام 2024 مواجهة مثيرة بين الرئيس السابق دونالد ترامب بوصفه مرشح الحزب الجمهوري، وكامالا هاريس نائبة الرئيس الحالي جو بادين بوصفها مرشحة الحزب الديمقراطي.

لكن قائمة المرشحين لا تقتصر على ترامب وهاريس، فهناك عدد من المرشحين الذين لا يُعتقد أن لديهم فرصة حقيقية في المنافسة.

فهناك الناشطة والطبيبة جيل ستاين مرشحة حزب الخضر التي تدعو إلى تبني استراتيجية على مستوى البلاد لمكافحة الاحتباس الحراري.

كما يخوض الناشط شيس أوليفر الانتخابات مرشحا عن الحزب الليبرتاري ببرنامج يدعو إلى وقف الدعم العسكري لإسرائيل وأوكرانيا وإغلاق القواعد العسكرية الأميركية خارج البلاد.

كذلك يطالب الأكاديمي والناشط المستقل كورنيل وست عبر برنامجه الانتخابي بتقليص الإنفاق العسكري بشكل كبير وتحمل الدولة تكاليف الرعاية الصحية.

المجمع الانتخابي

يعتمد النظام الانتخابي الرئاسي الأميركي على توزيع السكان في الولايات، إذ يكون للولاية الأكبر من حيث الكثافة السكانية تأثير على تحديد الفائز بالسباق الرئاسي أكبر من تأثير الولاية الأقل سكانا.

هذا النظام الانتخابي يُعرف بالمجمع الانتخابي، والذي يرتبط عدد أعضائه وتوزيعهم بتركيبة الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ.

فالكونغرس يضم 535 عضوا مقسمين بين 100 عضو في مجلس الشيوخ (عضوان عن كل ولاية) و435 عضوا في مجلس النواب موزعين بحسب عدد سكان كل ولاية.

أما المجمع الانتخابي فيضم 538 عضوا، بزيادة 3 أعضاء عن إجمالي عدد أعضاء الكونغرس، وهم الممثلون عن العاصمة واشنطن غير الممثلة في الكونغرس.

فولاية مثل كاليفورنيا، التي تعد الولاية الأكبر في البلاد، لديها 54 ممثلا في المجمع الانتخابي، وهو نفس عدد ممثليها في الكونغرس ( عضوان في مجلس الشيوخ و52 عضوا في مجلس النواب).

أما ولاية ألاسكا فرغم مساحتها الشاسعة التي تتجاوز مليون ونصف مليون كيلومتر مربع، إلا أنها ممثلة بثلاثة أعضاء فقط في المجمع الانتخابي، وهذا لأنها من بين الولايات الأقل كثافة سكانية في البلاد.

وهكذا فإن ولاية مثل فلوريدا لديها 30 ممثلا في المجمع الانتخابي، وهو ما يساوي عدد ممثلي 9 ولايات.

ويفوز بالانتخابات الرئاسية الأميركية من يحصد 270 صوتا على الأقل في المجلس الانتخابي.

وتعتمد الانتخابات الأميركية على قاعدة "الفائز يحصد كل شيء" أي أن المرشح الفائز بأكثرية الأصوات في ولاية معينة يحصد كافة أصواتها في المجمع الانتخابي حتى لو كان الفارق بينه وبين منافسه ضئيلا للغاية.

هذه القاعدة – التي تطبق في أغلب الولايات باستثناء ولايتي ماين ونبراسكا- هي السبب في أنه في بعض الحالات يمكن أن تختلف نتيجة تصويت أعضاء المجمع الانتخابي عن نتيجة تصويت مجموع سكان البلاد.

ففي عام 2016، على سبيل المثال، كان إجمالي الأصوات التي حصلت عليها هيلاري كلينتون يزيد بنحو ثلاثة ملايين صوت على ما حققه دونالد ترامب، لكن الأخير هو الذي فاز بالانتخابات بعد أن حصل على تأييد 304 من أعضاء المجمع الانتخابي.

الولايات المتأرجحة

هناك ولايات تعد نتيجة السباق الرئاسي فيها شبه محسومة وذلك لأن سكانها يميلون بشكل كبير إلى أحد الحزبين، ما يجعل الحملات الانتخابية فيها ليست بالكبيرة، فهي تعد ولايات "آمنة".

فولاية كاليفورنيا مثلا تصوت منذ عام 1992 لصالح مرشحي الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية، ولهذا فإن فوز كاميلا هاريس بها لن يكون أمرا مفاجئا. كذلك الحال في حال فاز ترامب بولاية تكساس التي تصوت للمرشحين الجمهوريين منذ عام 1980.

في المقابل فإن هناك عددا من الولايات تبدو نتيجة تصويتها غير محسومة.

هذه الولايات "المتأرجحة" تحظى باهتمام كبير من قبل الحملات الدعائية للمرشحين.

ويُعتقد أن الفوز بهذه الولايات المتأرجحة سيكون بمثابة مفتاح دخول البيت الأبيض.

ويقول مراقبون إن هناك سبع ولايات متأرجحة قد تحسم السباق الرئاسي لعام 2024.

فهناك ولايات نيفادا، وأريزونا، وجورجيا، وبنسلفانيا، وميتشغان، وويسكنسون، وهي ولايات صوتت لصالح جو بايدن في انتخابات 2020.

كذلك تضم القائمة ولاية نورث كارولينا التي صوتت لصالح ترامب في الانتخابات الأخيرة.

ويسعى ترامب إلى انتزاع الفوز في الولايات المتأرجحة التي خسرها قبل 4 سنوات، بينما ستحاول كامالا هاريس الحفاظ على تقدم الحزب الديمقراطي فيها.

انتخابات الكونغرس سيكون لها أيضا أهمية كبيرة
Getty Images
انتخابات الكونغرس سيكون لها أيضا أهمية كبيرة

انتخابات الكونغرس

وبينما ستجذب الانتخابات الرئاسية والصراع على الولايات المتأرجحة الكثير من الأنظار، فإن استحقاقات انتخابية أخرى ستجرى في البلاد وسيكون لها أيضا الكثير من الأهمية.

فالسباق الرئاسي سيجرى بالتزامن مع انتخابات لاختيار مشرعين وحكام ولايات وأعضاء في إدارات محلية.

إذ سيكون على الناخبين الأميركيين اختيار جميع أعضاء مجلس النواب ونحو ثلث أعضاء مجلس الشيوخ.

ولكن لماذا ثلث أعضاء مجلس الشيوخ فقط وليس جميع الأعضاء؟

تكمن الإجابة عن هذا السؤال في الاختلاف بين فترة ولاية أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب.

فعضو مجلس النواب يتم انتخابه لمدة عامين فقط لهذا تجرى انتخابات مجلس النواب كل عامين.

أما ولاية عضو مجلس الشيوخ فتمتد لستة أعوام ما يعني أنه في كل عامين يتم انتخاب نحو ثلث الأعضاء على أن يتم انتخاب الثلثين الثاني والثالث بعد عامين ثم أربعة أعوام.

ولتبسيط الأمر علينا أن نعود إلى عام 2022، عندما جرت انتخابات التجديد النصفي على جميع مقاعد مجلس النواب ليخسر الديمقراطيون الأغلبية لصالح الجمهوريين. لكن في مجلس الشيوخ جرت المنافسة على مقاعد 34 عضوا لينتزع الديمقراطيون الأغلبية من الجمهوريين.

وفي عام 2024 سيتم انتخاب جميع أعضاء مجلس النواب على أن تتم المنافسة على مقاعد 33 عضوا في مجلس الشيوخ لم يخوضوا انتخابات 2022.

وفي عام 2026 سيكون من المفترض أن تجرى الانتخابات لاخيتار جميع أعضاء مجلس النواب، كذلك ستجرى المنافسة على مقاعد 33 عضوا في مجلس الشيوخ لم يخوضوا انتخابات 2022 و2024.