إيلاف من الضفة: جمعت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية شهادات على استخدام القوات الإسرائيلية للمدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية خلال اجتياح قرى ومدن فلسطينية بالضفة الغربية المحتلة.

ونقلت عن فلسطينيين قولهم إن القوات الإسرائيلية تتبنى تكتيكات مشابهة لتلك التي تستخدمها في غزة، بما في ذلك الضربات الجوية، واستخدام الفلسطينيين كدروع بشرية.

وتقول الصحيفة إن جنوداً إسرائيليين أمسكوا بذراعي ناصر دماج وجذبوه عبر الشوارع حتى وصلوا إلى مسجد مدمر، ثم قادهم ممر ضيق إلى كهف قديم تحت الأرض، وعندما أمره الجنود بالنزول، أدرك دماج فوراً أنه كان يُستخدم كدرع بشري.

وقال دماج: "كانوا يريدونني أن أستطلع ما يوجد في الأسفل، لحمايتهم"، مضيفاً أنه اعترض على الأمر، لكن الجنود الثلاثة وقائدهم، الذين كانوا يحملون بنادق هجومية، أجبروه على تفقد ما أطلق عليه الإسرائيليون لاحقاً "منشأة قتالية تحت الأرض".

وتذكر دماج كلمات القائد وهو يسلمه طائرة مُسيرة لمراقبة الكهف قائلاً: "كن حذراً، لا تكسرها، إنها باهظة الثمن".

وذكرت "نيويورك تايمز" أن الواقعة، التي أكدها شهود عيان، لم تحدث في غزة، بل في الضفة الغربية المحتلة، مشيرةً إلى أنه لطالما أجبرت القوات الإسرائيلية الفلسطينيين في كثير من الأحيان على تنفيذ مهام خطيرة لتجنب تعريض حياة الجنود الإسرائيليين للخطر في الحرب.

وأشارت الصحيفة إلى أن الغارات الإسرائيلية التي استمرت 10 أيام على جنين، مسقط رأس دماج، كانت جزءاً من هجوم عسكري أوسع على المناطق الفلسطينية بدأ في أواخر أغسطس، ما شكل بداية لتكثيف الهجمات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

ونقلت الصحيفة عن خبراء قولهم إن الضربات الجوية الإسرائيلية على الضفة الغربية كانت "نادرة نسبياً" قبل هجوم 7 أكتوبر 2023، لافتين إلى أن الحالات المؤكدة "قليلة"، لكن بدءاً من أغسطس، أفاد الجيش الإسرائيلي بتنفيذ نحو 50 ضربة جوية على الضفة الغربية، وفق "نيويورك تايمز".

وأودت الضربات الجوية بحياة أكثر من 180 شخصاً في الأراضي الفلسطينية بالضفة المحتلة خلال العام الماضي، بينهم العشرات من الأطفال، بحسب الأمم المتحدة ومؤسسة "الحق" الحقوقية الفلسطينية.

ورفض الجيش الإسرائيلي تقديم حصيلة لعدد الضحايا، لكنه زعم أن "98%" من الأشخاص الذين قُتلوا في الضربات الجوية كانوا مشاركين في أنشطة إرهابية"، بحسب ما نقلته الصحيفة.

وألحقت الضربات الجوية أضراراً واسعة النطاق بشبكات الطرق والكهرباء، بالإضافة إلى خطوط المياه والصرف الصحي في القرى والمدن الفلسطينية بالضفة.

ويقول عمال إغاثة محليون ودوليون وتابعون للأمم المتحدة إن إسرائيل عطلت جهودهم الإغاثية، وأظهرت مقاطع فيديو، قالت الصحيفة، إنها تحققت من صحتها، جرافات إسرائيلية تمنع مرور سيارات الطوارئ في الضفة المحتلة.

وفي عام 2005، قضت المحكمة العليا الإسرائيلية بأن استخدام الجيش الإسرائيلي للمدنيين كدروع بشرية ينتهك القانون الدولي وحظرت هذه الممارسة، لكن الجيش لم يمتثل لذلك.

وكتب أهارون باراك، رئيس المحكمة العليا آنذاك، في حكمه: "لا يجوز استغلال السكان المدنيين لتلبية احتياجات الجيش العسكرية، ولا يمكن إجبارهم على التعاون مع الجيش".

لكن الفلسطينيين في الضفة الغربية يقولون إن هذه الممارسة لم تتوقف أبداً. وقال أحمد بلالو إن القوات الإسرائيلية أعطته ولاعة وأمرته بإشعال الحبال التي تمسك الأغطية المعلقة فوق الأزقة الضيقة في مخيم جنين، التي يستخدمها المقاتلون عادة للاختباء عن الأنظار.

وتابع: "إذا قلت لا، كنت أعلم أنهم سيعتدون عليّ".