اسرائيل اليوم
تم استقبال صور القذافي وهو يستجدي الابقاء على حياته في ذعر في مكاتب حزب البعث في سورية. فاذا كان يوجد من اعتقد ان القمع العنيف للمظاهرات سيمنع عن الحكام العرب مصيرا يشبه مصير مبارك، فان جثة حاكم ليبيا السابق المهشمة بيّنت ما هو البديل عن قفص الاعتقال. والاسد يدرك انه في وضع إما ان يكون أو لا يكون.
والاضطرابات في بلاده لم تخفت لحظة حتى في الفترات التي قل فيها اهتمام وسائل الاعلام الاسرائيلية والعالمية بها. ومن المعقول الآن افتراض ان الانتباه سينحصر مرة اخرى في سورية وان الضغط على النظام من الداخل والخارج سيزداد.
ان أكثر مواطني سورية مشاركون على نحو من الأنحاء في الانتفاضات أو يؤيدونها. والصور من ليبيا تمنحهم التشجيع. انقلب الفرض الاساسي في سورية فلم يعد السؤال الآن هل سيجتاز بشار الاسد الانتفاضات بل متى سيسقط ومن سيحل محله.
في حين يقف مواطنو ليبيا في الصف لالتقاط الصور مع جثة القذافي، أعلن حاكم سورية هذا الاسبوع عزل حاكمي محافظتين في دمشق وإدلب، وفي المقابل يمكن توقع تصعيد آخر في قوة الرد العلوي على المتظاهرين.
يحاول الاسد كل حيلة للبقاء لكن الاتجاه العام في غير مصلحته. ان أكثر الجيش السوري محتجز في معسكرات الجيش كي لا يترك الجنود والضباط السنيون الجيش بجموعهم وينضموا الى المعارضة. وليس السؤال المثير للاهتمام اليوم ما هي الخطوة التالية للنظام، بل كيف ستبدو سورية في اليوم الذي يلي انهيار السلطة وزمن الفترة الانتقالية حتى انشاء طريقة حكم جديدة في الدولة.
ستؤدي السعودية خاصة دورا مهما في هذه الفترة. فعلى مدى سنين، ومنذ ايام عبد الناصر، صارعت السعودية مصر على الهيمنة على العالم العربي، لكنه منذ سقط مبارك بقيت وحدها في الميدان متفاجئة. وتم القضاء ايضا على زعماء آخرين أرادوا التأثير في العالم العربي كصدام حسين والقذافي. ويناضل جيل جديد من اجل الهيمنة على المنطقة وعلى رأسهم اردوغان التركي واحمدي نجاد الايراني وكلاهما غير عربي.
فهذه ساعة السعودية ـ فعليها ان تُحدث اجراءات حقيقية لا أن تخرج بمبادرات غير ملزمة فقط. أما لبنان فخسره العالم السني وأما سورية فانه يستطيع ان يعيدها الى حضنه.
ان احمدي نجاد، الذي يمثل مع ايران الاسلام الشيعي، عرّض بنية بلاده أن يملأ الفراغ الذي سينشأ في العراق مع مغادرة القوات الامريكية حتى نهاية العام. وبرغم مشكلات ايران الداخلية فانها تلحظ ساعة مناسبة في ربيع الشعوب العربي وتسهم في تأجيج الاضطرابات في دول الخليج، باستعمال فعال لتأثيرها في الأقليات الشيعية في البحرين والسعودية.
ان سورية دولة مفتاح في الصراع: فهي مرساة سنية تقطع الامتداد الشيعي الذي يبدأ في ايران ويمر بالبحرين وشرقي السعودية وينتهي الى لبنان.
وفي السعودية يدركون التهديد من قبل ايران لكن ليس واضحا هل الملك عبد الله السعودي قادر على الارتفاع الى عظم الساعة والمسؤولية الملقاتين على كاهله، أم أنه سيفضل الاستمرار في حصر عنايته في شؤونه الداخلية وإقرار سلطته.
انتهت في هذا الشهر فترة في العالم العربي. وبلغت نهايتها معارك الملاكمة التقليدية بين رؤساء الدول الذين صبغوا الأحداث بصبغتهم عشرات السنين. بقي عبد الله وحده وليس مؤكدا ألبتة هل يفرحه هذا النصر. سيكون امتحانه الاول في نضاله للهيمنة الشيعية المتفشية. ان أنظار العالم السني تتطلع الآن اليه.
التعليقات