علي حسين


يعتقد الشيخ يوسف القرضاوي إن العناية الإلهية قد أوكلت إليه أمور العباد، يفعل بهم ما يشاء، مرة يريد منهم الدفاع عن صدام ونظامه القمعي وأخرى يطلب منهم أن يفجروا أنفسهم من اجل الخلاص من العراقيين الذين وضعوا أيديهم في أيدي الكفرة الأميركان، ثم يصحوا بعد ذلك ليهلل لحلف الناتو طالبا مد يد العون للعرب، هكذا في كل مرة يريد منا القرضاوي أن نقول له سمعا وطاعة يا شيخ، ولعل من المثير للعجب أن تمتلئ الفضائيات بخطب القرضاوي عن القذافي والأسد فيما صمَت الرجل صمْت الموتى أمام جرائم صدام،

ولم نقرأ او نسمع له يوما تصريحا ضد حسني مبارك عندما كان في الحكم، بل إن الرجل لم يخرج في تظاهرات ميدان التحرير طوال الـ18 يوما التي قادها شباب الثورة، لكن ما أن استقرت الأمور وتنحى مبارك حتى شاهدناه يسرق المنصة من شباب الثورة بكل سهولة، بل ويمنعهم من الصعود إليها، من هنا جاء تحذير بعض العقلاء من داخل مصر من خطر اختطاف الثورة، كما كتب سعد الدين إبراهيم محذرا من أن طهرانية الشباب التي أغرت البعض من الكهول للقفز على ثورة الشباب، ومحاولة الوصاية عليها أو تأميمها لحسابهم كلية، فيما وضعنا الكاتب تركي الدخيل في صلب الموضوع حين تساءل أين هم شباب الفيسبوك في ليبيا وفي مصر وفي تونس؟ لأن الطبقة التي خرجت على الساحة السياسية ليست هي التي أشعلت الثورات وكسرت حاجز الخوف. لم يخرج شباب الفيسبوك في ليبيا على أنهم مستثمرون سياسيون بل هم الذين ينزلون إلى الميادين بصدورٍ عارية، ثم يأتي سماسرة السياسة في اللحظات الأخيرة ليختطفوا الثورة لصالح مشاريعهم الضيقة.
لم نقرأ أو نسمع يوما أن القرضاوي ناصر الشعوب العربية ودافع عن حقها في الحرية والديمقراطية، لكن خطبه امتلأت بالسباب والشتائم للشعب العراقي لأنه فرح بالحرية وباندحار عصر الدكتاتورية... لم نقرأ أو نسمع أن القرضاوي انتصر لضحايا العمليات الإرهابية لكننا سمعنا ورأينا كيف حرّض هذا الشيخ طائفة من القتلة من أمثال الزرقاوي لذبح أطفال العراق، بل ظل يهتف للقائد الضرورة ويعتبره شهيدا، بينما الآلاف من العراقيين مطلوب منهم أن يتنازلوا عن أرواحهم وأجزاء من اجسادهم وبيوتهم ويمحى حاضرهم ويضيع مستقبلهم، اليوم وبعد أن ساند بن لادن والزرقاوي وصدام عاد الشيخ الفضائي المثير للجدل ليحذر المصريين من التصويت لغير الإخوان المسلمين ففي فتوى مثيرة للاستنكار يقول القرضاوي: quot;اشهدوا لمن يعترف بالخير والصدق والإسلام، ولا تشهدوا لعلماني، ولا للاديني، أو لمن لا يقبل بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياًquot;.
الفتوى اذن واضحة فهو ينهى المصريين عن التصويت للعلمانيين وهم الداعين لفصل الدين عن الدولة ولأحزاب اليسار الذين هم في عرفه لا دينين، ولغير المسلمين ويقصد بهم طبعا عشرة ملايين مصري من المسيحيينquot;، وبعد استبعاد هذه القوى فمن يبقى على الساحة؟ لا يبقى سوى الإسلاميين من اخوان وسلفيين. هكذا وببساطة يرتدي القرضاوي عباءة بن لادن حيث لا تهاون مع غير المسلمين، فكل من يدعو إلى تطبيق مبدأ العقد الاجتماعي كافر وان البشر الذين ينظمون شؤونهم بإرادتهم لا بإرادة الشيخ القرضاوي فهم في الجحيم، طبعا الشيخ الفضائي وبسبب المركز والجاه والشهرة والمال يريد أن يمثل علينا دور الوصي على شؤون الامة، الذي يمتلك حق التصرف في عباد الله فيفصل لهم ديمقراطية على هواه ومزاجه، القرضاوي الذي يدعي انه يمثل الإسلام المعتدل، يخادع الناس ويحرض على الطائفية ويروج للخرافات في برامج التليفزيون .
اليوم نتساءل أي مستقبل ينتظر الشعوب العربية حين يقودها أمثال القرضاوي؟، وأي مستقبل ينتظر انتفاضات الشعوب حين يكون الناطق باسمها شيخ لا يزال يخوض معارك بن لادن والزرقاوي.. وأي امة هذه التي يقودها شيخ يعيش أبناؤه ويتنعمون في دول الغرب لكنه يحث الناس على قتال الغرب الكافر، كيف نصدقه وهو يقول إن الإسلام دين رحمة وتسامح، وهو يريد تحويله إلى دولة لا مكان فيها لمن لا يطيع فتاوى القاعدة.