مقولة خالدة تقول: "مهنة الصحافة هي مهنة البحث عن المصاعب" فالبحث عن الحقائق يستلزم بالضرورة السير في حقول ملغّمة كثيرة الأشواك؛ لأن السماء لا تمطر أخباراً في السابق، ولن تمطر أخباراً في المستقبل، لذا يجد "الصحافي" في كل بلدان العالم، والمملكة على وجه الخصوص صعوبات وتحديات؛ كي يحصل على معلومات موثوقة مؤكدة، من مصادر معلومة ذات صدقية عالية، وليست مجهّل؛ احتراماً للقارئ وحقه، وتحقيقاً لمكانة الصحيفة ورسالتها، وتأكيداً على سلامة المناخ الإعلامي وصحته، وتعظيماً لفلسفة إتاحة المعلومة الصادقة -مهما كانت مؤلمة وشاقة- واستنطاقاً للمراكز الإعلامية للوزارات والجهات والهيئات الحكومية، والتفاعل مع الأحداث والتعامل معها فور وقوعها، دون انتظار لوخزة إعلامية صحفية، ساعتها تُستنفر جهود المراكز الإعلامية، ويبدأ المتحدثون الإعلاميون لتلك الجهات بعد أخذ الأوامر بضرورة التفاعل مع الرأي العام، وبث بعض الحقائق، التي هدفها تهدئة الرأي العام، الذي ظل متوتراً؛ لانتظار الرد الرسمي الذي يُشفي الغُلّة، الذي يأتي دائماً متأخراً، وأعلم جيداً أن مجلس الوزراء الموقر يتابع عن كثب الأحداث المحلية والإقليمية والعالمية، ونحن هنا بصدد ما يتم تداوله محلياً، وبكل صدق أرى اهتماماً من المنظومة الإعلامية لمجلس الوزراء، وأرى حرصها على مخاطبة الجهات المسؤولة عن حدث ما فور وقوعه، وتنتظر ردوده على تلك الأحداث، وآلية التعامل معها بسرعة ووضوح وصدقية، بشكل مباشر مع وكالة الأنباء السعودية "واس" أو مع الصحف المحلية، ومنصات التواصل الاجتماعي.

في الحقيقة لي تجارب كثيرة مع مراكز إعلامية لوزارات وهيئات، ومتحدثين إعلاميين لتلك المؤسسات الحكومية الكبيرة، وأرى أن تلك التجارب تستحق أن نلقي الضوء على بعضها، ليس من قبيل إثبات القوة، وادعاء بطولات زائفة، ولكن نريد أن نصوّب ونصحح واقعاً.

عندما نتابع حدثاً محلياً مهماً، نبادر في التواصل مع الجهات المسؤولة، ونطرح تساؤلاتنا التي نراها مهمة، وفي نفس الوقت تختلج في قلوب وعقول المواطنين في هذا الوطن الكبير، وننتظر أياماً وأسابيع، ولا تصلنا الردود، فنتابع إرسال الأسئلة مرة ومرات، فنحن نريد أن نخرج للرأي العام بإجابات عن تساؤلاته من جهات معنية موثوقة، وفي كثير من الأحيان يجيب المتحدث الرسمي أو الجهاز الإعلامي للوزارة أو الهيئة، وبدلاً من إرسال تلك الإجابات للصحافي أو الصحيفة التي أرسلت التساؤلات، نراهم يصدرون بياناً صحفياً، مستلهمين من أسئلتنا ما يحتاجه الرأي العام من معلومات، فيبدؤون في سردها عبر بيانهم الإعلامي الصحفي، ومن هنا يتم اغتيال حق الصحافي والصحيفة، الذي أزال الغموض، وكشف الصورة وجعلها واضحة جلية؛ ليتم السطو على فكرته بقصد، وإلاّ أين أنت أيها المتحدث الإعلامي من هذا الحدث أو ذاك وقت وقوعه؟ أين كنت؟ ولماذا لم تبادر بإصدار بيانك الصحفي الإعلامي في وقت طال انتظاره؟، هل كنت تنتظر إشارة البدء من الصحافي وصحيفته لكي تتضح أمامك الصورة؟

في تقديري.. إننا أمام معضلة حقيقية، أين دور المراكز الإعلامية في كشف الحقائق والتعامل مع الأحداث وقت وقوعها؟، فهل يكمن دوركم -فقط- في إبراز نجاحات هيئتكم؟ تلك نظرة قاصرة، لأن الهدف من وجودكم، وكذا المتحدث الإعلامي التعاطي مع الشارع والرأي العام، والصحافة ووسائل الإعلام، حتى نئد الشائعات في مهدها. وللحديث بقية..