سولانا يغيّر موقفه من دمشق

المعلم وسولانا يبحثان هاتفيا الأوضاع الاقليمية

بهية مارديني من دمشق: شيئا فشيئا تتوضح نتيجة المساومات الكبرى التي درات رحاها بين عواصم القرار الكبرى والعواصم الاقليمية حول الملفات المتأزمة في الشرق الاوسط ويبدو ان بلورة صيغة متكاملة تتضح اما كسلة واحدة او كملفات متلاحقة اذا تعذر الحل كسلة واحدة.

ويبدو ان سورية كانت واحدة من العواصم العربية التي استطاعت ان تنجو من العاصفة الاميركية الهوجاء التي هبت على العراق ولبنان وبات بامكان الرئيس السوري بشار الاسد ان يطمئن الى ان دوره الاقليمي لن ينحسر بل سيتمدد خصوصا في ظل عجز القوى والدول المناوؤة له من الفوز باي نقطة في مواجهته مع حليفه الايراني الذي يتقدم ملفه النووي بحماية مواربة من روسيا والصين.

فدمشق التي تتفاخر اليوم بان الاوروبيين عادوا يطرقون بابها بعد ان quot;فشلوا في عزلها وعزلوا انفسهم عن قضايا المنطقة quot; تقف مرتاحة الى حد الغبطة وهي تشاهد نتائج التحقيقات في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري تنحسر عنها حتى لو اتهمتها مباشرة لان مسودة المحكمة الدولية التي وصلت الى الحكومة اللبنانية تعرضت الى نوع من (المسخ )مقارنة مع ماكان يريد مناهضو سوريا اللبنانيون وغير اللبنانيون فالمحكمة (كما اوردت الوكالات) لن يكون بامكانها استجواب او محاكمة الرؤساء كما ان اغتيال الحريري لن يعتبر عملا ارهابيا او جريمة ضد الانسانية وهو مايعني ان الولايات المتحدة وفرنسا تخليتا فعليا عن اية محاولة لزعزعة استقرار النظام في سورية وهو امر لن يكون مجانيا بالتاكيد.

المعلومات تقول ان روسيا هي التي ادخلت هذه التعديلات الجوهرية على المحكمة الدولية خشية من ان تستخدمها واشنطن وباريس في تدمير الحليف السوري الوثيق لروسيا ومعه الحليف الايراني وهو قد يعني اذا ماحصل شللا رهيبا للسياسة الروسية التي لابد وان التعثر الاميركي في العراق وخيبات جورج بوش الابن يسعدها ويدفعها الى استغلال كل فرصة سانحة لتعزيز المواقع الامامية لروسيا املا في اعادة البريق الى النجم الروسي الذي افل وكاد ينهار بعد ان ضاعت الامبراطورية السوفيتية وتحول الاشقاء الى اعضاء في حلف شمال الاطلسي واعضاء في الاتحاد الاوروبي.

بالتاكيد الولايات المتحدة لم تكن لتسلم بماتريده موسكو وحلفاءها سورية وايران لو لم تضمن بالمقابل تنازلات من جانبهم وهو امر بات مفروغا منه فسوريا التي كانت (اميركيا)عامل اجهاض وقلاقل في الملف العراقي قررت ان توفد وزير خارجيتها وليد المعلم (المعلومات تقول انه سيصل غدا او بعد غد) الى بغداد ليدشن عودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين الجانبين وهي خطوة ليست مصادفة ان تتزامن مع الكشف عن مسودة المحكمة الدولية في اغتيال الحريري او تعثر صدور قرار يفرض عقوبات على ايران في مجلس الامن على خلفية برنامجها النووي.

لعل الزعيم الدرزي وليد جنبلاط كان دقيقا على طاولة التشاور اللبنانية عندما قال ان الحلف السوري الايراني يتقدم على حساب تراجع الحلف المقابل له وهو امر واقعي ومنطقي بالنظر الى التعثر الكارثي للسياسة الاميركية ومعها الاوروبية في اكثر من ملف واذا لم يمد الاعداء ايديهم وفق تفاهمات من تحت الطاولة فان الغرق والفوضى قد تصيب الجميع بشظاياها ومن هنا فانه ليس من الصعب ان نرصد بعد العلامات غير البرئية.

فاولمرت يقول ان الاسد لايمكنه ان يحصل على الكعكة كلها واذا ما اراد الحصول على الجولان عليه ان يقدم تنازلات وسولانا يتصل بالمعلم وميركل تتحدث عن دور سورية وبلير يستعد للتوسط من اجل استئناف محادثات السلام السورية الاسرائيلية والاكراد باتوا مقتنعين بان اميركا لن تسمح لهم بالانفصال وتركيا تقر اتفاقية التجارة الحرة من سورية وفي خضم كل ذلك يقيل بوش وزير دفاعه(الاحب الى قلبه) بعد فوز الديمقراطيين في الانتخابات الاميركية ليصبح الحكم في الولايات المتحدة برأسين (كما في فلسطين حاليا) وبالطبع كل بحسب حجمه ووزنه.

ومن الواضح مما سبق كله ان النظام في سوريا خرج سالما من المعمعة التي دخلها منذ ان قررت الادارة الاميركية ان تحشره في الزاوية قبل نحو عامين ولكن ثمن هذا الخروج قد يكون مكلفا لواشنطن وحلفائها وهو امر مفهوم لحلفاء الولايات المتحدة الاقليميين الذين لابد وان يتواءموا مع الحقائق المرة الجديدة.