أسامة العيسة من القدس: في التاسع والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1947 قررت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين إلى دولتين: يهودية وعربية، متجاهلة، كما يرى الفلسطينيون رغبة سكانها الأصليين، في حين عارضته أيضا القيادة اليهودية الصهيونية انذاك أيضا. وتم تمرير قرار التقسيم الذي اخذ الرقم (181) بعد أن تم إحباط مشروع الحصول على رأي استشاري من محكمة العدل الدولية يبحث في قانونية ومشروعية التقسيم، من قبل الدول المهيمنة على الأمم المتحدة والتي كانت خرجت منتصرة في الحرب العالمية الثانية التي قسمت العالم إلى معسكرين غربي رأسمالي وشرقي اشتراكي، اتفقا في أمور قليلة من بينها على قرار تقسيم فلسطين.

وبعد مرور 59، عاما يتبين، أن الدول المهيمنة على الأمم المتحدة، لم تكتف بمجرد فرض رغبتها بالتقسيم، ولكنها امتنعت أيضا عن تطبيق ما أقرته وquot;بذلك تكون قد نقضت كل معايير الشرعية والعدالةquot; كما يرى مركز بديل، وهو مركز حقوقي فلسطيني يعنى بقضية اللاجئين الفلسطينيين.

وفي ذكرى قرار التقسيم التي مرت هذا العام بصمت، اصدر مركز بديل (المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين)، بيانا بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي هو في نفس الوقت ذكرى التقسيم، دعا فيه إلى جعل هذا اليوم quot;التزاما دوليا لتحقيق العودة وتقرير المصيرquot;. ورأى البيان بان صدور قرار التقسيم كان quot;فرصة مواتية لشن حرب التطهير العرقي التي نظمتها العصابات الصهيونية آنذاك، الأمر الذي قاد إلى النكبة الفلسطينية عام 1948، حيث تم بالقوة والترهيب تهجير ومصادرة أملاك حوالي 80% من السكان الفلسطينيين وإعلان قيام دولة إسرائيل على 78% من أرض فلسطينquot;.

واعترفت غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بمسئوليتها المباشرة عن ما يعتبره الفلسطينيون تدمير وطنهم عامي 1947-1948، وعن الأزمة المستمرة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وبناء على ذلك، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1977 تبنيها ليوم التاسع والعشرين من شهر تشرين ثاني (نوفمبر) من كل عام، يوما عالميا للتضامن مع الشعب الفلسطيني، اعترافا منها بمسؤوليتها عما نتج جراء إصدار قرار التقسيم وللتأكيد على أن القضية الفلسطينية بقيت بدون حل. ولكن هذا الاعتراف، كما يرى مركز بديل quot;لم يلغ أن الأمم المتحدة فشلت في تطبيق قراراتها العديدة التي تحمي الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني بسبب غياب الإرادة السياسية للدول المهيمنةquot;.

وتابع بيان المركز quot;وأكثر من ذلك انه وبعد مرور 57 عاما، وبالتحديد في التاسع من أيلول 2004، عندما نجح الشعب الفلسطيني في إحراز فرصة عرض جانب من قضيته وحجته أمام محكمة العدل الدولية، للمرة الأولى لا زالت الإرادة السياسية للدول المتنفذة والمهيمنة تحول دون إنصاف الشعب الفلسطينيquot;.
واضاف البيان quot;لقد قضت المحكمة الدولية بوجوب إزالة جدار الفصل واعتبرته غير قانوني لأنه يقام على أراض محتلة تعود للفلسطينيين، كما وقضت أن على إسرائيل إعادة الأملاك المصادرة والمستباحة للفلسطينيين وتعويضهم. ومن جهة ثانية أكدت المحكمة أن سائر الدول الأخرى ملزمة بعدم تقديم أية مساعدة لإسرائيل تتعلق ببناء الجدار، وطالبتها بعدم الاعتراف بالأوضاع غير القانونية الناشئة عن أعمال بناء الجدار. ولكن غياب الإرادة السياسية للدول المهيمنة والمتنفذة حال دون وضع رأي محكمة العدل الدولية موضع التطبيق في الأمم المتحدةquot;.

ورأى البيان انه quot;إذا كانت حكومات الدول قد خذلت الشعب الفلسطيني فان المجتمع المدني العالمي لم يخذله. فعلى ضوء استمرار الاحتلال والاستيطان وعمليات التهجير ومصادرة الأراضي، وفي ظل نظام الفصل العنصري الإسرائيلي (الأبارتهايد) المفروض على الشعب الفلسطيني، يمكن ليوم التاسع والعشرين من تشرين ثاني 2006 أن يصبح يوما للتضامن الحقيقي مع الشعب الفلسطيني، عبر تفعيل القوة الجماعية لمنظمات المجتمع المدني العالمية العاملة من أجل العدالة في فلسطينquot;.

ودعا البيان منظمات المجتمع المدني العالمية إلى:
*رفع مستوى الوعي العالمي من خلال التأكيد على أن سياسة إسرائيل حيال الشعب الفلسطيني هي السبب الحقيقي للصراع، وهو العقبة الأساسية التي تمنع الوصول لحل دائم.
*تفعيل الحملة العالمية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها حتى تنصاع للقانون الدولي.
*العمل على إخضاع مقترفي الجرائم الإسرائيليين ومنتهكي القانون الدولي، سواء كانوا دولا أو شركات، أو جماعات أو أفرادا، للقانون الدولي وتحميلهم كامل المسؤولية ومقاضاتهم أمام الهيئات المختصة.