سمية درويش من غزة : احتلت حرب الشوارع في مناطق متفرقة بقطاع غزة صدارة الصحف الإسرائيلية ، ووصفت تلك المحافل التي تدير الماكينة الإعلامية في تل أبيب ، بان الهدنة التي تم الاتفاق عليها منتصف ليلة أمس بين الحركتين المتناحرتين فتح وحماس ، بـ quot;الهشةquot; ولا تحل جذر المواجهة ، موضحة بأنه لا أمل في أن تتخلى حماس عن مبادئها وتوافق على انتخابات مبكرة ، أو كبديل على حكومة وحدة تعترف بإسرائيل ، وان الصدام التالي هو مجرد مسألة وقت.
وقالت صحيفة يديعوت الإسرائيلية ، بان الصراع المرير بين المذهبين المتعارضين لفتح وحماس اعتمل على مدى الأشهر الـ 11 الأخيرة على نار هادئة ، إلى أن وصل الى نقطة الغليان .
وأشار روني شكيد على صدر الصفحة ، إلى ان الانقلاب الذي أحدثته حماس في كانون الثاني (يناير) 2006، عندما احتلت بعصف المجلس التشريعي الفلسطيني ، كان نتيجة سياقات التحول الإسلامي الذي اجتازه المجتمع الفلسطيني في السنوات الأخيرة متداخلا مع الاحتجاج ضد الحكم الفاسد لفتح ، موضحا بان الرئيس عباس الذي يمثل المدرسة الوطنية المدنية ، وجد نفسه فجأة أمام نظام حكم إسلامي في فلسطين.
ولفت إلى عدم موافقة إسرائيل والعالم الغربي على التسليم بحكم إسلامي جديد ، يشكل فرعا إيرانيا آخر في الشرق الأوسط ، حيث كانت النتيجة مقاطعة سياسية واقتصادية على الحكومة المنتخبة ، التي انضمت إليها دول عربية معتدلة ، في حين حاول ابو مازن تشكيل حكومة وحدة ترفع الحصار ، وما أن فشل حتى أعلن عن الانتخابات.
ويشير الكاتب الإسرائيلي ، إلى أن حماس لن تتخلى عن الحكم وعن إيديولوجيتها ، وان النتيجة ستكون حربا طويلة بين المعسكرين ، فيما أن المواطن البسيط سيدفع الثمن.
وبين بان المعارك التي نشبت أمس في القطاع بدت كحرب أهلية حقيقية ، حرب لم يعد احد فيها محصنا ، لا الشابة ابنة الـ 19 التي قتلت في تبادل لإطلاق النار ، ولا الصحافي الفرنسي الذي أصيب بعيار طائش، ولا وزير الخارجية الذي نجا من محاولة اغتيال ، ولا حتى الرئيس بعظمته ، ابو مازن ، الذي قصف مقره الرئاسي بالراجمات.
صحيفة هارتس
أما صحيفة هارتس فترى أن الحرب الأهلية الفلسطينية أصبحت شبه مؤكدة ، وحماس ستخرج منها منتصرة لان حركة فتح ضعيفة وممزقة لذلك فان الأوراق الأساسية موجودة بيد إسرائيل لإنقاذ أبو مازن وفتح من الورطة.
ولفت داني روبنشتاين ، إلى ان الحرب الأهلية بين حماس وفتح تبدو الآن كحقيقة ثابتة في غزة وفي الضفة بدرجة كبيرة تقريبا ، والدليل على ذلك لا يكمن فقط في المصادمات العنيفة وأعمال القتل والمظاهرات العاصفة، وإنما أيضا في الأسلوب الفظ الذي يستخدمه الجانبان.
وبين بان السياسة الفلسطينية شهدت في السابق عنفا وأسلوبا كهذا مثلما حدث في عام 1982 - 1983 في أواخر حرب لبنان عندما تمردت مجموعة من قدامى فتح على ياسر عرفات ، ولكن مثل هذه المظاهر لم تتكرر منذئذ ، وان ألفاظ مثل الخونة والعملاء الأجانب واللصوص تتردد في كل ناحية وتوجه لشخصيات مركزية.
وأوضح الكاتب الإسرائيلي بان مكانة فتح متدنية في مواجهة حماس في عملية التجهيز للحرب الأهلية ، خصوصا في قطاع غزة ، مؤسسات القيادة الفتحاوية لا تعمل ، والفروع مفككة وأمين سر الحركة، فاروق القدومي ، يتعاون مع خالد مشعل في دمشق علانية ، ولكن الأمر لا يقتصر عليه وحده.
كما حرض الصحافي الإسرائيلي على الرسامة الكاريكاتورية الفلسطينية المشهورة أمية جحا ، بعدما نشرت السبت الماضي في صحيفة quot;الحياة الجديدةquot; التي يقف على رأسها محررون من فتح تهنئة بعودة رئيس الحكومة الفلسطينية إسماعيل هنية مع عودته الى غزة ، موضحا إن كانت هذه الصحيفة تفعل ذلك ، فهذا مؤشر آخر على حالة الفوضى وعدم الانضباط التي تدب في صفوف حركة فتح.
وأوضح بان حركة فتح ضعيفة بسبب حالة الفوضى والفساد، وموت الرئيس ياسر عرفات خلف فراغا قياديا تصعب تعبئته ، ولكن يتوجب الاعتراف بالحقيقة وهي أن جوهر ضعف فتح ينبع من أن نهجها السياسي قد مني بالفشل.