باريس-الجزائر: هدأت قصة الحب بين فرنسا وسيجولين روايال بشكل ملحوظ منذ بداية عام 2007 وهي الان بحاجة الى التحرك بسرعة اذا كانت تريد كسب الناخبين مجددا والذين تحولت مشاعرهم نحو خصمها اللدود نيكولا ساركوزي. في عام 2006 لم تستطع روايال ارتكاب أي خطأ اذ فاقت منافسيها الاكثر خبرة دهاء لتصبح المرشحة الرسمية للحزب الاشتراكي في الانتخابات الرئاسية التي تجري في ابريل نيسان ومايو آيار.

لكن منذ بدء هذا العام لا يجري شيء وفق الخطة بعد سلسلة من الزلات الاجتماعية والخلافات الداخلية في الحزب مما سمح لساركوزي مرشح اليمين بالتقدم عليها في استطلاعات الرأي. ويقول جيرار جرونبرج المحلل السياسي ونائب مدير جامعة العلوم السياسية المرموقة quot;السحر بدأ يزول. القضية في الايام القادمة ستكون رؤية ما اذا كانت ستستطيع اعادة اكتشاف هذا السحر. ربما لكن هذا ليس مؤكداquot;.

وسرى القلق في صفوف الحزب الاشتراكي الذي كان واثقا من أن روايال الشابة المتمردة على المعتقدات والمؤسسات التقليدية ستقوده الى خارج الحيرة السياسية بعد 12 عاما من حكم الرئيس المحافظ جاك شيراك. ويعترف الساسة المحنكون من أعضاء الحزب بأن حملتها تعاني، وحثوا روايال على أن تقود هجوما مضادا على ساركوزي الذي استطاع استقطاب اليمين المنقسم تقليديا بأسره تحت لوائه ويملي الان شروط الجدل الانتخابي.

وقال جان لوي بيانكو أحد قادة حملتها الانتخابية للتلفزيون الفرنسي في الاسبوع الماضي quot;ارتكبنا بعض الاخطاء ربما من خلال عدم الوجود بالقدر الكافي او التفاعل بالقدر الكافيquot; واضاف quot;هناك خطوات الى الوراء هذا واضح لكننا لسنا نغرقquot;. وأشارت استطلاعات للرأي أجريت في الاسبوع الماضي الى أن ساركوزي سيفوز بما يصل الى 54 في المئة من الاصوات في جولة الاعادة الثانية المتوقعة ضد روايال فيما تشير دراسات مسحية الى أن معدل التأييد لها تراجع في دوائر رئيسية مثل الطبقات العاملة.

وقال جيروم سانت ماري رئيس مؤسسة (بي.في.ايه) لاستطلاعات الرأي quot;عودتها ليست مستحيلة لكن هناك بوادر قلق بالنسبة لها... الناس لا يعتقدون انها في المعتركquot;. وفي ظل الاعتراف بالمشكلة يقول معسكر روايال انها تخوض معركة مبتكرة ستؤتي ثمارها في نهاية المطاف.

ونظمت المرشحة الاشتراكية نحو خمسة الاف مما يسمى quot;مناظرات المشاركةquot; في أنحاء فرنسا لاعطاء الناس العاديين فرصة لقول ما يجب أن يرد في برنامجها الانتخابي. وقد سمحت هذه العملية لروايال بالهروب من الكثير من الاسئلة بشأن برنامجها السياسي في الاسابيع الاخيرة مما أثار غضب العدو والصديق على حد سواء لكنها وعدت بكشف النقاب عن الخطوط العريضة لبرنامجها بناء على المناظرات الاقليمية في 11 فبراير شباط.

وقال جرونبرج quot;انها لعبة أوراق. اذا خذل برنامجها فسوف يحط هذا من قدرهاquot;. وقد جلبت روايال المشاكل على نفسها في معظم الاحيان. اذ كشفت رحلاتها الى الشرق الاوسط والصين قلة خبرتها على الصعيد الدولي اضافة الى زلات اللسان في مقابلات مثل عدم معرفتها بعدد الغواصات النووية التي تمتلكها فرنسا وهو ما اشار الى أنها ببساطة ربما لا تكون جاهزة للرئاسة. وهي تلغي الان المقابلات مع وسائل الاعلام مشيرة الى أن عليها بذل المزيد من الجهد في الاستعداد ولا تستطيع تحمل المزيد من الزلات. لكن حزبها الذي يقوده فرانسوا هولاند لم يساعدها اذ ان بعض الاشتراكيين البارزين غير مقتنعين باحتمالات فوزها ولا يقدمون لها الا دعما فاترا.

وكان هولاند نفسه أول من بدأ الافساد في معسكرها الشهر الماضي حين أعلن على غير المتوقع أن الاشتراكيين يعتزمون زيادة الضرائب على الاشخاص الذين يتجاوز دخلهم أربعة الاف يورو (5208 دولارات) شهريا وهو الامر الذي اضطرت روايال التي شعرت بالاحراج الى نفيه. وترأس روايال منطقة بغرب فرنسا ويقول صديق مقرب لها انها مقتنعة بأن منهجها القائم على التواصل مع المواطنين العاديين في التعامل مع السياسة سيساعدها في كسب فرنسا التي ملت من النخبة الحاكمة التي تتخذ من باريس مقرا لها في صفها.

وقال جاك اتالي المساعد المقرب من الرئيس الفرنسي الاشتراكي السابق فرانسوا ميتران quot;انها تجسد فرنسا جديدة التي هي دولة اقليمية يقودها قادة اقليميون وليس ساسة من الحكومة المركزيةquot;. وقد عين روايال للعمل في قصر الاليزيه عام 1981 وهو يعتقد أنها ستفوز في نهاية المطاف ويرجع هذا جزئيا الى أن الناخبين الفرنسيين لديهم عادة التناوب بين اليسار واليمين مشيرا الى أن الوقت قد حان ليستعيد الاشتراكيون الحكم.

غير أن أحدث استطلاع أجرته مؤسسة (بي.في.ايه) أظهر للمرة الاولى أن معظم الناس لا يعتقدون أن ساركوزي سيفوز فحسب بل ان أغلبية تتمنى فوزه وهو اختلاف خبيث يشير الى أن فرنسا ستكون مرتاحة مع خمسة أعوام جديدة من حكم المحافظين.وقال سانت ماري من مؤسسة (بي.في.ايه) لاستطلاعات الرأي quot;قبل عيد الميلاد أراد الناس أن يفوز اليسار لكن شيئا ما حدث منذ ذلك الحينquot;.

سيغولين روايال تريد جعل العلاقات مع الجزائر quot;مرجعاquot; بين الشمال والجنوب

اعربت المرشحة الاشتراكية للانتخابات الرئاسية الفرنسية سيغولين روايال في رسالة سلمها اليوم الاحد مستشارها الخاص جاك لانغ للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة انها ترغب في ان تجعل العلاقات بين فرنسا والجزائر quot;مرجعا في العلاقات بين الشمال والجنوبquot;. واستغرق اللقاء بين الرئيس الجزائري وجاك لانغ تسعين دقيقة رافقه اثرها حتى مدخل مكتبه الرئاسي حيث عانقه.

وكتبت سيغولين روايال في رسالة تسلمت وكالة فرانس برس نسخة منها quot;اتطلع الى ان تعتبر شراكتنا مرجعا في العلاقات بين الشمال والجنوبquot; واضافت ان quot;اولويتي، اذا انتخبت، ان ارسي معكم اسس علاقة متينة بين بلدينا لانني اشعر حقا ان بامكاننا التحول بحزم الى مستوى اعلى في علاقات التعاون التي تربطناquot;.

وشددت روايال على ان العلاقات بين الجزائر وفرنسا quot;الودية يجب ان تتطور في الثقة وان تمتنها الصداقةquot;. وبعد ان وصفت الاستعمار بانه quot;نظام هيمنة ونهب واذلالquot; اعتبرت انه من quot;الضروريquot; ان تتوصل باريس والجزائر الى quot;صياغة مشتركة للتاريخ تاخذ في الاعتبار تاريخنا المشتركquot;.
وحال الخلافات بين باريس والجزائر حول النظر الى انعكاسات الاستعمار في الجزائر، منذ 2005 دون التوقيع على معاهدة صداقة وسلام ترسي نهائيا المصالحة.

وتطلب الجزائر من فرنسا quot;اعتذاراتquot; لما ارتكب من quot;جرائمquot; في الجزائر خلال العهد الاستعماري (1830-1962) قبل التوقيع على المعاهدة التي خطط لها الرئيسان جاك شيراك وبوتفليقة. وقالت روايال في رسالتها انها quot;تعترف برغبة (الجزائريين) المشروعة في الاستفادة من شروط التنقل والاقامة في فرنسا وان تكون تلك الشروط ملائمة مع كثافة العلاقات العائلية التي تربط البلدينquot;.

واعربت عن الامل في ان quot;تلعب الجزائر في نفس الوقت دورا كبيرا في ضبط تدفق المهاجرينquot;. كما اعربت المرشحة الاشتراكية عن quot;تمسكها بان يلعب المجتمعان المدنيان (في البلدين) دورهما في الشراكة الاستثنائية التي نبنيها سوياquot; واعتبرت ان quot;علاقة مجددة مع الجزائر لا يمكن فصلها عن سياسة احترام ازاء الجالية الجزائرية المقيمة في فرنساquot;.

ودعي جاك لانغ الى القاء محاضرة في معهد الدراسات الاستراتيجية الشاملة في العاصمة الجزائرية عصر الاحد حول quot;مستقبل اوروبا والمغرب العربيquot;. وتعود اخر زيارة له الى الجزائر عام 1996 في عهد الرئيس اليمين زروال quot;في خضم المد الارهابيquot; كما قال.
واستقبل وزير الخارجية الجزائري محمد بجاوي، لانغ امس السبت.