برلين: في الذكرى الخمسين لتوقيع معاهدة روما المؤسسة للاتحاد الأوروبي، تسعى المستشارة الألمانية انغيلا ميركل الأحد لإحياء الانتماء الأوروبي لدى مواطني القارة في إعلان تصدره بهذه المناسبة سيتغاضى على الأرجح عن السبب المباشر للازمة التي يشهدها الاتحاد حاليا وهو رفض دستوره.
وستنظم احتفالات في جميع أنحاء أوروبا في هذه الذكرى الخمسين بدءا من برلين حيث يجتمع مساء السبت والأحد قادة الدول ال27 حول ميركل التي تتولى رئاسة الاتحاد حتى حزيران/يونيو.
غير أن الإعلان الذي سيشكل الأحد النقطة المركزية في هذه الاحتفالات سيبقى موضع انتقادات حتى اللحظة الأخيرة.
وكان الهدف من هذا النص الذي عملت برلين ومستشارون من جميع العواصم الأوروبية في طي الكتمان على صياغته، وضع وثيقة توافقية تطمئن الدول الأعضاء لتقبل بايجابية على المناقشة الكبرى حول تحريك عملية إقرار الدستور الأوروبي التي ستبدأ بعد الانتخابات الرئاسية الفرنسية في الربيع.
غير أن هذا النص وبالرغم من حرص الدول الأعضاء، أثار الكثير من الاحتكاكات حتى في ابسط فقراته التي تشيد بالنجاحات التي تحققت منذ إنشاء السوق المشتركة الأوروبية بين الدول المؤسسة الست وحتى توسيع الاتحاد إلى 27 دولة مرورا بوضع سياسات مشتركة في المجالين الزراعي والنقدي وعلى صعيد مراقبة الحدود.
أما بالنسبة للقسم الخاص بquot;مستقبلquot; الاتحاد والذي يغطي مواضيع خلافية مثل ضرورة إجراء عمليات توسيع جديدة للاتحاد الأوروبي وتعزيز الروابط السياسية بين الدول وتحريك عملية إقرار الدستور، فان بعض الصيغ لم تكن حظيت بالموافقة النهائية حتى مساء الخميس بالرغم من أن برلين تأنت في صياغته ولزمت العموميات.
وبالرغم من تمسكها الكبير بالمعاهدة الدستورية التي رفضها الفرنسيون والهولنديون في ربيع 2005، فقد تخلت ألمانيا منذ شباط/فبراير عن استخدام كلمة quot;دستورquot; في النص إدراكا منها لخطورة الموضوع وحساسيته.
وأفاد دبلوماسي أن صيغة جديدة كانت تناقش مساء الخميس لوضع اللمسات الأخيرة عليها، تكتفي بالإشارة إلى ضرورة quot;تحديث شكل أوروبا السياسي باستمرارquot; وتحدد quot;هدفا مشتركاquot; للدول الأوروبية تجديده quot;في الوقت المناسب قبل الانتخابات الأوروبية عام 2009quot;، مع الإبقاء على هذا التاريخ بالرغم من معارضة براغ.
فقد أكد رئيس الوزراء التشيكي ميريك توبولانيك الخميس أن بلاده quot;تود عدم ذكر أي تاريخ محدد في النصquot;، وهو ما كان وزيره للشؤون الأوروبية أعلنه في السابق.
كما ندد توبولانيك بquot;عدم وجود مناقشة مفتوحةquot; حول هذا الإعلان، آسفا أن يتم حصر الموقعين عليه بين ميركل ورئيس المفوضية جوزيه مانويل باروسو ورئيس البرلمان الأوروبي هانس-غيرت بوترينغ.
وأشار إلى انه في ظل هذه الظروف، فان الجمهورية التشيكية التي تتولى رئاسة الاتحاد مطلع 2009 لن تعتبر تاريخ 2009 quot;بمثابة تعهد سواء صريح أو ضمني، مرتبط بالعملية الدستوريةquot;.
وانتقد العديد من النواب الأوروبيين السرية التي أحاطت بها برلين الإعلان، معتبرين أن هذا الأسلوب ينم عن quot;النقص في الديمقراطيةquot; الذي يعاني منه الاتحاد على حد اعتبارهم.
غير أن ماركو اينسرتي من مركز الدراسات للسياسات الأوروبية في بروكسل اوضح أن السرية وحدها quot;تسمح بالتوصل إلى (وضع النص) في الوقت المناسبquot; وهو رأي العديد من الدبلوماسيين أيضا.
وقال الباحث أن ما قامت به برلين حتى الآن يثبت أن المستشارة quot;تعمل بحزمquot; على إحياء الجدل حول الدستور وإنها quot;بصدد النجاح في تحريك الأمورquot;.
وذكر تأكيدا على ذلك التبدل في موقف الرئيس البولندي ليش كاتزينسكي الذي ابدي استعداده لمناقشة معاهدة جديدة تقوم على نص المعاهدة التي رفضت، وكذلك الاتفاق الذي تم التوصل إليه في القمة الأوروبية الأخيرة والذي حدد أهدافا للحد من الاحتباس الحراري.
لكن بالرغم من هذه النقاط الايجابية، فان معهد السياسة الأوروبي في بروكسل أشار إلى أن الإعلان لن ينجح في تفادي quot;عثرة كبرى تكمن في عرض الخلافات بين الشعوب والدول الأوروبية بدل التشديد على ما يجمعهاquot;.