ردود الفعل أميركيًا وأوروبيًا تتوالى
روسيا تعلق مشاركتها في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة التقليدية
قضايا توتر العلاقات بين أميركا وروسيا |
عواصم: وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مرسوم بشأن تعليق مشاركة روسيا في المعاهدة الخاصة بالأسلحة التقليدية والقوات المسلحة في أوروبا إلى أن تصادق برلمانات البلدان الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) على اتفاقية تعديلها.
وصدرت المعاهدة التي تعهد بموجبها حلف وارسو وحلف الناتو تحديد الأسلحة التقليدية في أوروبا في 19 نوفمبر من سنة 1990. وبعد حل حلف وارسو من جانب واحد وخروج الاتحاد السوفيتي من حيز الوجود لتظهر في مكانه مجموعة من الدول الجديدة تطلب الأمر إدخال تعديلات على المعاهدة تأخذ في الاعتبار التغيرات . وصدرت اتفاقية تقضي بتعديل المعاهدة.
وصادقت روسيا على الاتفاقية الخاصة بتعديل معاهدة الحد من انتشار الأسلحة التقليدية والقوات المسلحة في أوروبا. ولكن دول الناتو لم تصادق عليها حتى الآن. وليس هذا فقط، بل يتنصل أعضاء الناتو الجدد من الوفاء بمتطلبات المعاهدة فضلا عن أن انضمام المزيد من البلدان إلى الحلف أدى إلى تجاوز سقف التسليح في أنحاء من أوروبا.
كما أشار بيان مرفق بمرسوم الرئيس الروسي إلى أن خطة وضع أسلحة تقليدية للولايات المتحدة في أراضي بلغاريا ورومانيا تترك أثرها السلبي على الوفاء بالالتزامات الناشئة من المعاهدة.
وتعلق استقبال مفتشي الأسلحة
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان صدر بعد إعلان صدور مرسوم رئاسي يقضي بانسحاب موقت من المعاهدة الخاصة بالأسلحة التقليدية والقوات المسلحة في أوروبا إلى أن تصادق برلمانات البلدان الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) على اتفاقية تعديلها، إن روسيا تعلق تقديم المعلومات الخاصة بهذه المعاهدة كما تعلق استقبال البعثات التفتيشية حتى إشعار آخر ولكنها لا تغلق الباب لمواصلة الحوار.
ويبدأ انسحاب موقت لروسيا من المعاهدة بعد 150 يوما من تقديم إشعار بذلك. وتقدم وزارة الخارجية الروسية إشعارا مناسبا في يوم 14 يوليو 2007.
وأشارت وزارة الخارجية لروسية إلى أن المعاهدة وقعت في عام 1990 عندما تواجد في أوروبا تكتلان عسكريان سياسيان متنافران - الناتو وحلف وارسو. وبعدما تم حل حلف وارسو وخرج الاتحاد السوفيتي من حيز الوجود، فيما انضم حلفاؤه السابقون إلى الناتو، لم تعد المعاهدة الصادرة في عام 1990 توافق متطلبات عصرنا الراهن.
ولهذا تم في عام 1999، بناء على مبادرة من قبل روسيا توقيع اتفاقية تدعو إلى إجراء تغييرات مناسبة على المعاهدة. غير أن quot;الشركاء الغربيينquot; لم يدعوا هذه الاتفاقية تدخل إلى حيز التنفيذ حتى الآن، فيما تجاوزت دول الناتو مجتمعة خطا أحمر حددته معاهدة الحد من انتشار الأسلحة التقليدية في أوروبا، خاصة في شمال وجنوب أوروبا. ولم ينضم عدد من أعضاء الناتو الجدد إلى المعاهدة.
وقالت وزارة الخارجية الروسية إن الطرف الروسي طالما كان ينبه غيره من أطراف المعاهدة إلى أن هذا الوضع لا يستجيب لمصالح روسيا في الأمن ولا يمكن له أن يستمر إلى ما لا نهاية، لكن لم يتم قبول ما اقترحته روسيا لتصحيح الوضع.
وأشارت إلى أن الاقتراحات الروسية بشأن ما يجب اتخاذه من إجراءات لإعادة الحيوية إلى المعاهدة تبقى مطروحة وأن روسيا لا تغلق الباب لمواصلة الحوار. وأضافت أن روسيا ستقرر ما سوف تقوم به من خطوات تجاه المعاهدة في ضوء رد فعل الدول الأخرى أطراف المعاهدة.
التجميد يصعب الاوضاع في أوروبا
ويعتبر خبراء في موسكو ان قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعليق مشاركة بلاده في معاهدة القوات التقليدية في اوروبا التي تحد من نشر الاسلحة، يضع القارة العجوز في موضع حساس ويزيد من تدهور العلاقات بينهما.
ويرى الخبراء ان روسيا، المستاءة من توسع حلف الاطلسي حتى حدودها ومن المشروع الاميركي نشر عناصر درعها المضادة للصواريخ في دولتين عضوين سابقا في حلف وارسو، تسعى الى احداث انقسام في حلف الاطلسي عبر الضغط على الدول الاوروبية للقبول باقتراحاتها تعديل هذه المعاهدة الموضوعة في 1990.
وقال فيودور لوكيانوف رئيس تحرير مجلة روسيا في السياسة الدولية ان quot;اوروبا ستجد نفسها متضايقة للغاية وروسيا تأمل ان يؤدي هذا الانفعال الى تليين موقف اوروباquot;.
واضاف quot;اعتقد ان هذه الحسابات خاطئة وان اخافة اوروبا لن تقودها الا الى الارتماء في احضان الولايات المتحدة. واعتبر بافل فلغنهاور الخبير في الشؤون الدفاعية ان الامر الاكثر خطورة في انسحاب روسيا من المعاهدة لا يتعلق بعديد الرجال وكميات السلاح الواجب نشرهما لأن موجبات المعاهدة في هذا الاطار quot;يتم خرقها في كافة الاحوالquot; ولا سيما quot;من قبل روسيا في القوقاز منذ 1994quot;.
واضاف ان الفارق الذي سيحدثه هذا القرار هو زوال الاجراءات الهادفة الى ايجاد مناخات ثقة مثل التفتيش وتبادل المعلومات. واوضح ان quot;المناخ سيتدهور ولا سيما مع الدول الاوروبية لان معاهدة القوات التقليدية في اوروبا اهم بالنسبة الى هذه الدول منها الى الولايات المتحدةquot;، مشيرا الى ان روسيا quot;لديها اصلا مشاكل عدة مع اوروباquot;.
واشار الى ان quot;حالة الاسترخاء التي بدأت بعد قمة ماين استمرت اسبوعينquot;. وكان الرئيس الروسي ونظيره الاميركي جورج بوش امضيا اقل بقليل من اربع وعشرين ساعة في دارة الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش والد الرئيس الحالي في كينيبونكبورت في ماين المطلة على الاطلسي حيث اجريا محادثات غير رسمية.
وخلال وجبات الغذاء العائلية والنزهات في القارب قدم بوتين لنظيره الاميركي اقتراحات جديدة لايجاد بديل من مشروع الدرع الاميركية المضادة للصواريخ الذي تنوي واشنطن نشر عناصر منه في بولندا وتشيكيا الامر الذي ترفضه موسكو بشدة.
ويعتبر بوريس كاغارليتسكي مدير معهد موسكوفيت للعولمة ان القرار الروسي بخصوص معاهدة القوات التقليدية في اوروبا ليس سوى خطوة نحو تعزيز مكانة روسيا على الساحة الدولية وتمهيد الطريق امام الرئيس المقبل الذي سيدخل الكرملين بعد انتخابات آذار/مارس 2008.
واضاف quot;يبدو جليا ان ادارة الرئيس الروسي تهدف الى جعل روسيا من جديد لاعبا اساسيا قادرا على اتخاذ قرارات احادية تؤخذ على محمل الجدquot;.
واعتبر لوكيانوف ان quot;روسيا تريد اعادة النظر بقواعد اللعبة في المجال الاوروبي-الاطلسي التي تم وضعها حين كانت الدولة ضعيفةquot;، مشيرا الى انه quot;على الصعيد العمليquot;، فان القرار المتعلق بمعاهدة القوات التقليدية في اوروبا quot;سيخلق فارقا بسيطا، فروسيا ببساطة لا تريد ان تجد نفسها ملزمة باحترام شروط لا يحترمها الآخرونquot;.
quot;خيبة أملquot; أميركية
وأعربت الولايات المتحدة عن خيبة املها السبت بعدما علقت موسكو مشاركتها في معاهدة الاسلحة التقليدية في اوروبا التي تحد من انتشار الاسلحة، بحسب ما اعلن متحدث باسم البيت الابيض.
وقال غوردن جوندرو في بيان quot;لقد خاب املنا لاقدام روسيا على تعليق مشاركتها (في معاهدة الاسلحة التقليدية)، لكننا سنواصل مشاوراتنا معها خلال الاشهر المقبلة حول افضل طريقة للتحرك على هذا الصعيدquot;. واضاف ان معاهدة الاسلحة التقليدية quot;تصب في مصلحة كل الاطراف المعنيينquot;. واورد ملحق بالمرسوم ان موسكو اتخذت هذا القرار بسبب رفض الدول الاعضاء في حلف شمال الاطلسي المصادقة على صيغة quot;معدلةquot; من تلك المعاهدة عام 1999 في اسطنبول.
وترفض دول الحلف الاطلسي المصادقة على الصيغة الجديدة ما دامت روسيا لم تسحب قواتها من جورجيا ومولدافيا تنفيذا لالتزاماتها في اسطنبول.
وبرلين تعرب عن quot;قلقها الشديدquot;
واعرب وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير السبت في نيدا (ليتوانيا) عن quot;قلقه الشديدquot; حيال تعليق روسيا مشاركتها في معاهدة القوات التقليدية في اوروبا التي تحد من انتشار الاسلحة.وشدد الوزير الذي يقوم بجولة في دول البلطيق على ان quot;معاهدة القوات التقليدية في اوروبا عنصر مركزي في هندسة التسلح الدولي. لذا ننظر بقلق شديد الى اعلان موسكوquot;. واضاف شتاينماير quot;سنرى خلال الايام المقبلة ما الاجراءات الملموسة المتوقعة اثر هذا الاعلانquot;، معربا عن امله ان quot;تكتفي روسيا في الرغبة المعلنة حتى الان والتي تنحصر بتعليق المعاهدةquot;.
التعليقات