دول عربية خيبت آمال الرئيس أبو مازن

وزير الخارجية الفلسطيني يهاجم سفراءه

أسامة العيسة من القدس : كشف الدكتور رياض المالكي، وزير الإعلام ووزير الخارجية المكلف في الحكومة الفلسطينية، عن أن دولا عربية عديدة، تتبنى رواية حركة حماس، في ما حدث في قطاع غزة، وأنها تتخذ مواقف تتناغم مع مواقف الحركة التي سيطرت على قطاع غزة في منتصف شهر حزيران (يونيو) الماضي.وعبر المالكي عن دهشته من مواقف هذه الدول التي، اطلع عليها خلال مشاركته، في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي عقد في بداية شهر أيلول (سبتمبر) الجاري.وكان المالكي يتحدث في محاضرة دعت إليها كتلة حركة فتح البرلمانية، تطرق فيها إلى ما وصفها التحديات التي تواجه حكومة محمود عباس (أبو مازن)، رئيس السلطة الفلسطينية.وقال المالكي، إنه لدى مشاركته، على رأس وفد فلسطيني، في اجتماعات مجلس وزراء الخارجية العرب، الذي عقد في القاهرة، تفاجأ من موقف عدد وصفه بأنه كبير من الدول العربية التي تتخذ مواقف مخيبة لآمال السلطة الفلسطينية، ومتناغمة مع مواقف حركة حماس.

وذكر المالكي، عددا من هذه الدول مثل اليمن، والسودان، والجزائر قائلا بنوع من الحسرة أمام جمهور معظمه من كوادر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير quot;لقد تفاجأنا من موقف دولة مثل الجزائر مثلا، التي تتخذ موقفا متناغما مع موقف حركة حماس، وكذلك دول أخرى مثل اليمن التي لديها موقف قريب أيضا من حماس، وكذلك السودان، ودول أخرىquot;.وعزا المالكي ذلك، إلى ما اسماه الفشل الدبلوماسي الفلسطيني الكبير، خلال الفترة الماضية، بسبب ما وصفه عجز الدبلوماسية الفلسطينية عن إيصال موقف السلطة الفلسطينية، وما يسميها الحكومة الشرعية الفلسطينية إلى كافة الدول العربية.

وقال المالكي quot;لنعترف بأنه لدينا فشل كبير في الدبلوماسية الفلسطينية وفي التأثيرفي صناع القرار في تلك الدول، وهو ما يجب أن يتغيرquot;.وهاجم المالكي السفراء الفلسطينيين قائلا، ان هناك من السفراء، نشاطهم محدود، وquot;يسعون فقط للحصول على رضى حكومات البلدان التي يعملون بها، وليس لديهم أي علاقات مع الجالية الفلسطينية في تلك الدول، أو المؤسسات الشعبية والأحزاب المحلية في داخل كل دولة، وليس لديهم أي احتكاك مع الجماهير في الدول التي يعملون بهاquot;.

واضاف المالكي quot;لهذه الأسباب، فان هذا الوضع للسفراء، انعكس بوضوح، من خلال مواقف الدول العربية كما لمسناه في اجتماعات مجلس الوزراء العرب الأخيرquot;.وقال المالكي quot;لم يكن في بالنا، أن يكون لهذه الدول المواقف المتناغمة مع حركة حماس، لذا فإننا أمام تحدٍ استراتيجي كبير، على الصعيد الدبلوماسي، لإيصال وجهة نظرناquot;.واضاف quot;يبدو أن التساهل والإهمال في تصرفات العديد منا، ظهرت نتائجها المباشرة، في كثير من المواقف، مثلما هو الحال في موقف مجلس وزراء الخارجية العربquot;.

وكان مجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية، عقد دورته آل 128، في العاصمة المصرية يوم 5 أيلول (سبتمبر) الجاري، وبحث في 26 بندا أدرجت على جدول الأعمال، أهمها دراسة تقرير اللجنة العربية لتقصي الحقائق حول الأحداث في قطاع غزة، والتي أفضت إلى سيطرة حماس على القطاع.وتضم اللجنة في عضويتها كلا من: مصر، والسعودية، وقطر، وتونس، والأردن، والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وشكلت بناء على قرار من الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في منتصف شهر حزيران (يونيو) الماضي بعد أحداث غزة.

وأملت السلطة الفلسطينية برئاسة أبو مازن، أن يتخذ المجلس قرارات تدين موقف حماس، ولكن مجلس وزراء الخارجية العرب اتخذ موقفا مواربا، وأكد كما قال عمرو موسى الأمين العامة للجامعة العربية quot;أن توصيات اللجنة العربية لتقصي الحقائق المقدمة لوزراء الخارجية العرب يمكن أن تشكل أرضية للبناء عليها لمعالجة الأزمة والإحاطة بتداعياتها، خاصة نحن أمام استحقاقات عربية ودولية تتطلب بلورة موقف عربي موحد خاصة تجاه المؤتمر أو الاجتماع الدوليquot;.

وتعهد المالكي، في محاضرته، أن يسعى إلى إصلاح الوضع الدبلوماسي الفلسطيني خاصة، وانه مكلف بوزارة الخارجية، وقال quot;علينا عمل كبير يتوجب القيام بهquot;.وكانت اللجنة العربية لتقصي الحقائق حول أحداث قطاع غزة، أنهت عملها عشية عقد اجتماعات مجلس وزراء الخارجية العرب، واتخذت توصياتها، في تقرير أعدته، بعد أن مدها أطراف الأزمة بالوثائق اللازمة.

ورفعت اللجنة، تقريرها الذي بقي سريا، إلى اجتماع المجلس، ورغم بقاء هذا التقرير سريا حتى الان، على الرأي العام الفلسطيني والعربي، بدون سبب واضح، فان بعض أعضاء اللجنة كشفوا أن التوصيات تدعو إلى رأب الصدع بين الأطراف الفلسطينية، وتوفير الأرضية لاستئناف الحوار بينها، وان يكون للجامعة العربية دور في ذلك، والتأكيد على حرمة الاقتتال الفلسطيني، والحيلولة دون انتقال الاقتتال إلى الضفة، والتأكيد على وحدة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، وتوجيه الطاقات الفلسطينية لإنهاء الاحتلال وإنجاز المشروع الفلسطيني، وضرورة التزام الأطراف الفلسطينية، باحترام تعهداتها والاتفاقات التي جرت بينها، ومن بينها وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني، وحوارات القاهرة التي بدأت منذ عام 2005، وفي اتفاق مكة المكرمة الأخير. وفي حين اسعد هذا الموقف حركة حماس، التي اعتبرت انه ينسجم مع موقفها الداعي للحوار، فانه اغضب حركة فتح وحكومة أبو مازن، التي تعتبر نفسها شرعية، وبان حركة حماس نفذت انقلابا على هذه الشرعية، والتي ترفض استئناف الحوار، إلا إذا قدمت حماس اعتذارا عما جرى، وتعيد الأمور كما كانت قبل سيطرتها على قطاع غزة في منتصف شهر حزيران (يونيو) الماضي.

وعلى صعيد آخر، تحدث المالكي، عن الوضع المالي لحكومته، والذي شهد انفراجا، ظهر في الالتزام بدفع رواتب الموظفين، وجزء من استحقاقاتهم السابقة، ولكنه قال إنه إذا لم تف الدول العربية بالتزاماتها المالية تجاه السلطة، كما تعهدت سابقا، فان السلطة ستكون مقبلة على أزمة مالية خانقة.

وتسعى حكومة أبو مازن، إلى تقديم نموذج مختلف في الضفة الغربية، عن النموذج الذي تقدمه حركة حماس في قطاع غزة، ولكن المراقبين يجدون كثيرا من اوجه الشبه بين النموذجين، ومن بينها الاعتقالات السياسية، وحظر التظاهرات والمسيرات المعارضة، والتضييق على حرية الصحافة، حيث أصبحت وسائل الإعلام الفلسطينية، كالصحف ومحطات التلفزة، التي تعمل في الضفة ذات لون واحد، وهما ما يميز أيضا الصحف التي تصدرها حماس في قطاع غزة، بالإضافة إلى فضائية الأقصى التابعة لها.

وتحولت برامج التلفزيون الفلسطيني الرسمي، وفضائية الأقصى، إلى هجوم مركز من كل طرف على الطرف الآخر، في غياب كبير، لما يقول المراقبون انه الموضوعية، أو حتى القليل من الحياد، وتوفير المعلومة للمواطن الفلسطيني الذي اخذ يبحث عنها في وسائل إعلام أخرى.