طائرة سعودية محمّلة بالمواد الغذائية والأغطية لمنكوبي غرداية
السكان يرشقون رئيس الحكومة الجزائرية ووزير داخليته بالحجارة

سليمان بوصوفه من لندن و ب. نصر الدين من غرداية: إضطر رئيس الحكومة الجزائرية أحمد أبو يحيى ووزير الداخلية نورالدين يزيد زرهوني إلى قطع زيارتهما لبلدية متليلي التابعة لولاية غرداية quot;650 جنوب شرقي العاصمةquot; وهي زيارة تفقدية للمناطق المتضررة من الفيضانات الطوفانية التي ضربت المنطقة يوم الثلاثاء الموافق لأول أيام عيد الفطر المبارك؛ بعدما تعرضا لوابل من الشتائم وللرشق بالطين والحجارة من طرف السكان المتضررين في بلدية متليلي جنوب الولاية. وفي منطقة quot;التوزوزquot; وسط الواحات إنتقل المسؤولان وسط حماية مشددة من مئات المرافقين وقوات الجيش والدرك الجزائري حيث إستمعا إلى شكاوى المتضررين أمام كاميرات التلفزيون الحكومي لكنهما سرعان ما أقفلا عاديْن بعد تلقّيهما سيلاً من الشتائم من الشباب الغاضبين. وإستمع وزير الداخلية إلى المواطنين في أحياء الغابة والتوزوز وبوشمجان وهي أكثر المناطق تضررًا من الطوفان الذي ضرب منطقة سهل وادي ميزاب. وتمحورت حول غياب المساعدات والفرق الطبية وفرق الإغاثة. كما أبدى عدد من الشبان - الذين أبعدتهم قوات الجيش عن وفد الوزير- أبدوا غضبهم لإيلاف وقالوا إن السكان تُركوا لمصيرهم وهم يبيتون في العراء منذ قرابة أسبوع ولم تُوفر لهم المواد الغذائية والطبية وأن هناك عائلات غير منكوبة تستفيد من الإعانات لأن أحد معارفها يستقبل المساعدات في المطار. كما أن التلفزيون الحكومي لا ينقل معاناته ويقتصر مراسلوه بنقل صور مساعدات المحسنين وإظهارها على أنها حكومية.

العثور على عشرات الجثث يوميًا تحت الأنقاض:

وتمكن المتطوعون من الجمعيات المدنية ولجان الأحياء من إنتشال ثلاثين جثة على الأقل من تحت الأوحال وقال quot;ع. بافولولوquot; من جمعية الهلال الأحمر إن الأهالي يستخرجون يوميًا 15 إلى 30 جثة ثم يقومون بدفنها في جنازات جماعية بعد تحديد هوياتها وهي مهمة صعبة للغاية. وفي يوم الأحد 5 تشرين الأول عُثر صباحًا في منطقة التوزوز على جثتي طفلين. وفي بلدية زلفانة عثر الأهالي على عشر جثث نقلتها المياه مسافة 60 كيلومترًا وتعود إلى سكان الواحات. كما عثر السكان على المدعو quot;كربوشquot; وأبنية مطمورين تحت أنقاض منزلهم في حي بابا السعد. ولدى سؤالنا عن الحصيلة الضئيلة التي قدمتها السلطات حول وفاة 39 شخصًا فقط. قال عدد من أعيان مدينة العطف إن الحصيلة التي تتوفر لدى مجلس الأعيان quot;الهيئة الدينية العليا التي تمثل السكانquot; تشير إلى وفاة 250 شخصًا على الأقل وهي تقوم بجرد أسمائهم؛ هذا الرقم يقتصر على بلديات: غرداية وبونورة والعطف. أما عن الحصيلة النهائية في كامل تراب الولاية فتشير الهيئة إلى هلاك وفقدان المئات والحصيلة لا يتصورها العقل.

مجلس الأعيان والجدل حول المنطقة المنكوبة:

وقد دعا مجلس أعيان غرداية الأطباء المنحدرين من المنطقة الذين يعملون في كل المستشفيات الجزائرية إلى العودة فورًا إلى منطقة وادي ميزاب وناشدوا كل رجال الأعمال والصناعيين إلى التبرع بما يقدرون عليه لضحايا الكارثة. وبدأ يستجيب للدعوة الآلاف من كوادر المنطقة الذين يعملون في مدن الشمال وفي أوروبا ودول الخليج. بإعتبار أن النداء فتوى يجب الإمتثال لها. وقال أحد ممثلي مجلس الأعيان في مدينة العطف: quot;كنا ننتظر من حكومتنا أن تُعلن الحداد في كامل الجمهورية الجزائرية وتُعلن المنطقة منكوبة لكن الحسابات السياسية الضيقة حالت دون ذلك وسنبدأ بمقاضاة المسؤولين أمام المحاكم الجزائرية بسب الإهمالquot;. كما تساءل أحد المتطوعين عن غياب رئيس الجمهورية؟ وقال سوف نشعر بالإنتماء الوطني أكثر إن كلف الرئيس نفسه عناء توجيه خطاب مباشر إلى الأمة يُعزي فيه عائلات الضحايا ويواسيهم ويعلن منطقتنا منكوبة لأن الكارثة وطنية بجميع المقاييس.

مصالح الأرصاد الجوية بعثت برقيات إنذار دون استجابة:

والحديث حول مقاضاة المسؤولين بدأ عندما نشرت جريدة الشروق اليومي الجزائرية نسخة من برقية بعثتها مصالح الأرصاد الجوية إلى مختلف الهيئات الأمنية حول حتمية حدوث طوفان كبير في سهل وادي ميزاب وذلك إبتداء من يوم الأحد الماضي وبعدها توالت نحو عشرين برقية تحمل نفس الإنذار؛ لكن السلطات المعنية لم تتخذ أي إجراء.

السعودية أرسلت أول طائرة مُحمّلة مساعدات:

ومن جانبها وعلى مطار غرداية quot;مفدي زكريا quot; الدولي حطت طائرة سعودية تحمل أطنانا من المواد الغذائية الضرورية والأغطية وهي أول طائرة أجنبية تصل الولاية المقطوعة عن العالم. وبعد نصف ساعة وصلت طائرة فرنسية ثم طائرة شحن تابعة للخطوط الجوية الجزائرية. ونقل أحد المسؤولين في جمعية الهلال الأحمر الجزائري شكر سكان غرداية وعرفانهم للعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز وقال إن هذه الإعانات تنم عن خصال الملك الحميدة وشهامته العربية كما ثمّن جهود السفارة السعودية بالجزائر التي تابعت عن كثب أخبار المنكوبين وسألت عن حاجياتهم؛ وطلب من إيلاف أن تنقل مناشدة السكان لكل الدول العربية والإسلامية والصديقة للشعب الجزائري بأن تُساعدهم لتجاوز هذه الكارثة الكبيرة التي وصفها بتسونامي الذي ضرب صحراء الجزائر.

المساعدات حُوّلت عن مسارها:

وبعد أن أُفرغت شحنة المساعدات السعودية ونُقلت على متن خمس شاحنات من الحجم الكبير إلى ملعب غرداية قرب المطار وزّع بعض المسؤولين تلك المساعدات على مدينة متليلي الجديدة التي هي بعيدة عن الطوفان فيما وصلت شاحنة واحدة فقط إلى سكان الواحات التي مسحها الطوفان من على الأرض. هذا ويتحدث مسؤولون محليون عن خسائر مادية قد تصل إلى نصف مليار دولار، ويقول السكان المفجوعون إن الفيضانات أعادت المنطقة إلى القرن التاسع عشر.