في فتوى أجاب فيها على أسئلة نواب عراقيين
فضل الله : لا شرعية لسلطة عراقية تشرعن الاحتلال
أسامة مهدي من لندن : أفتى المرجع الشيعي اللبناني آية الله السيد محمد حسين فضل الله بعدم شرعية أي سلطة أو مؤسسة أو هيئة رسمية أو غير رسمية عراقية تسلط الاحتلال على شعبها أو تعمل لشرعنة وجوده أو إطالة أمد بقائه على أرض العراق .
وأجاب فضل الله عن استفتاءات وردت إليه من أعضاء في مجلس النواب العراقي حول الاتفاقية الامنية طويلة الامد المنتظر توقيعها بين العراق والولايات المتحدة بالقول quot;إنني، ومن موقعي الشرعي، وانطلاقاً من المسؤولية التاريخية الملقاة على عواتقنا جميعاً، أرى أن أي اتفاقية أو وثيقة أو معاهدة أو مذكرة تُعقد بين الحكومة العراقية أو أية جهة تمثّل الدولة العراقية مع قوات الاحتلال الأميركي يجب أن تأخذ في الاعتبار ما يلي:
أولاً: أن تنص على خروج قوات الاحتلال من العراق دون أي قيد أو شرط.

ثانياً: أن لا يُصار إلى ربط انسحاب قوات الاحتلال الكامل باستقرار الوضع الأمني في العراق، لأننا نعرف أن الولايات المتحدة الأميركية، بعلاقاتها الأمنية والسياسية، وبسيطرتها على الكثير من مواقع النفوذ في المنطقة والعالم، تستطيع العبث بالمسألة الأمنية في العراق ساعة تشاء، لتأمين بقاء قواتها المحتلة تحت هذه الحجة وهذا التبرير... ولذلك، فإن المطلوب هو تحديد موعد زمني ثابت وقريب لخروج أميركي كامل من العراق، وعدم بقاء أي قواعد أو مواقع أو مراكز تمثل الاحتلال بشكل علني أو مباشر أو غير ذلك، والاقتصار على الجانب الدبلوماسي المعروف بين الدول.

ثالثاً: يجب على أي اتفاقية أو معاهدة أو وثيقة أو مذكرة لخروج المحتل الأميركي من العراق، أن تراعي المعايير الوطنية والإسلامية التي تمثل ثوابت غير قابلة للجدال أو التنازع حولها، وخصوصاً في مسائل: العراق، وسيادته، واستقلاله، ومستقبل الوطن وأجياله، والحفاظ على مقدراته وثروته، ومنع المحتل من استغلالها أو العبث بها أو استثمارها لحساب مصالحه حتى في أعقاب خروجه من العراق.

رابعاً: لا شرعية لأي سلطة أو مؤسسة أو هيئة رسمية أو غير رسمية عراقية تسلط الاحتلال على شعبها أو تعمل لشرعنة وجوده أو إطالة أمد بقائه على أرض العراق، أو تمكينه من مقدرات العراق وثرواته وقراراته، أو توفر له أي غطاء قانوني يتجاوز من خلاله القضاء العراقي، وعلى الإجماع الوطني في العراق، أن يؤكد ذلك من خلال الممارسة السياسية في المنتديات الرسمية والشعبية بما يحفظ وحدة البلد ويؤسس لخروج الاحتلال بأسرع وقت ممكن، لأننا نعتقد أنه لا استقرار للعراق إلا بخروج المحتل الكامل والناجز وغير القابل للمراوغة والمداهنة واللعب على الظروف والمتغيرات السياسية والأمنية.

وقال فضل الله في الختام quot;أني اتطلع الى أبنائي وأحبتي من العراقيين الأعزاء من كل طوائف العراق ومذاهبه، ومن كل أعراقه، ومن سائر مكوناته السياسية، أن يتحركوا في الخط السياسي الموّحد الذي يضع نصب عينيه مسألة إخراج المحتل كهدف أساسي يقود إلى بناء العراق من جديد على أسس الوحدة الإسلامية والوطنية، وعلى احترام المبادئ الإنسانية التي أكّدها الإسلام في احترام الآخر والاعتراف به والحوار معه، وصولاً إلى التفاهم والتنسيق حول ما يحفظ مسيرة العراق الحر والسيد والمستقل، لأننا نريد للعراقيين بوحدتهم وتماسكهم وتعاونهم، أن يقطعوا الطريق على أي فرصة للاحتلال للبقاء على أرضهم تحت أي ذريعة، وأن يؤكدوا للعالم أنهم الشعب القادر على بناء دولته العزيزة والمستقلة بعيداً من ضغط الاحتلال والجهات التكفيرية والإرهابية العاملة لحسابه ومصلحته، سواء التفتت إلى ذلك أو لم تلتفتquot;.

وفي وقت سابق اليوم دعت الحكومة العراقية اليوم الى تعديلات على مسودة الاتفاقية الامنية طويلة الامد المقترحة بين العراق والولايات المتحدة واكدت ان ذلك يمكن أن يجعلها بمستوى القبول الوطني .
وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية الدكتورعلي الدباغ أن مجلس الوزراء إجتمع في جلسته الإعتيادية هذا اليوم لمناقشة مسودة الإتفاقية مع الولايات المتحدة الأميركية حيث ثمن المجلس جهود الفريق العراقي المفاوض وما حققه من تقدم في المفاوضات والإقتراب من الثوابت التي حددتها الحكومة في بداية المفاوضات. واضاف أن مجلس الوزراء دعا الجميع للنظر الى الإتفاق بموضوعية ومسؤولية ومراعاة المصالح العامة. وقال في تصريح صحافي مكتوب ارسلت نسخة منه الى quot;ايلافquot; إن مجلس الوزراء أجمع على أن تعديلات ضرورية على مسودة الإتفاقية يمكن أن تجعلها بمستوى القبول الوطني ودعا الوزراء لتقديم تلك التعديلات ليتم تضمينها في المفاوضات مع الجانب الأميركي.

ومن جانبه قال هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي إنه من غير المرجح ان يقر مجلس النواب العراقي الاتفاقية قبل انتخابات الرئاسة الاميركية في الرابع من الشهر المقبل . واضاف ان العراق ما زال يأمل في ابرام الاتفاق قبل نهاية العام الجاري عندما ينتهي قرار مجلس الامن الذي يفوض بالوجود الاميركي ولكنه اقر بوجود صعوبات في التوصل الى اتفاق بين الزعماء العراقيين. واشار في حديث لقناة العربية ان quot;الهدف هو توقيع الاتفاقية الامنية في اسرع وقت حتى من المفضل قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية في 4 نوفمبر لكن حسب المعطيات الموجودة في الساحة والتجاذبات السياسية لا نعتقد ان هذا ممكن حاليا.quot;
وقد اكد السفير الاميركي في بغداد رايان كروكر الولايات المتحدة ان الاتفاقية تعيد السيادة الكاملة للعراق وتوفر الارضية القانونية لاستمرار وجود القوات الاميركية في العراق. وفي تصريحات له في بغداد امس حاول كروكر تهدئة الاعتراضات على الاتفاقية المقترحة من جانب عدد من القوى السياسية العراقية بالقول quot; ان الاتفاق يسمح للقوات الاميركية بمساعدة قوات الامن العراقية لفترة محددة فقطquot; . ومنذ ايام يواصل المجلس السياسي للقادة العراقيين بحث الاتفاقية من دون اتخاذ قرار حاسم بشأنها بسبب تحفظ عدد من الأطراف. وقال علي الدباغ الناطق باسم الحكومة العراقية quot;إن بعض الفرقاء لا يزالون مترددين بين القبول والرفضquot; .
وكان الائتلاف الشيعي الموحد الحاكم والمؤلف من المجلس الاسلامي الاعلى وحزب الدعوة الذي ينتمي اليه رئيس الحكومة نوري المالكي وقوى اخرى قد قال الاحد ان بعض فقرات المسودة تحتاج الى المزيد من المشاورات والتعديلات قبل الموافقة عليها.
وبحسب نسخة اخيرة لمسودة هذه الاتفاقية التي تنظم الوجود الاميركي في العراق ما بعد عام 2008 quot;يكون للولايات المتحدة الحق الاولى لممارسة الولاية القضائية على افراد القوات والعنصر المدني بشأن امور تقع ضمن القواعد والمساحات المتفق عليها، واثناء حالة الواجب خارج المنشأةquot; وهذه المساحات. لكن الاتفاقية اعطت بغداد الحق في مقاضاة الجنود الاميركيين.

وتؤكد المسودة quot;يكون للعراق الحق الاولى بممارسة الولاية القضائية على افراد القوات والعنصر المدني بشأن الجنايات الجسيمة والمتعمدة والتي ترتكب خارج القواعد وخارج حالة الواجبquot; .
وقد بدأت المفاوضات بين الجانبين في شباط (فبراير) الماضي. كما توضح ان القوات الاميركية المقاتلة ستنسحب من المدن والقرى والقصبات بتاريخ لا يتعدى حزيران (يونيو) عام 2009 بينما تنسحب جميع القوات بتاريخ لا يتعدى 30 كانون الاول (ديسمبر) عام 2011. وستتولى قوات الامن العراقية المسؤولية كاملة.

وتتمركز quot;القوات المقاتلة المنسحبة في المنشأة والمساحات المتفق عليها وتقع خارج المدن والقرى والقصبات التي سوف تحددها اللجنة المشتركة، لتنسيق العمليات العسكرية قبل التاريخ المحددquot; وفقا للمسودة التي نصت ايضا على ان quot;تجري جميع العمليات العسكرية التي يتم تنفيذها، بموجب هذا الاتفاق بموافقة حكومة العراق، وبالتنسيق الكامل مع السلطات العراقية وتشرف على عملية تنسيق كل تلك العمليات العسكرية، لجنة مشتركة، لتنسيق العمليات العسكريةquot; . وتشير الى ان quot;حكومة العراق تطلب المساعدة الموقتة من قوات الولايات المتحدة بغرض مساندتها في جهودها من اجل الحفاظ على الامن والاستقرار في العراق بما في ذلك التعاون في القيام بعمليات ضد تنظيم القاعدة، ومجموعات ارهابية اخرى والمجموعات الخارجة عن القانون بما في ذلك فلول النظام السابقquot; .

وتؤكد المسودة quot;تنفيذ جميع تلك العمليات مع الاحترام الكامل للدستور العراقي والقوانين العراقية ويكون تنفيذ هذه العمليات متماشيا مع سيادة العراق ومصالحه الوطنية حسبما تحددها حكومة العراق من واجب قوات الولايات المتحدة احترام قوانين العراق واعرافه وتقاليده والقانون الدولي النافذquot; . كما تنص على انه quot;لا يجوز لقوات الولايات المتحدة توقيف اي شخص، او القبض عليه، الا بموجب بقرار عراقي يصدر من القضاء العراقيquot; . وتضيف quot;في حال قيام قوات المتحدة بتوقيف اشخاص او القبض عليهم كما هو مرخص به في الاتفاق يجب تسليم الاشخاص الى السلطات العراقية المختصة خلال 24 ساعة من توقيفهمquot;.

وبحسب الاتفاقية quot;تنقل المراقبة والسيطرة على المجال الجوي العراقي الى السلطات العراقية فور دخول الاتفاق حيز التنفيذquot; . كما انها تمنح العراق quot;الحق الرئيس في ممارسة الولاية القضائية على المتعاقدين مع الولايات المتحدة ومستخدميهمquot; .
وتقرر الاتفاقية مصير القوات الاميركية في العراق عند انتهاء تفويض الامم المتحدة في 31 كانون الاول (ديسمبر) المقبل والفشل في الاتفاق على بنوده سيجبر بغداد وواشنطن البحث عن صيغة قانونية جديدة. وفي حال اقرار الاتفاقية في مجلس النواب العراقي وتوقيعها من قبل الطرفين، ستصبح نافذة منذ الاول من كانون الثاني (يناير) المقبل وسارية المفعول لمدة ثلاث سنوات.