رام الله، باريس: بعد ست سنوات من إطلاق المبادرة العربية التي تقدمت بها المملكة العربية السعودية عام 2002 الى القمة العربية التي إنعقدت في بيروت تذكرها بعض الساسة في إسرائيل وبدلوا مواقفهم تجاهها.

ولم يكن تصريح رئيس الدولة العبرية شمعون بيريز أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إزاء مبادرة السلام العربية التي قابلت إسرائيل تبنيها من الجامعة العربية بإجتياح كامل لمدن الضفة الغربية في عملية عسكرية أطلق عليها إسم quot;السور الواقيquot; هو الأول فقد أعلن عن موقفه هذا في إسرائيل وشرم الشيخ الشهر الماضي.

وأبدى بيريز موافقته من منطلق توصله الى نتيجة مفادها أنه من الخطأ إجراء مفاوضات بشكل منفرد مع الفلسطينيين والسوريين وإنه لا بد من التوجه الى إتفاق سلام مع الدول العربية وفقا لما قال خلال لقائه مع الزعيم الروحي لحركة شاس عوفيديا يوسف.

وعاد وأعلن موقفه خلال لقائه الرئيس المصري حسني مبارك في قمة شرم الشيخ الشهر الماضي مؤكدًا quot;أنه من الخطأ أن نضيع فرصة السلامquot; وإنه يقبل بروح المبادرة العربية في الوقت الذي تحفظ فيه على بعض بنودها.

وفي إجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلن بيريز ووزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني تأييدهما للمبادرة العربية للسلام. وأعرب بيريز وليفني عن إعتقادهما أنهما يلمسان تغييرًا في موقف السعودية التي لها نفوذ على الفلسطينيين ما يعني إمكانية التوصل الى تسوية سلمية.

وأشار بيريز الى أن معاهدة السلام أكدت أهمية الدبلوماسية على الحلول العسكرية وإن التوصل لسلام عادل وشامل في المنطقة خيار إستراتيجي للدول العربية زاعماً أن هذه هي إستراتيجية إسرائيلية أيضاً.

ومن جانبه إعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قيس ابو ليلى قبول بيريز للمبادرة بأنه تغيير في التكتيك الإسرائيلي لا في السياسات والأهداف.

وقال أبو ليلى أن إسرائيل تريد تغييرًا في مضمون المبادرة وإعطاء أولوية للتطبيع على العكس مما تضمنته المبادرة التي تنص على أن التطبيع هو نتيجة للإنسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة وضمان حق اللاجئين.

وأشار أبو ليلى الى أن الموقف الإسرائيلي الجديد يختلف عن المواقف الأخرى السابقة فإسرائيل رفضت المبادرة العربية وإعتبرتها غير ذي صلة وهذا التغير ياتي نتيجة للعزلة التي تعيشها إسرائيل على المستوى الأخلاقي على الأقل.

وتنص المبادرة العربية على إقامة سلام شامل بين الدول العربية وإسرائيل وتطبيع العلاقات وإنهاء حالة الحرب مقابل إنسحاب إسرائيل من الأراضي التي إحتلتها عام 67 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين.

وعرف عن بيريز أنه من أكثر الساسة الإسرائيليين قدرة ومهارة في توظيف إستراتيجية التضليل فيما يتعلق بالسياسات الإسرائيلية ولم تأت تصريحاته الأخيرة بقبول المبادرة العربية بعيدة عن هذه السياسة كما أن إعتراف بيريز بالمبادرة العربية جاء وهو رئيس للدولة العبرية ولا يتمتع بصلاحيات.

وقال أبو ليلى لا شك أن تصريح بيريز لا يلزم الحكومات الإسرائيلية لأن منصبه فخري لكن لمثل هذا التصريح أثرًا ووزناً معنوياً وأخلاقياً.

وذكر أن على منظمة التحرير الإستفادة من هذه التصريحات لمخاطبة الرأي العام العالمي والقول أن بعض القادة في إسرائيل لا مناص أمامهم سوى الإعتراف بالمبادرة على أنها الأساس المتوزان للسلام رغم محاولات تشويه مضمونها.

وأضاف أن على المجتمع الدولي ممارسة الضغط على إسرائيل لقبول المبادرة كما هي بدلاً من الإلتفاف والتحايل عليها.

ومن ناحيته قال استاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت الدكتور باسم الزبيدي أن توقيت إعتراف بيريز بالمبادرة العربية يأتي لإظهار إسرائيل بوجه آخر وليقول أن إسرائيل ما زالت تمتلك رؤية للسلام.

وأضاف أن إنتهاء العام الحالي دون تحقيق أي تقدم في عملية السلام بسبب التعنت الإسرائيلي وعدم الجدية الأميركية في الضغط على إسرائيل إضافة إلى الإنقسام الفلسطيني دفع برئيس الدولة العبرية لإعلان الإعتراف بالمبادرة العربية.

وأشار الى أن إسرائيل تريد القول أن الفلسطينيين غير ناضجين للتوصل الى إتفاق سلام ولذلك توجهت لتقول أنها تريد تجسيد أجندة السلام التي تمتلكها عبر البوابة العربية.

ولفت الزبيدي الى الوضع السياسي في إسرائيل مؤكدًا أنه عامل مهم فإسرائيل تعيش حالة فراغ سياسي وهي في إنتظار إنتخابات مبكرة ومن هنا تقدم بيريز ليملا الفراغ السياسي.

ورأى ان بيريز من أبرز الشخصيات الإسرائيلية ويتمتع بقدرة على إستشراف الأهداف الإستراتيجية الإسرائيلية على المدى البعيد ومنصبه الحالي له هالة كبيرة لكن دون أي تاثير على سياسيات الحكومات الإسرائيلية المقبلة.

وقال أن بيريز أراد مخاطبة الراي العالم العالمي بتأكيد أن إسرائيل دولة ديمقراطية وتريد السلام لأن حالة الحرب لا تتماشى مع النظام الديمقراطي.

وكان وزير الجيش الإسرائيلي ايهود باراك قال في تصريحات للاذاعة الإسرائيلية مؤخرًا لأن إسرائيل تدرس المبادرة العربية بسبب غياب لأي تقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين والسوريين ولذلك لا بد من البحث عن صفقة سلام شاملة.

فياض يتهم اسرائيل بتعريض عملية السلام quot;للخطرquot;

من جهة أخرى، اتهم رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض الخميس اسرائيل بتعريض عملية السلام quot;للخطرquot; عبر عدم الوفاء بالتزاماتها لجهة وقف الاستيطان في الاراضي الفلسطينية.

وقال فياض اثر محادثات اجراها في باريس مع وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ان quot;عملية السلام في خطر، انها مهددة اذا استمرت اسرائيل في تجاهل التزاماتها بموجب خارطة الطريق - الخطة الدولية لتسوية النزاع في الشرق الاوسط - خصوصا في ما يتصل بالاستيطانquot;.

واضاف quot;نحتاج الى عمل دولي فاعل بهدف تغيير هذا الوضع والضغط على اسرائيل لتفي بالتزاماتهاquot;.

وجدد فياض مطالبته بتسوية سلمية تستند الى قرارات الامم المتحدة التي تنص على انسحاب الدولة العبرية من الاراضي المحتلة العام 1967، بما فيها القدس الشرقية.

وتابع quot;يجب ان تهدف المفاوضات الى ايجاد التدابير الضرورية لتطبيق القرارات الدولية. يجب ان يستند الحل الى الشرعية الدولية والقرارات الدوليةquot;، مطالبا بدولة فلسطينية quot;عاصمتها القدس الشرقيةquot;.

من جهته، صرح كوشنير ان quot;اقامة دولة هو هدفنا المشتركquot;، واضاف quot;لا يمكننا التوقف بحجة ان الادارة الاميركية تشهد تغييرا كبيرا وان الحكومة الاسرائيلية تعيش ايضا مرحلة انتخاباتquot;.