الإدارة الجديدة مطالبة بتوازن بين الحريات المدنية والأمن القومي للبلاد
أوباما بين السندان والمطرقة في الفصل الأخير لإغلاق غوانتانامو

أشرف أبوجلالة من القاهرة: بعد أن كشفت تقارير صحافية قبل عدة أيام عن أن مستشارين للرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما يعكفون خلال هذه الأثناء على دراسة اقتراح يقضي بنقل مئات المعتقلين في معسكر غوانتانامو لمحاكمتهم أمام محاكم أميركية بارتكاب جرائم، وذلك في سياق خطوة تهدف إلى إغلاق هذا المعسكر الذي يشرف عليه الجيش الأميركي في جزيرة كوبا، نشبت داخل الولايات المتحدة وخارجها حالة شديدة من الجدل الواسع بشأن مستقبل السياسة التي تنتهجها البلاد في مكافحة الإرهاب.

وهو الأمر الذي سلطت عليه اليوم صحيفة quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; الأميركية الضوء بقولها أنه في الوقت الذي ابدي فيه مستشاري أوباما موافقتهم على حتمية غلق معتقل غوانتانامو ، لم يتم التوصل بعد لصيغة حول الطريقة المثلي التي يمكنهم من خلالها تحقيق ذلك بأسلوب يدلل على حقيقة حدوث تغيير حقيقي دون تعريض الأمن القومي الأميركي للخطر.

وأشارت الصحيفة إلي المقابلة التي أجراها أوباما مع محطة quot; CBS quot; التلفزية الأميركية يوم الأحد الماضي، والتي أكد فيها على أنه سوف يعمل بشكل سريع من أجل إغلاق معتقل غوانتانامو ووضع حد لممارسات الاستجواب والتحقيق المثيرة للجدل التي تحدث هناك. وقال :quot; يعد هذا جزأ لا يتجزأ من مجهودات يتم بذلها لاسترداد قوام أميركا الأخلاقي في العالم quot;. أما الصحيفة من جانبها فقد استبعدت احتمالية اتخاذ قرارات بعينها فيما يخص إمكانية غلق معتقل غوانتانامو إلا بعد أن يتم تشكيل الطواقم القانونية وطاقم الأمن القومي للإدارة الأميركية الجديدة.

وقالت الصحيفة أنه سيتم نقل كثير من الـ 250 شخص المحتجزين بالمعتقل إلي بلادهم أو إلي دولة ثالثة لاستكمال عملية اعتقالهم. وسوف يتم إطلاق سراح البعض الآخر. أما البقية وأعدادهم تتراوح ما بين 20 إلي 80 معتقل ، فيتوقع لهم مواجهة شكل من أشكال المحاكمات الإرهابية. ويتمحور جانب كبير من النقاش المحتدم خلال هذه الأثناء حول الطريقة التي ستتم من خلالها تلك المحاكمات.

وبحسب الصحيفة، فان بعض المحللين يرون أن الإدارة الأميركية الجديدة مطالبة بتأسيس محكمة خاصة بالأمن القومي للنظر في أصعب قضايا الإرهاب. في حين يؤكد آخرون على أن نظام القضاء الفيدرالي في الولايات المتحدة على قدر كاف من القوة التي تمكنه من مواجهة هذا التحدي. وقالت الصحيفة أيضا أن هناك خيارا ً لم يلتفت إليه وهو خاص بالاستمرار في استخدام عملية التفاوض العسكرية التي أسستها إدارة الرئيس المنتهي ولايته جورج بوش والكونغرس في معتقل غوانتانامو . وقد افرز هذا النظام عن اعتقادين هما الإقرار بالذنب والثاني هو سلسلة من قرارات المحكمة العلىا الأميركية الهامة.

ونقلت الصحيفة عن سارة مينديلسون، من مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن، في تقرير لها خلال شهر سبتمبر الماضي عن غلق معتقل غوانتانامو :quot; نحن في حاجة حقيقية لفاصل حاسم ونظيف من السياسات الحالية لإدارة الرئيس جورج بوش. وفقط من خلال تحول جريء يمكننا الانتقال للعالم الذي قلبنا بعده صفحة سياسات مكافحة الإرهاب الخاصة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر quot;. وأوصي تقرير المركز بنقل مسؤولية الاعتقال طويل المدي للإرهابيين للنظام القضائي الإجرامي الموجود حاليا ً في الولايات المتحدة. كما رفض التقرير فكرة أن الرئيس يمكن أن يأمر بالاعتقال لأجل غير مسمي للفرد الذي يعتبر غاية في الخطورة ولا يمكن إطلاق سراحه.

فيحين قال فريق آخر من المحللين أن الوقائع المروعة لمكافحة الإرهاب يجب أن تقود إدارة أوباما لتبني نهجا أكثر حذرا، يشتمل على محكمة يتم إنشائها خصيصا ً للأمن القومي وشكل ما من أشكال الاحتجاز الوقائي. ونقلت الصحيفة عن تشارلز ستيمسون، نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون المعتقلين في إدارة بوش قوله :quot; من السهل توجيه الانتقادات. لكن الأكثر صعوبة أن تقود عندما تكون مسؤولا ً عن أمن البلاد. سوف تدرك الإدارة القادمة أن هناك بعض الأشخاص شديدي الخطورة محتجزين في غوانتانامو ، وقد تم اعتقالهم بشكل مناسب ومن الواجب مواصلة احتجازهم كي يكونوا بعيدا عن التداول في سوق الإرهاب العالمي quot;.