مواجهات أيار وتنصيب سليمان رئيسًا أبرز أحداث 2008
الأطراف اللبنانية المتنازعة سلمت بتوازن الرعب

بيروت: شكلت أحداث السابع من مايو / أيار الماضي في لبنان أبرز الأحداث السياسة والأمنية في لبنان خلال العام 2008، والتي انتهت بتسليم الأطراف المتصارعة في البلاد بمعادلة quot; توازن الرعب quot; ووصول قائد الجيش العماد ميشال سليمان إلى سدة الرئاسة الأولى وتأليف حكومة وحدة وطنية. وكان مسلحو حزب الله وحركة أمل قد سيطرا في مايو الماضي على الشطر الغربي من بيروت ردا على قرار حكومة فؤاد السنيورة بإلغاء شبكة اتصالات للحزب ، ونقل مدير أمن المطار العميد وفيق شقير من منصبه. واعتبر حزب الله المتحالف مع حركة أمل التي يتزعمها رئيس مجلس النواب نبيه بري قرار حكومة السنيورة التي يصفانها بأنها quot; غير شرعية quot; بسبب افتقارها للتمثيل الشيعي بعد خروج وزراء الطائفة منها quot; هجوما على المقاومة quot; لان شبكة الحزب الهاتفية هي بمثابة quot; سلاح الإشارة quot; في الجيوش النظامية .

ورغم تحذيرات الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله فان حكومة السنيورة مضت بقرارها ما دفع بالحزب وحلفائه للنزول بأسلحتهم إلى بيروت وإعلان عدم التراجع إلا بعد تراجع الحكومة التي كان مقرها محاصرا، عن قرارها. وبعد أيام عدة من السيطرة على بيروت وامتداد quot;الهزات الأمنية quot; إلى مناطق لبنانية أخرى كمنطقة الجبل وشمال لبنان وسقوط ضحايا اضطرت الحكومة للتراجع عن قرارها والإبقاء على الشبكة الهاتفية لحزب الله والعميد شقير في منصبه .

لكن خطوة النزول إلى بيروت وسعت الهوة بين حزب الله وquot;تيار المستقبل quot; الذي يحظى بشعبية واسعة في صفوف الطائفة السنية في لبنان ، خاصة وأن مكاتبه تعرضت لهجوم من المسلحين خلال أحداث السابع من مايو . وشهدت بدايات العام الحاليquot; عجزاquot; سياسيا تمثل بعدم انتخاب رئيس جديد للبنان بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق إميل لحود في نوفمبر/تشرين 2007 ، وأصبحت الحكومة غير المعترف بها من الشيعة تقوم مقام رئاسة الجمهورية.

متظاهر يحمل زجاجة حارقة بالقرب من إحدى السيّارات المشتعلة

وظلت الرئاسة الأولى في لبنان المعقودة اللواء للطائفة المسيحية المارونية شاغرة إلى أن تم التوصل لتسوية بين الأطراف السياسية المتصارعة التي عجزت عن إيصال مرشحيها إلى القصر الجمهوري ،دفعت بقائد الجيش العماد ميشال سليمان إلى المنصب الرئاسي الأول في لبنان في مايو الماضي، وفتح رئيس مجلس النواب نبيه بري مقر المجلس بعد إغلاق طويل لانتخاب سليمان .

وكان بري الذي يعتبر حكومة السنيورة quot; غير شرعية quot; أغلق أبواب المجلس التشريعي رغم احتجاجات الأكثرية النيابية لأنه لا يريد لحكومة السنيورة المثول أمام النواب . وسبق انتخاب سليمان عقد مؤتمر بين الأطراف السياسية المتنازعة في العاصمة القطرية الدوحة انتهى بتسوية أدت إلى الاتفاق على انتخاب الرئيس وتأليف حكومة quot; وحدة وطنية quot; ،كما تم الاتفاق على قانون الانتخابات النيابية ما دفع بري للإعلان عن رفع الاعتصام الذي تنفذه المعارضة والذي استمر أكثر من عام في وسط بيروت لإسقاط حكومة السنيورة التي بقيت صامدة في مقرها المواجه لمكان الاعتصام .

ويقول سياسي لبناني بارز إن تجربة محاولات إسقاط الحكومة ولجم حزب الله وإيصال رئيس ينتمي إلى طرف من الأطراف المتصارعة أثبتت أن هناك quot;توازن رعب quot; بين الأطراف المتصارعة في لبنان، إذ أن أي محاولة للخروج من هذا التوازن كانت ستؤدي إلى دخول البلاد في المجهول .

وقال هذا السياسي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه ليونايتد برس انترناشونال quot;لنأخذ على سبيل المثال لا الحصر محاولة الحكومة إحراج حزب الله بإلغاء ما يعتبره سلاح الإشارة quot; التابع للمقاومة (الشبكة الهاتفية ) وما نتج عنها من إيصال البلاد إلى حافة الحرب الأهلية واضطرار الحكومة للتراجع عن قرارها .

وأضاف إن هذا يعني أن التوازن بين الأطراف المتصارعة أدى إلى تراجع حكومة السنيورة ،وإلا كانت البلاد ستدخل في فوضى quot; إن لم نقل أكثرquot;. وتابع قائلا إن المعارضة التي اعتصمت في وسط بيروت لإسقاط حكومة السنيورة عجزت عن تحقيق هدفها رغم التلميحات باقتحام المقر الحكومي ، لكن quot;توازن الرعبquot; السياسي لجم المعارضة عن مزيد من التصعيد وبالتالي بقيت حكومة السنيورة لحين انتهاء ولايتها بعد الانتخابات الرئاسية ،والتي أدت إلى عودة السنيورة على رأس حكومة quot; وحدة وطنيةquot;.

ويرى هذا السياسي أن حكومةquot; الوحدة الوطنية quot; هي أيضا نتيجة quot;توازن الرعب السياسي quot; والذي يعني عجز فريق واحد عن حكم البلد منفردا . وضمت هذه الحكومة كل المتصارعين بمن فيهم كتلة الزعيم المسيحي القوي ميشال عون والتي تمثلت للمرة الأولى بالحكومة مع أطراف المعارضة . وقد أثار عون عاصفة سياسية بين القيادات المسيحية وقيادات الأكثرية النيابية بقيامه بزيارة دمشق التي كانت أخرجته عام 1990 من القصر الرئاسي في بعبدا، ولقي استقبالا حارا في غريمته السابقة .

ولم يخل هذا العام من أحداث أمنية كان أبرزها تفجيرات تعرض لها الجيش اللبناني في مدينة طرابلس الساحلية الشمالية على يد تنظيم quot; فتح الإسلام quot; الأصولي ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من الجيش. وكان الجيش اللبناني حارب هذا التنظيم في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين بشمال لبنان عام 2007 وأرغمه على إنهاء سيطرته على المخيم بعد سقوط عشرات القتلى والجرحى .

مقابل هذه الأحداث الأمنية ساد جو من الهدوء في الجنوب اللبناني ،على الرغم من تهديدات إسرائيلية باستهداف لبنان وذلك نتيجة مراجعة تجربة حرب يوليو /تموز 2006 ، بالإضافة إلى توعد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالانتقام لمقتل المسؤول العسكري للحزب عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق في فبراير /شباط الماضي ،واتهم إسرائيل باغتياله.

كما عزز حزب الله انتصاراته على إسرائيل بعملية تبادل الأسرى مع الدولة العبرية ،وذلك بعودة أسرى لبنانيين على رأسهم سمير القنطار الذي أمضى أكثر من ربع قرن في السجون الإسرائيلية. لكن هذا الانجاز أعاد فتح باب الجدل السياسي حول سلاح حزب الله الذي تطالب جهات سياسية أن يكون تحت كنف الدولة .

وانطلاقا من هذا الجدل عادت الأطراف السياسية المتصارعة للتحلق حول الرئيس سليمان في حوار حولquot;إستراتيجية لبنان الدفاعية quot;في محاولة للتوصل إلى حل لسلاح حزب الله. كما شهد العام 2008 مصالحة بين quot; تيار المستقبل quot; وحزب الله توجت بلقاء زعيم التيار سعد الحريري والأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله بعد قطيعة بينهما منذ عام 2006.

بالإضافة إلى ذلك جرى إطلاق عملية التبادل الدبلوماسي بين بيروت ودمشق لأول مرة كنتيجة للقاء الرئيس اللبناني سليمان بنظيره السوري بشار الأسد. لكن الحدث الأهم تمثل ببدء الحملة الانتخابية البرلمانية والتي ستجري في مايو /أيار المقبل . ويقول السياسي اللبناني إن هذه الحملة المبكرة لن تؤدي إلى quot;فوز كاسح quot; لأي طرف في هذه الانتخابات .فالأكثرية الحالية قد تحتفظ بأكثريتها بأغلبية قد تصل في حدها الأقصى إلى نحو عشرة مقاعد، كما ينطبق الأمر نفسه على المعارضة في حالة تحولها إلى أكثرية . ويضيف السياسي أن هذا يعني أن quot;توازن الرعب السياسي quot; سيستمر في لبنان خاصة وان نصر الله قال انه إذا انتصرت المعارضة فلن تنفرد في الحكم بل ستدعو إلى حكومة quot; وحدة وطنية quot;كما هو حاصل حاليا. أليس هذا هو quot; توان الرعب السياسيquot;؟؟...