تتبنى أسلوب حزب الله في القتال لكنها تحصر الإمرة في الجيش
إستراتيجية جعجع الدفاعية: لبنان سويسري يلتزم قضية فلسطين

إيلي الحاج من بيروت: لم تخلص جلسة الحوار الوطني الثالثة في عهد الرئيس ميشال سليمان ورئاسته إلى نتيجة ملموسة، تماماً كما كان متوقعاً، واقتصرت على الإستماع إلى عرض quot; الإستراتيجية الدفاعية quot; التي أعدها رئيس حزب quot; القوات اللبنانية quot; سمير جعجع بمساعدة خبراء عسكريين واستراتيجيين، وهي دراسة اعتبر فيها لبنان بتركيبته المجتمعية التعددية، وموقعه الجيو- سياسي في قلب الشرق بين سورية وإسرائيل، وإمكاناته الإقتصادية، هوquot; النموذج الأقرب للتجربة السويسرية، من دون أن يعني ذلك إطلاقاً تخلي لبنان عن القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية quot;. وشدد على أن quot; الحياد لا يُعفي لبنان من مسؤولياته في دعم أي مسعى يُنتج حلاًّ عادلاً ومُنصفاً للقضية الفلسطينية، ويؤدي إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين في الشتات إلى ديارهم، وإن الإطار السياسي الأمثل المخوّل حلّ هذه القضية، يكمن في جامعة الدول العربية ومقررات الأمم المتحدة quot;. كما ركز على أهمية quot; حصر جميع القرارات العسكرية، التخطيطية، العملانية، التكتيكية، والإستعلامية، بالإضافة إلى مبدأ القيادة والسيطرة في يد القوى العسكرية الشرعية، بصفتها الأداة التنفيذية الوحيدة للسلطة الشرعية quot;.

وتتبنى quot;إستراتيجيةquot; جعجع أسلوب quot;حزب اللهquot; في القتال لكنها تجير تنفيذه quot;قوات خاصةquot; في الجيش الوطني على أن تشرع قوات quot;حزب اللهquot; في إطار quot;حرس وطني quot; مساند وداعم للجيش، الأمر الذي لن يغري الحزب بالتجاوب مع هذا الطرح. لكن المتحاورين الذين قرروا عقد جلسة رابعة في 22 من كانون الثاني/ يناير المقبل أراحوا أنفسهم من عبء درس الإستراتيجيات الدفاعية وقرروا تشكيل لجنة من الخبراء العسكريين تتولى درس المشاريع كافة . وأعلنوا اتفاقهم على تجديد إلتزام التهدئة داخليًا وتجاه quot;الدول الصديقة والشقيقةquot;.

وسجل مراقبون ان التصورات الأولى للإستراتيجية الدفاعية- وهي تعبير ملطف لتناول موضوع عقدة سلاح quot;حزب اللهquot; في لبنان- جاءت من الجانب المسيحي في قوى 8 آذار/ مارس الموالية لسورية ممثلاً بالنائب الجنرال ميشال عون، ومن الجانب المسيحي في فريق ١٤ آذار/ مارس ممثلاً بجعجع وقبله الرئيس السابق للجمهورية ورئيس حزب الكتائب أمين الجميّل، وإن quot;استراتيجية جعجع quot; جعجع بدت رداً علىquot; استراتيجية عونquot; الذي اقترح نشر quot;المقاومة الشعبيةquot; على كل الأراضي اللبنانية واستمرار حليفه quot;حزب اللهquot; في حمل السلاح . وظهر من جهة أخرى ان القادة المسلمين سواء في قوى 8 أم 14 آذار غير متحمسين ولا مستعجلين عرض أفكارهم في هذا الموضوع الحساس حرصاً على مناخ المصالحات وفي انتظار ظهور ما ستؤول إليه الإنتخابات النيابية المقبلة في الربيع مصيراً واقتراعاً. وقد يكون العامل الإنتخابي نفسه يؤدي إلى نتائج معكوسة في الشق الآخر من البلاد مع ترجيح إنحصار المنافسات الشرسة في الدوائر ذات الغالبية المسيحية ، فيما نتائج الدوائر ذات الغالبية المسلمة محسومة النتائج إلى حد بعيد نسبياً .

وهنا اقتراح quot;الإستراتيجية الدفاعيةquot; الذي قدمه جعجع:

quot;الباب الأول: في منهجية مقاربة ملف الإستراتيجية الدفاعية

إن أي مقاربة جديّة لأي استراتيجيٍة، لا يمكن لها أن تنطلق من quot;فراغquot;، بل يجب أن تنطلق من إطار معين. من هنا، فإن أي مقاربةٍ موضوعيةٍ لإستراتيجية دفاعية للبنان، يجب أن تستند إلى المسلّمات التالية: النظام السياسي اللبناني- التفاهمات الميثاقية بين الطوائف اللبنانية المُعّبر عنها في إتفاق الطائف- النصوص الدستورية والقانونية المرعية الإجراء في لبنان- القانون الدولي بمكوّناته كافة (ميثاق الأمم المتحدة، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي في شأن لبنان، المعاهدات الدولية التي تلتزم بها الدولة اللبنانية...)، إلتزامات لبنان العربية والدولية، وموقعه كعضو فاعل في المجتمعين العربي والدولي.

وبما أننا في صدد دراسة الإستراتيجية الدفاعية، لا بدّ لنا من التوقف بالأخصّ عند ما ورد في البند الثالث من وثيقة الوفاق الوطني، لجهة quot;تحرير لبنان من الإحتلال الإسرائيليquot; والذي نصّ على ما يلي:

quot;إستعادة سلطة الدولة حتى الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً تتطلب الآتي:

أ- العمل على تنفيذ القرار 425، وسائر قرارات مجلس الأمن الدولي القاضية بإزالة الإحتلال الإسرائيلي إزالة شاملة.

ب- التمسّك بإتّفاقية الهدنة المُوقّعة في 23 آذار/ مارس 1949 م.

ج- إتّخاذ الإجراءات اللازمة كافة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الإحتلال الإسرائيلي، وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها، ونشر الجيش اللبناني في منطقة الحدود اللبنانية المُعترف بها دولياً، والعمل على تدعيم وجود قوات الطوارئ الدولية في الجنوب اللبناني، لتأمين الإنسحاب الإسرائيلي ولإتاحة الفرصة لعودة الأمن والإستقرار إلى منطقة الحدود.

الباب الثاني: ملاحظات حول الإستراتيجيات الدفاعية المطروحة من قبل قوى 8 آذار/ مارس:

1- تعارض جوهر وروح هذه الإستراتيجيات مع المسلّمات اللبنانية كافة، خصوصا لجهة الإقرار بحق مجموعات مسلحّة في الوجود على أرض لبنان، إذ يُشكّل ذلك خرقاً لإتّفاق الطائف، وللنصوص الدستورية والقانونية المرعية الإجراء، وللقانون الدولي ومقررات مجلس الأمن المتعلقّة بلبنان.

2- تجاهلها واقع لبنان الشعبي ذات الولاءات السياسية والمذهبية المتعددّة، إذ ان أي محاولة لتسليح الشعب اللبناني، وتحويله مجتمعاً مقاوماً، سوف تؤدي إلى نشوء مراكز قوى مسلّحة مُوزّعة الإنتماءات ومتعدّدة الولاءات، وبالتالي تدفع إلى إنهيار السلطة المركزية للدولة اللبنانية.

3- إن الإقرار بمبدأ مركزية القرار، يعني حكماً حصر سلطة القرار بيد السلطة الشرعية اللبنانية، وهو يحتّم على حزب الله المصادقة على ذلك، وهو ما لا يتطابق مع مواقف حزب الله وسلوكه.

4- إن واقع حزب الله الذي يشوبه الكثير من التساؤلات، من وجهة نظر العديد من القوى الدولية الفاعلة، يضع الدولة اللبنانية برمّتها، بمواجهة الشرعية الدولية، ويُشكّل عائقاً أمام نمو وإزدهار لبنان على الصعد كافة.

5- إن إعتماد نظرية quot;الشعب المقاومquot;، لن يعفي الدولة اللبنانية، بمقوّماتها كافةً، من تحمّل التبعات والتداعيات المباشرة لأي مواجهة مع إسرائيل، في ظلّ تهديدات العدو الإسرائيلي الصريحة والعلنية باستهداف الشعب اللبناني، وبالتدمير الكّلي للبنى التحتية دون تمييزٍ بين مدني أو مقاوم، وهو ما لا قدرة للبنان واللبنانيين على تحمّله.

6- رغم إيجابيات التزوّد بنظام دفاع جوّي، إلاّ أن الخلل الكبير في موازين القوى المالية والعسكرية بين لبنان وإسرائيل، لن يسمح بتحقيق الغاية المتوخّاة منه. فسورية التي تبنّت مقولة quot;التوازن الإستراتيجيquot; وبذلت مجهوداً عسكرياً ضخماً على امتداد عقودٍ طويلة لتطوير منظومة دفاعها الجوّي، عجزت عن رصد أو صدّ الغارات الإسرائيلية المتعاقبة التي استهدفت أراضيها. فعلى سبيل المثال لا الحصر :

في أيلول/ سبتمبر من العام 2001 أسقطت طائرتا اف 16 إسرائيليتان مقاتلتين سوريتين من أحدث طراز بمحاذاة الشاطئ السوري على البحر المتوسط.
في آب/ أغسطس من العام 2003 حلقّت مقاتلات إسرائيلية على علّو منخفض فوق القصر الرئاسي السوري في اللاذقية وفُسّر ذلك بأنه تهديدٌ مباشر للرئيس السوري بشّار الأسد دون أي عقبات أعاقت تحليقها في العمق السوري.

في تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2003 إستهدفت طائرات حربية إسرائيلية موقع عين الصاحب التابع للجهاد الإسلامي قرب دمشق.

في حزيران/ يونيو من العام 2006 أعادت الطائرات الإسرائيلية تحليقها المنخفض فوق القصر الرئاسي السوري ومحيطه المزوّد بأنظمة دفاع متطوّرة.
في أيلول/ سبتمبر من العام 2007 قامت طائرات حربية إسرائيلية باستهداف موقع عسكري سوري في دير الزور.

7- إن أعتى الدول المعادية لإسرائيل وأقدرها إمتلاكاً لموارد مالية، وعلى رأسها إيران، عجزت عن الدخول في سباق تسلّح تقليدي مع إسرائيل، وتطوير نظام دفاع جوّي يُبعد عنها شبح الضربات الجوّية الإسرائيلية، فكيف بالحري لبنان الذي لم يتجاوز دخله القومي الـ 25 مليار دولار للعام 2008، مقارنةً بإسرائيل التي بلغ دخلها القومي للعام نفسه حوالى 170 مليار دولار. في حين أن لا مقارنة فعلية تصحّ بين الميزانية العسكرية للبلدين، والتي تصل إلى حوالى 13،5 مليار دولار للعام 2008 بالنسبة إلى إسرائيل، بينما لا تتعدّى حوالى ثمانمائة مليون دولار أميركي للبنان.

8- إن أي قرارٍ إسرائيلي بشّن هجوم عسكري شامل على لبنان، سيُمهد له باستهداف أنظمة الدفاع الجوّي بشكلٍ أولّي، وهو ما سبق أن حصل في هجوماتٍ عسكرية شاملة، منها الإجتياح الأميركي للعراق حيث قامت القوات الأميركية بتعطيل قدرة الدفاع الجوّي للعراق خلال ساعاتٍ معدودة، بالإضافة إلى اعتمادها تقنيات الكترونية متطورّة، قادرة على وضع هذه الأنظمة الدفاعية خارج الخدمة دون اضطرارها حتى إلى استهدافها مباشرةً.

9- إن التقنيات العسكرية المتطوّرة التي تملكها إسرائيل مقارنةً بالدول العربية، تمكّنها من إستهداف أي موقعٍ في العمق اللبناني من مجالاتٍ شاسعة، دون أن يقتصر الأمر على سلاح الجوّ، ذلك أن البوارج الحربية والمنصّات الصاروخية باستطاعتها إطلاق قنابل موجّهة قادرة على تعطيل أي هدفٍ في العمق اللبناني بدقّةٍ لامتناهية .

10- إن التزوّد بأنظمة دفاع جوّي، لا يتم بمعزلٍ عن تطوير وشراء أنظمة دفاع بحرية وبرية وجوية متطوّرة، بالإضافة الى أعتدةٍ أخرى باهظة التكاليف، ترتّب على الخزينة أعباءً مالية ضخمة، تعجز الدولة اللبنانية والمواطنون اللبنانيون عن تحمّلها.

11- وفي الخلاصة، إن أي سباق تسلح جزئي هو مضيعة للوقت وإهدار للمال. فإما سباق تسلح كامل وشامل، وهذا لا طاقة للشعب اللبناني عليه على الإطلاق، وإما مقاربة أخرى في اتجاه آخر، وهذا ما سنعرضه في الباب الثالث من هذه الورقة.


الباب الثالث: إقتراح القوات اللبنانية للإستراتيجية الدفاعية

أولاً: العقيدة الأساسية:

1- إن الغاية الأساسية والنهائية للإستراتيجية الدفاعية، ليست في أن تُخيّم أجواء الحرب من خلال quot;عسكرةquot; المجتمع وشلّ الحياة المدنية في لبنان، وإنما في تأمين سلامة الأراضي اللبنانية وأمن المواطنين وحماية الدولة ومؤسساتها وبناها التحتية.

2- تعتمد الإستراتيجية الدفاعية على نظرة موضوعية لواقع لبنان الديموغرافي، الإقتصادي، ولتركيبته الطائفية والمذهبية، ولموقعه السياسي والجغرافي، آخذةً في الإعتبار التجارب التاريخية، وطبيعة ومكامن التهديدات المُتوقّعة والمُقدّر له أن يواجهها.

3- تتوخّى الإستراتيجية الدفاعية السبُل غير المباشرة، القادرة على إجهاض أهداف العدوان الخارجي قبل مواجهته، ذلك أن المواجهة العسكرية بالأنماط التقليدية مع الجيوش المحيطة، من شأنها تكبيد لبنان خسائر فادحة، نظراً إلى التفوّق العسكري واللوجستي الذي يمّيز هذه الجيوش مقارنةً بإمكانيات لبنان المتواضعة.

4- إن التجربة التاريخية المُثلى التي وفرّت مناعةً قصوى وفريدة لدولتها تجاه الأخطار الخارجية، كانت في النموذج الإستراتيجي السويسري، الذي نجح من جهة في توحيد شرائح مجتمعه التعددي من خلال تبنّيه سياسة الحياد الخارجي، ومن جهة أخرى بحفظ سويسرا وشعبها من أي تعديات. إن نجاح سويسرا بتحييد نفسها عن مجمل الصراعات والحروب الدموية التي عصفت بالدول المتاخمة لها، عائدٌ بالدرجة الأولى والأخيرة لإلتزامها الحياد، فنأت بنفسها عن تحمّل التبعات الكارثية لهذه الحروب.

إن لبنان من حيث تركيبته المجتمعية التعددية، ومن حيث موقعه الجيوسياسي في قلب الشرق بين سوريا وإسرائيل، ومن حيث إمكاناته الإقتصادية، يُعتبر النموذج الأقرب للتجربة السويسرية .

5- تعمل الإستراتيجية الدفاعية على حصر جميع القرارات العسكرية، التخطيطية، العملانية، التكتيكية، والإستعلامية، بالإضافة إلى مبدأ القيادة والسيطرة في يد القوى العسكرية الشرعية بصفتها الأداة التنفيذية الوحيدة للسلطة الشرعية.

6- إن تبنّي لبنان سياسة الحياد، لا يعني إطلاقاً تخلّيه عن القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. إن الحياد لا يُعفي لبنان من مسؤولياته في دعم أي مسعى يُنتج حلاًّ عادلاً ومُنصفاً للقضية الفلسطينية، ويؤدي إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين في الشتات إلى ديارهم، وإن الإطار السياسي الأمثل المخوّل حلّ هذه القضية، يكمن في جامعة الدول العربية ومقررات الأمم المتحدة.

ثانياً: العقيدة التنظيمية:

1-إن إتبّاع لبنان سياسة محايدة لإمتصاص الأخطار الخارجية الداهمة، لا يُغني عن تطوير الجيش اللبناني وتحويله إلى قوة حاسمة - من ضمن الإمكانات المتوفّرة - بمقدورها الدفاع عن الشعب اللبناني بحزمٍ وفاعلية عند الضرورة القصوى، وبعد أن تكون كل الوسائل الأخرى قد باءت بالفشل.

لبلوغ هذا الهدف، يجب الإتجاه إلى القتال النوعي الذي يمكّننا من تحقيق الهدف من جهة، ومن دون إنهاك إقتصادنا الوطني من جهة ثانية، وذلك بتفعيل quot;القوات الخاصةquot; الموجودة حالياً في الجيش اللبناني: اللواء المجوقل، المغاوير، مغاوير البحر، مغاوير الجبل، المكافحة والقوة الضاربة... والتي أثبتت جدارتها وقدراتها القتالية العالية كلما سنحت لها الفرصة، لجهة زيادة العديد، التحسين في نوعية الأداء، وتطوير العتاد وآليات التدريب، بحيث يقفز عدد هذه القوات من خمسة الآف إلى حوالى 20 الف عنصر، تُنظّم وتُوزّع على خمس قيادات مناطق، بما يتوافق وتقسيمات لبنان الإدارية لجهة إعتماد المحافظات الخمس الرئيسة.

تشكّل عناصر quot;القوات الخاصةquot;، رأس الحربة في العمليات العسكرية الهجومية والدفاعية على حدٍّ سواء، والتصدّي للتحديات الخارجية والداخلية.

2-تنشأ بإشراف قيادات quot;القوات الخاصةquot; في المحافظات مجموعات من quot;الحرس الوطنيquot; ، يكون إرتباطهم العسكري والإداري بقيادة المحافظة في quot;القوات الخاصةquot; مباشرةً، على أن يخضع هؤلاء للتدريبات الأساسية وتُناط بهم المهمات العملانية المختلفة، ويُعتبرون بمثابة قوات دعمٍ ومؤازرة quot;للقوات الخاصةquot;.

3- تكون مراكز قيادات المحافظات للقوات الخاصة، كما كل بناها التحتية، مُحاطة بسريّةٍ تامة، خارج طريقة التعاطي الحالي، وعلى غرار طريقة عمل quot;حزب اللهquot; في الوقت الراهن.

4- تستمر الوحدات الأخرى في الجيش اللبناني على وضعها الحالي وتتابع تأدية مهمّاتها كالمعتاد.

5- وفي الخلاصة، الإعتماد على نموذج quot;حزب اللهquot; الناجح، ولكن بتطبيقه في الأطر الشرعية ذات الصفة، وتعميمه على كل المناطق اللبنانية تبعاً لما ورد في سياق هذا البحث. فنكون قد استفدنا من حسنات تجربة حزب الله، وأسقطنا كل الجوانب الأخرى (اللاميثاقية، اللاشرعية، اللاقانونية، البعد الإقليمي، ...).

ثالثاً: قضية مزارع شبعا:

إن اعتماد الخيار العسكري وسيلةً لحلّ قضية مزارع شبعا، لم يعد متاحاً راهناً في ظّل قرار مجلس الأمن الدولي رقم ،1701 وإنتشار قوات الطوارئ الدولية على طول الخط الأزرق، ولمجمل الإعتبارات التي ذكرناها آنفاً.

وبالتالي فإن إعتماد الخيار الدبلوماسي، يبقى الوحيد والأنجح والأضمن، لا سيمّا أن ملف مزارع شبعا بات مطروحاً بقوة على مستوى دول القرار ومجلس الأمن الدولي.

يَكمُن الخيار الدبلوماسي، باتّفاق اللبنانيين وبصوتٍ واحد، على مطالبة سورية بتوقيع وثيقة مُشتركة مع السلطات اللبنانية تؤكد لبنانية مزارع شبعا، دون الحاجة إلى ترسيمها مادياً على الأرض في الوقت الحاضر. إن هذه الوثيقة المشتركة من شأنها وضع المزارع تحت مظلّة القرار 425 وبالتالي تُصبح إسرائيل مُلزمة بالإنسحاب منها لأنه سبق واتخّذت قراراً أمام المجتمع الدولي بتطبيق القرار 425.

وفي ما لو تعذّر الإستحصال على هذه الوثيقة من السلطات السورية، يكون البديل تضافر جهود اللبنانيين جميعاً عبر السلطة السياسية الشرعية في السعي لدى مجلس الأمن الدولي، ومطالبته بترسيم الحدود من جهةٍ واحدة، ولو دون رضى سوريا، بغية وضع مزارع شبعا تحت أحكام القرار 425، علماً أن إجراءً كهذا سبق أن تم إعتماده لدى ترسيم الحدود بين العراق والكويت.

الخلاصة:

إن الطريقة الفضلى لتلافي خسارة أي مواجهة عسكرية، تكمن في الحؤول دون وقوعها من الأساس، على ألاّ يتناقض ذلك مع الكرامة الوطنية.
إن السبيل الوحيد لتجنبّ الصراعات والتجاذبات الخارجية وإنعكاساتها المأسوية على الداخل اللبناني، هو في إنتشال لبنان من حلبة الصراع تلك وإعلان الحياد، مع الإلتزام التام بالقضايا الإنسانية العادلة، وفي طليعتها قضية فلسطين والتمسّك بالقرارات الدولية التي تؤكّد حقّ اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم.

إن تبنّي الإستراتيجية الدفاعية المُقدّمة من قبل القوات اللبنانية، من شأنه تقليل مستوى الأخطار الخارجية إلى أدنى درجاتها، بالإضافة إلى تأمينها خطّة إحتياط بديلة لمواجهة أي إحتمالاتٍ أو تطوّرات داخلية وخارجية غير متوقّعة .

يبقى أن هذه الإستراتيجية الدفاعية، توفّر المناخ الملائم لتلاحم اللبنانيين ووحدتهم، في ظلّ بيرقهم الوطني وضمن القرار الواحد والوحيد للدولة اللبنانية ممثلّةً بالسلطة السياسية، كما تدفع باتجّاه إحلال السلم والإستقرار، ليكون لبنان على قدر طموحات أبنائهquot;.