اسامة مهدي من لندن : باشر وفد اثاري عراقي اتصالات مع المسؤولين في ابو ظبي للاطلاع على اثار عراقية ضبطتها السلطات هناك مؤخرا مع مهرب والاتفاق على استرجاعها .. في وقت تم اكتشاف 200 قطعة اثارية قديمة في محافظة كركوك الشمالية يعود تاريخها الى الفي عام . وقد اكتشفت القوات المتعددة الجنسية 200 قطعة اثرية في احد المواقع داخل مدينة كركوك (255 كم شمال بغداد) ثم سلمتها الى مفتشية الاثار في المحافظة .
وتم اكتشاف قطع أثرية قديمة تعود إلى ما يقارب الألفي سنة وذلك عن طريق الصدفة عندما قام احد منتسبي القوة الجوية الأميركية في كركوك بمعاينة احد الطرق داخل القاعدة الجوية في المدينة مؤخرا لغرض البناء والعمران.
وقالت القوات في بيان صحفي ان العريف الاميركي quot;كيلي وايمنتquot; لاحظ شيئا بدا له وكأنه حجر ذو شكل غريب وعلى اثره أوقف العمل ثم ألقى العريف الذي يعمل ميكانيكيا في الفرقة 506 للهندسة المدنية quot;نظرة عن قرب تبين له أن الحجر الغريب عبارة عن آنية فخارية مصنوعة من الطين واكتشف لاحقا قطعا فخارية أخرى مبعثرة حول اطراف موقع العمل حجم الواحدة منها بقدر صحن طعامquot;. واشارت الى ان وايمنت قام بعد ذلك بإبلاغ مسؤوليه وعلى الفور قام الملازم quot;برايان ويرنلquot; وهو مهندس بيئي في القاعدة الجوية باستدعاء عالم آثار من متحف كركوك لمعاينة القطع الأثرية.
واوضحت ان مدير متحف كركوك اياد طارق حسين حضر الى موقع الاكتشاف حيث اتضح ان بعضا من هذه الأواني الفخارية تعود لألفي عام .. وأكد أنه تم استلام ما يقارب 200 قطعة أثرية من قبل القوات الأميركية بموجب قوائم استلام وتسليم أصولية. وأضاف انه تم إبلاغ وزارة السياحة والآثار في بغداد بهذا الشأن موضحا ان جميع هذه القطع الاثارية موجودة الآن داخل متحف كركوك وهي محفوظة داخل صناديق خاصة حيث تم الاتفاق مع القوات الأميركية التي أوقفت العمل في تلك المنطقة على تنظيم زيارات أصولية للموقع وإجراء عمليات التنقيب فيها وتشكيل هيئة تنقيب في المنطقة لمتابعة هذه الاثار.
وقال مصدر اعلامي في وزارة الدولة للسياحة والاثار العراقية ان المستشار بهاء احمد المياح يتراس الوفد الاثاري الى مدينة دبي لغرض معاينة الاثار العراقية المهربة التي تم ضبطها من قبل السلطات المختصة في ابو ظبي.
واضاف quot;ان الشرطة الدولية لامارة ابو ظبي القت القبض على احد الاشخاص وبحوزته مجموعة من المواد المشبوهة وقد أعترف اثناء التحقيق الابتدائي بانها اثار عراقية مسروقة فكان التحرك من خلال المخاطبات مع الجهات ذات العلاقة لزيارة الامارات العربية المتحدة لمعاينة الاثار العراقية المسروقة والاتفاق مع الجانب الامارتي على استردادهاquot;.
واشار الى ان معظم الاثار المهربة الى خارج العراق هي من نتائج الحفر والنبش العشوائي غير القانوني وبالتالي فان الاثار المهربة بهذه الطريقة تكون غير مسجلة ولا تحوي اية وثائق.
واكد ان الاثار العراقية تدل على هويتها بذاتها وان كانت غير مسجلة وان قانون الاثار العراقي المرقم 55 لسنة 2003 يمنع التصرف بالاثار والتراث والمواقع التاريخية الا وفق أحكام هذا القانون وعليه فانه لايجوز للمواطن حق النبش والتخريب في المواقع الاثارية بقصد اخراج الاثار لغرض التصرف بها اوالتجارة بها او تهريبها الى خارج العراق.
وكان مسؤولون اثاريون عراقيون اكدوا أن عُشر الكنوز العراقية الأثرية في المتحف قد فقدت موضحة أن 13 ألف قطعة أثرية نهبت من المتحف في الأيام الأولى للغزو الأميركي وتتضمن الكنوز المفقودة تماثيل صغيرة وأحجاراً من القرميد منقوشاً عليها أسماء ملوك وأشعار تنتمي الى عصور سحيقة من عمر الحضارة الإنسانية.
ويبين كافينو أن هناك 34 قطعة من بين أثمن الآثار المنهوبة اقتلعت من صناديقها الزجاجية في قاعات العرض تمثل جزءاً أساسياً من التراث الإنساني العالمي من بينها تمثال quot;سيدة الوركاءquot; ( وااتي قد عثر عليها مؤخرا) والذي يعادل جيوكندا حضارة وادي الرافدين .كما اختفت من الطابق السلفي للمتحف المئات من الأختام الحجرية والبرونزية التي كانت تستخدم للإمضاء على الوثائق في العصر الآشوري وقد عدت هذه الأختام على الدوام العنصر الأساسي في تحديد السلالات المتعاقبة على الحكم وفهم التطور الإنساني لتلك الحقب الزمنية.
ويؤكد كافينو أن عدة مواقع في جنوب العراق قد تعرضت للنهب في أعقاب توقف العمليات العسكرية من قبل قوات التحالف ومن بينها الموقع الملكي في (أور) الموطن الأصلي للنبي إبراهيم عليه السلام الذي لم يسلم من صائدي الكنوز الأثرية الذين كانوا موجهين، من دون شك، من قبل تجار آثار على مستوى عال.
وبدد عرض متحف بغداد منتصف العام الماضي (كنوز نمرود) بعض الإشاعات التي طالت اختفاء هذا الكنز الذي يضم 650 قطعة من الذهب والأحجار الكريمة من المجوهرات تعود الى القرن الثامن قبل الميلاد، وتعد أعظم اكتشافات القرن العشرين وكانت مخبأة في طوابق حصينة في البنك المركزي العراقي.
ويعد العراق من أغنى مناطق العالم أثريا ففيه بدأت الحضارة قبل قرابة ستة آلاف عام وفيه ظهرت الكتابة المسمارية كما تطورت فيه الرياضيات وعلم الفلك وتم اختراع العجلة. كما كانت بلاد ما بين النهرين حاضنة للحضارات العريقة من السومرية الى الآكادية الى البابلية الى الآشورية والفارسية والعباسية.
ويأمل خبراء وعلماء آثار عراقيون وغربيون بأن يستعيد المتحف العراقي وسائر المتاحف الأخرى آثارها المنهوبة، معترفين بأن كثيراً من المواطنين العراقيين أعادوا قطع كانوا استولوا عليها في أعقاب الغزو الأميركي لبغداد في نيسان (إبريل) عام 2003 حيث يخشى هؤلاء العلماء من أن الجزء الأكبر من مفقودات الآثار العراقية ظل في حوزة هواة تجميع القطع الأثرية النادرة داخل العراق وخارجه بعد أن قررت متاحف العالم عدم قبول أي قطعة أثرية مسروقة من العراق الذي تعرض جريمة طالت ميراث البشرية وسجلها الإنساني الخالد.
التعليقات