صنعاء: أكد المستشار السياسي لرئيس الجمهورية اليمنية الدكتور عبد الكريم الإرياني إن اليمن ترتبط بعلاقات تاريخية وأزلية بمحيطها الإقليمي، وفي مقدمة ذلك دول الجزيرة والخليج ودول القرن الإفريقي.

وقال الدكتور الإرياني في مستهل ندوة quot; اليمن في محيطه الإقليميquot; التي تنظمها على مدى يومين جامعة صنعاء والسفارة الفرنسية بصنعاء برعاية وزارتي الخارجية اليمنية والفرنسية :quot; إن اليمن في محيطه الإقليمي, يمكن تعريفه بدائرتين الأولى يحيط بها من ناحية الغرب البحر الأحمر والقرن الإفريقي، والدائرة الثانية التي يحدها الربع الخالي شمالاً وشرقاquot;. واعتبر انعقاد هذه الندوة امتدادا لتفاعل متواصل عبر العصور والأزمان السابقة.

وقال :quot; بالنسبة للدائرة الأولى ومحيطها البحر الأحمر والقرن الأفريقي, فإن عدداً متزايداً من علماء الانثربولوجيا يعتقدون أن العنصر البشري الذي نشأ وتطور وارتقى في أفريقيا عبر باب المنتدب إلى آسيا, قبل حوالي ألف عام قبل الميلاد, وكانت محطته الأولى هي سواحل اليمن ووديانهاquot;.

وأضاف:quot; إذا كان ذلك هو الماضي القديم والسحيق, فما بالكم بالعصور اللاحقة في التفاعل بين اليمن والقرن الأفريقي, ولا شك أن من أهمها- كما يقول المؤرخ جان ريد - إدخال المحراث من اليمن وإدخال الزراعة إلى الهضبة الإثيوبية التي أدت إلى البدء في الاستقرار وإدخال الحضارة والمدنية، وذلك قبل 800 عام قبل الميلاد إضافة إلى ظهور الحرف السبئي في مملكة اكسوم الحبشة حوالي القرن السابع قبل الميلاد quot;. وتابع قائلا :quot; لذلك وعبر ما يزيد على 800 عام قبل الميلاد استمر التواصل والتفاعل التاريخي بين اليمن ومحيطه بكل مظاهره السياسية والاقتصادية والثقافية حتى يومنا هذاquot;.

واستطرد الدكتور الإرياني قائلا :quot; أما الدائرة الثانية، وهي تقع في محيط الجزيرة العربية والخليج, فإن التفاعل التاريخي والثقافي والاقتصادي والسياسي والتجانس والرابطة الدينية تزيد في بعدها الاستراتيجي عن الدائرة الأولىquot;.

ومضى قائلا :quot; وكما كان الإنسان اليمني يعبر البحر الهائج, فقد كان يعبر بحراً من الرمال, وما تجارة البخور قبل ما يزيد عن ألف عام قبل الميلاد عبر هذه البحار من الرمال إلا أنموذجاً واحداً للعلاقات التاريخية التي تربط جنوب الجزيرة العربية بشمالها وشرقهاquot;.

وتحدث في الندوة رئيس جامعة صنعاء /الدكتور خالد طميم, بكلمة أكد فيها على تكامل علاقة اليمن بدول الجوار.

وتطرق طميم إلى أهمية الموضوعات التي ستناقشها الندوة للوقوف أمام مراحل نشوء وتطور علاقات اليمن بمحيطة الإقليمي, لافتا إلى الدور الفاعل والهام الذي تضطلع به الجمهورية اليمنية في محيطها الإقليمي وجهودها في خدمة دعائم مبادئ السلام والحرية والديمقراطية.

وزير الثقافة الفرنسي الأسبق جاك لنغ, أشار من جانبه إلى أن اليمن يتميز بخصائص متفردة لا مثيل لهاد في البلدان المجاورة، لافتا إلى أن تطور العلاقات السياسية بين اليمن ودول القرن الأفريقي كانت معقدة ولم تكن بالسهلة.

وتحدث السفير الفرنسي بصنعاء جيل جوتييه وعميد كلية الدراسات حول العالم العربي بمعهد الدراسات السياسية في باريس الدكتور جيل كيبيل عن دور اليمن الفاعل على المستوى الإقليمي، وإسهاماته في خدمة السلام، ونشر قيم الحرية والديمقراطية، مشيرين إلى اهتمام فرنسا بكل ما يحدث في اليمن، وحرصها على تبادل الحوار بين البلدين.

وبدأت فعاليات الندوة بعرض وراقتي عمل قدمهما الدكتور حسين العمري, والباحث كريستيان نخله تناولت الخصائص الجوسياسية اليمنية بين شبه الجزيرة العربية والقرن الإفريقي، حيث أكد الباحثان في ورقتهما المشتركة أن اليمن شريك استراتيجي مأمون لا غنى للغرب عنه..مشيرين إلى الدور الدولي الذي يلعبه اليمن من خلال مساهمته في امن واستقرار المنطقة، وتأمين سلامة الطرق البحرية، وتنشيط التجارة الدولية عن طريق المنطقة الحرة في عدن، وتأمين موقع الشحن البحري لنفط المنطقة، وكذا اتخاذ كافة الخطوات والترتيبات التي تصون اليمن ومصالحه من الوقوع تحت وطأة المنافسة الاقتصادية القطبية، بالإضافة إلى اضطلاع اليمن بدوره العربي والإسلامي الحضاري القائم على الاعتدال والتسامح، وهو الدور الذي لعبه اليمن منذ القدم ونشر من خلاله الإسلام إلى القرن الإفريقي وجنوب شرق آسيا.

وأشارت الورقة إلى أن المملكة العربية السعودية أدركت أن من مصلحتها أن تكون اليمن مستقرة و سعت مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي إلى تكوين تكتل سني معتدل حيث عقد في مارس 2007م، مؤتمر قمة سنية في جدة شاركت فيه باكستان وماليزيا وتركيا و هذا جاء بعدما رأى الخليجيون ضعف دور أمريكا في المنطقة خاصة بعد التشويش الذي أحدثه الأمريكان لحلفائهم الخليجيين بالنسبة للملف النووي الإيراني.

وتناول المحور الثاني من الندوة بعنوان quot; العوامل الدينية في المشهد السياسي اليمني والإقليمي quot; أوراق كل من الباحث الفرنسي لوران بونفوا, والدكتور أحمد الدغشي عن جامعة صنعاء, والباحث ستيفان لاكروا، وعقب عليه وزير الأوقاف القاضي حمود الهتار الذي اختتم تعقيبه بالإفصاح عن إنشاء مركز للحوار في الأشهر القادمة.

وتناول الباحثون في أوراقهم العلاقات الدينية في شبه الجزيرة العربية وتاريخ الجماعات الدينية في اليمن، وعلاقتها بالمحيط الإقليمي، وكذا العوامل الدينية وصورها في المحيط الإقليمي والقطري, وشمولية التكامل, وعلاقة المملكة العربية السعودية بالتيارات الدينية خاصة التيار السلفي الذي تبناه مقبل الوادعي في اليمن، إضافة إلى ظهور التيار الإسلامي الجديد، وهو تيار الصحوة الإسلامية، ومدى قدرة التيارات الإسلامية والدينية مؤخراً في اليمن على الانخراط في العمل السياسي، والتقارب والاتفاق مع التيارات القومية والعلمانية.

وتخلل الندوة العديد من المداخلات قدمها أكاديميين يمنيين وفرنسيين.

ومن المقرر أن تتواصل فعاليات هذه الندوة يوم غدٍ بعدد من الأوراق البحثية تتناول البيئة الإعلامية في اليمن وشبه الجزيرة العربية, و quot; الطاقة والاقتصاد والحكم الرشيد quot; مقدمة من الدكتورة رؤوفة حسن أستاذ الإعلام بجامعة صنعاء والباحثين نبيل الصوفي، عائشة سعيد, صلاح العطار, كلار تالون, جوئيل فور وجون لامبرت.