موسكو، وكالات: إنتخب مرشح الكرملين ديميتري مدفيديف رئيسا لروسيا اعتبارا من الدورة الأولى الأحد في ختام إنتخابات إحتج عليها معارضوه وتمهد الطريق أمام شراكة في السلطة مع الرئيس فلاديمير بوتين الذي سيتولى منصب رئيس الوزراء. واعلنت اللجنة الانتخابية المركزية بعد فرز 90% من بطاقات التصويت في مكاتب الاقتراع ان ديميتري ميدفيديف حصل على 70،23% من الاصوات. ويكون اقترب بذلك من النتيجة التي حققها فلاديمير بوتين الذي انتخب في العام 2003 بحصوله على 71،31% من الاصوات. وحل المرشح الشيوعي غينادي زيوغانوف ثانيا بحصوله على 17،77% من الاصوات وتلاه القومي المتشدد فلاديمير جيرينوفسكي (9،37%) واندريه بوغدانوف المؤيد لانضمام روسيا الى الاتحاد الاوروبي (1،29%). وستعلن النتائج النهائية عند الساعة 10،00 (7،00 ت.غ.).فوز دمتري ميدفيديف في الانتخابات الرئاسية في روسيا
ويتسلم الرئيس الروسي الجديد مهامه في السابع من ايار/مايو المقبل، حسب ما اعلن ليل الاحد الاثنين رئيس الادارة الرئاسية الروسية سيرغي سوبيانين وهو ايضا مدير حملة مدفيديف الانتخابية. وقال لوكالة انترفاكس ان quot;حفل تنصيب الرئيس الجديد سيقام في السابع من ايار/مايوquot; المقبل.
من جهته هنأ بوتين الرئيس المقبل خلال حفل نظم في الساحة الحمراء في موسكو. وقال quot;ذلك يعني اننا نعيش في دولة ديموقراطية وان مجتمعنا المدني اصبح فاعلا ومسؤولاquot;. واعلن مدفيديف ان روسيا اختارت المضي قدما مؤكدا انه سيتابع quot;سياسة الرئيس بوتينquot;. وقال quot;لدينا كل الفرص للحفاظ على سياسة بوتين، سنمضي الى الامام ومعا سننتصرquot;. ومدفيديف (42 عاما) سيصبح الرئيس الثالث لروسيا في حقبة ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي بعد بوريس يلتسين (1991-1999) وفلاديمير بوتين (2000-2008). كما انه اول رئيس لم تنطبع مسيرته بالاتحاد السوفياتي السابق لانه شهد سقوط الشيوعية عام 1991 حين كان في السادسة والعشرين من العمر.
وافادت اللجنة الانتخابية المركزية ان المرشح الشيوعي غينادي زيوغانوف حل ثانيا بحصوله على 17،9% من الاصوات فيما نال المرشح القومي فلاديمير جيرونوفسكي 9،5% من الاصوات واندريه بوغدانوف المؤيد لانضمام روسيا الى الاتحاد الاوروبي 1،2%. واعلن زيوغانوف انه سيتقدم بشكوى امام المحاكم للاحتجاج على انتهاكات القانون الانتخابي. وقال quot;لدينا ادلة على حصول تزوير في هذه الانتخابات وسنتوجه الى المحاكمquot;.
من جهته قال جيرينوفسكي الذي يعتبر مقربا من الكرملين quot;لست راضيا عن النتائج لكنني اعلم تماما انه من غير المجدي الاحتجاج عليهاquot;. واضاف لاذاعة صدى موسكو quot;ان النتيجة التي حصلت عليها غير مرضية، انني متاكد ان عددا اكبر من الناس صوتوا لي وانه حصلت تجاوزات، لكني ليس بامكاني اثبات ذلكquot;. يشار الى ان ابرز هيئة اوروبية تتولى مراقبة عمليات الانتخاب، منظمة الامن والتعاون في اوروبا، قاطعت هذه الانتخابات متحدثة عن قيود فرضت على مراقبيها.
وتتجه كل الانظار الان الى الشراكة المستقبلية التي سيشكلها فلاديمير بوتين ومدفيديف في السلطة، وتدور تساؤلات حول ما اذا كان سيتمكن من تجاوز هذه الوصاية. وقالت يوليا لاتينينا المحللة في اذاعة صدى موسكو المستقلة quot;لا يمكن قول شيء الان، هل سيحل محل بوتين؟ اعتقد نعمquot;. من جهته اعتبر الكسندر كونوفالوف الذي يرئس معهد التقييم الاستراتيجي ان quot;منصب الرئاسة يقوي حتى رجل سياسي ضعيف، وسيبدأ بالتخلص من هؤلاء الذين اتوا به الى السلطةquot;.
وقال ميدفيديف للصحفيين خلال مؤتمر صحفي عندما سئل عن سياساته quot;اعتقد انها ستكون استمرارا مباشرا لهذا النهج الذي ينفذه الرئيس بوتين.quot; واضاف ميدفيديف الذي يعمل مع بوتين منذ اكثر من 17 عاما quot;نثق كلانا في الآخر وربما هذا هو الاهم. quot;انني مقتنع بأن عملنا المشترك..يمكن ان يعطي البلاد نتائج مثيرة للاهتمام الى حد ما وان يصبح عاملا ايجابيا في تنمية دولتنا.quot;
وقال المحامي السابق البالغ من العمر 42 عاما انه سيشكل حكومته الجديدة وادارة الكرملين بالتشاور مع بوتين الذي سيصبح رئيسا للوزراء . واضاف quot;سأعمل على هذا بشكل مشترك مع فلاديمير بوتين كرئيس وزراء مقبل.quot; وعندما سئل عمن سيوجه السياسة الخارجية فقال ميدفيديف ان هذه ستكون مسؤولية الرئيس وليس رئيس الوزراء. واردف قائلا ان quot;الرئيس يحدد السياسة الخارجية لروسيا طبقا للدستور. quot;مكتب الرئيس ..هو الكرملين ومكان رئيس الوزراء والحكومة هو البيت الابيض.quot; وقال انه سيدافع عن المصالح الروسية على الصعيد الدولي من خلال كل السبل القانونية.
نتيجة الانتخابات متوقعة لكن المستقبل قد يحمل مفاجآت
ويجمع المراقبون السياسيون على ان ميدفيديف سيغير بعض الشيء في نهج السياسة الخارجية الروسية بالرغم من الحفاظ على خطوطها العامة. ويعرب المراقبون عن اعتقادهم بان ميدفيديف سيدخل بعض التعديلات على السياسة الخارجية خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة الاميركية واوروبا الغربية. ومن المتوقع ان يعمل ميدفيديف المعروف في الاوساط الغربية بميوله الليبرالية على تخفيف حدة المجابهة مع واشنطن في المجالات الخلافية وتعميق التعاون الثنائي معها في المجالات التوافقية خاصة فيما يتعلق بمكافحة الارهاب والجريمة المنظمة وعدم انتشار الاسلحة النووية. وستعمل روسيا في عهد ميدفيديف على تطوير علاقاتها مع الاتحاد الاوروبي وربما تقترب اكثر من الموقف الغربي في معالجة ازمات اقليمية مثل ازمة الملف النووي الايراني والوضع في شبه الجزيرة الكورية.
ويتوقع المراقبون ان تواصل روسيا سياستها التقليدية في الفضاء السوفييتي السابق وتعمل على الذود عن مناطق نفوذها هناك لكنها ستبدي ميلا لتعاون دولي اكبر في معالجة الازمات الاقليمية التي تعاني منها هذه المنطقة خاصة النزاعات في ابخازيا واسيتيا الجنوبية. ويعتقدون ان روسيا ستواصل تطوير علاقاتها مع الدول العربية والعالم الاسلامي وستعمل ربما بوتائر اسرع على تطوير علاقاتها مع اسرائيل. ولن يجد ميدفيديف مفرا من التمسك بالثوابت الروسية حيال ازمة الدرع الصاروخية الاميركية في اوروبا وكذلك تحرك البنية التحتية العسكرية لحلف الناتو تجاه الحدود الروسية وسيحاول التصدي بقوة لاي محاولة لنشر قواعد عسكرية امريكية في الجمهوريات السوفياتية السابقة لا سيما القريبة من روسيا.
ومن الطبيعي ان يترك ميدفيديف بصماته على السياسة الروسية الخارجية والداخلية لانه لا يريد ان يكون نسخة طبق الاصل عن سلفه بوتين وخاصة ان الاخير وافق على شغل منصب رئيس الحكومة في عهد الرئيس الجديد. ويعتقد المراقبون السياسيون انه يتوجب على الثنائي بوتين - ميدفيديف ان يصمد امام امتحان الزمان لان للسياسة احكامها وخفاياها وان يبرهن على قدرته على العمل في ظل تغير الظروف والمناصب.
وهم يؤكدون ان جماعات المال والاعمال والطغمة الاعلامية التي روضها بوتين لم تتخل عن طموحاتها ورغبتها في استعادة سطوتها السياسية والمالية كما كانت الحال ابان حكم اول رئيس لروسيا بوريس يلتسين. هذه الجماعات انتظرت هذه الفرصة طويلا وسوف تبذل كافة الجهود من اجل استعادة مواقعها التي فقدتها وهي تدرك ان ذلك لن يتحقق لها الا عن طريق استمالة الرئيس الجديد. صحيح ان ميدفيديف وصل الى الكرملين عن طريق بوتين ومن خلال دعمه المعلن وبعد تسخير كافة القدرات لتحقيق هذا الهدف لكنه لن يقبل ان يبقى طويلا في ظل رئيس الحكومة القادم وسيتمسك باستقلالية قراره السياسي.
ومن المعروف ان ميدفيديف ينتمي الى جيل السياسيين الروس الليبراليين الذين يؤمنون بالاقتصاد الحر المطلق وهو يعارض سياسة تضييق الخناق على الجماعات السياسية الليبرالية الموالية للغرب وسيقوم في اطار خطواته الاولى بمنح هذه الجماعات هامشا اكبر للعمل والتحرك. وفي جميع الاحوال فان بوتين حرص قبل خروجه من الكرملين على تدعيم مواقعه من خلال ضمان اغلبية برلمانية لحزب روسيا الموحدة الحاكم الذي ساهم في تأسيسه وضمان تأثيره على القرار السياسي في البلاد من خلال شغل منصب رئيس الحكومة الروسية وقيامه باضعاف مواقع مراكز القوى المالية والاعلامية المناهضة له. والمستقبل كفيل باظهار اذا كانت هذه الضمانات كافية للحفاظ على النهج السياسي والاقتصادي الذي سارت عليه البلاد خلال السنوات الثماني الماضية لكن لا يوجد اي شك بان عهدا سياسيا مثيرا قد بدأ للتو في روسيا فنتائج الانتخابات كانت متوقعة ان لم نقل معروفة سلفا ولكن المستقبل قد يحمل الكثير من المفاجآت.
ميدفيديف الوجه الليبرالي للكرملين
ديميتري ميدفيديف يعتني بصورته كوريث للرئيس فلاديمير بوتين وينكب على تقليد اسلوبه مجسدا صورة اكثر ليبرالية وليونة منه بعض الشيء. ولا يتجاوز ميدفيديف الثانية والاربعين. وهو صاحب وجه طفولي ناعم مختلف جدا عن وجه فلاديمير بوتين الذي يكبره ب13 عاما وتدرج في مدرسة الاستخبارات السوفياتية سابقا (كي جي بي) ومعروف بميله الى الاسلوب الصارم. وفي بلد يحظى القادة الرياضيون فيه بكثير من الشعبية، لا سيما اذا كانوا يتمتعون بصفات ذكورية واضحة مثل فلاديمير بوتين، يعمل ميدفيديف على الاعتناء بشكله، فيتدرب يوميا على السباحة، على حد قوله. وقد خسر بعض الوزن، وبات يرتدي بزات رسمية تخفي ضيق كتفيه. واكتسب الكثير من الثقة بالنفس وان كان لا يزال يتلو خطاباته بلهجة تشبه لهجة طلاب المدارس اثناء تلاوة دروسهم.
وعلى غرار عرابه، يرتدي كنزات شبيهة بتلك التي يرتديها بوتين عندما يريد الظهور بمظهر اقل رسمية. ويصدم احيانا لدى الاستماع اليه بنبرة صوته التي يقلد فيها بوتين الى حد بعيد. وميدفيديف هو زعيم الجناح quot;الليبراليquot; بين المحيطين ببوتين. وغالبا ما يقدم على انه quot;تكنوقراطيquot; براغماتي يعتبر ان العقيدة quot;امر مضرquot;. ويجاهر ميدفيديف الذي عاش في كنف والدين مدرسين، بانه تدرج في ظل بوتين الذي تعرف اليه في بداية التسعينات في مدينتهما ليننغراد التي بات اسمها سان بطرسبورغ.
وبعد ان درس لفترة قصيرة في كلية القانون في سان بطرسبورغ، انضم هذا القانوني الهادىء والنشيط الى quot;لجنة العلاقات الخارجيةquot; في البلدية التي كانت تعتبر مهد النخب الروسية في سنوات الالفين. وعمل في المكتب خمس سنوات وبرز بعد تقديمه حلولا قانونية لملفات فساد كان يمكن ان تطال بوتين، بحسب ما تقول الصحف الروسية ومسؤولون سياسيون محليون. كما دخل قطاع الاعمال وبات عضوا في مجلس ادارة مؤسسة لتصنيع الخشب والورق quot;اليم بال انتربرايزquot; التي تملك وزنا في قطاع ينتشر فيه الفساد.
وبعد انتهاء ولاية رئيس البلدية اناتولي سوبتشاك وفريقه الاصلاحي في 1996، عاد الى مركزه في الجامعة، وذلك حتى 1999 عندما استدعاه فلاديمير بوتين الى موسكو. واصبح مدير حملة بوتين الانتخابية في آذار/مارس 2000، ووصل سريعا الى ادارة الرئاسة. ثم تسلم رئاسة مجلس ادارة شركة quot;غازبرومquot; النفطية العملاقة، من دون ان يثير ضجة كبيرة في تقدمه على درج السلطة. وشهد خلال تقدمه هذا اعادة السيطرة على وسائل الاعلام وخنق المعارضة، من دون ان يعرف له دور محدد في كل هذا.
واعتبارا من تشرين الثاني/نوفمبر 2005 وتعيينه نائبا لرئيس الوزراء مكلفا المشاريع الوطنية الكبرى (الصحة والسكن والتعليم والزراعة)، بدأ النظر اليه على انه خليفة محتمل لبوتين. وشكل quot;تعيينهquot; في كانون الاول/ديسمبر انتصار quot;الليبراليينquot; على quot;السيلوفيكيquot;، اي قدامى الquot;كاي جي بيquot; والجيش. ومنذ ذلك الحين، يكتفي ميدفيديف باعلان برنامج واحد هو الوفاء لفلاديمير بوتين ومواصلة عمله quot;من دون ان يفسد شيئاquot;.
واذا كان يقدم نفسه على انه ليبرالي في قطاع الاعمال، فانه ليس واثقا من انه تقدمي على الصعيد السياسي، لا سيما على صعيد حقوق الانسان. وهو يقول quot;اعتقد اننا في روسيا نملك ديموقراطية حقيقيةquot;. لا يستفيض في الحديث عن السياسة الخارجية، وخطابه يشكل صدى غالبا لرئيسه. ومما قاله quot;لا يمكن اجبار احد على ان يحب روسيا، الا اننا لن ندع احدا يسيء اليهاquot;، من دون ان يذهب الى حد تبني الخطاب المناهض للغرب الذي ينتهجه بوتين، مثاله الاعلى.
باريس تدعو الاتحاد الاوروبي الى البحث عن quot;لغة جديدةquot; مع ميدفيديف
من جانبه دعا وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الاثنين الاتحاد الاوروبي الى quot;ايجاد لغة جديدةquot; مع الرئيس الروسي المنتخب ديميتري ميدفيديف آسفا لعدم توصل الاوروبيين الى ذلك مع فلاديمير بوتين.وقال كوشنير متحدثا لشبكة فرانس انتر quot;ايا كانت الانتقادات التي يمكن توجيهها الى ممارسات بوتين (وليس الى ميدفيديف حتى الان، سنرى لاحقا)، يجب ان نجد لغة، نحن فرنسا ولكن بالاخص الاتحاد الاوروبي، مع روسياquot;.
وقال quot;ان روسيا تعاني من كونها في موقع غير موقعها، في مواجهة الاتحاد الاوروبي على الاخصquot;، مضيفا quot;لم نجد اللغة الصحيحةquot; حتى الان.واعتبر ان quot;قسما من مستقبلنا، ليس بالنسبة للطاقة فقط ولكن بالنسبة للطاقة ايضا، يتحدد في روسياquot; مضيفا quot;يجب ان تحتل روسيا المكانة التي تعود لها والتي لم تعد تشغلها فيما نطلق عليه اسم الاسرة الدوليةquot;.
الانتخابات الروسية لم تكن quot;حرةquot; وquot;نزيهةquot;
إلى ذلكاعلن اندرياس غروس رئيس بعثة مراقبي الجمعية البرلمانية في مجلس اوروبا، بعثة المراقبين الغربيين الوحيدة التي واكبت الانتخابات الرئاسية الروسية، ان هذه الانتخابات لم تكن quot;حرةquot; وquot;نزيهةquot;.وقال غروس خلال مؤتمر صحافي ردا على اسئلة حول الثغرات التي سجلت quot;نعتقد ان هذه الانتخابات لم تكن حرةquot; مضيفا quot;ليست عادلةquot;.
التعليقات