بهية مادريني من دمشق: لسان حال السوريين هذه الايام يقول (بأي حال عدت يا قمة) فليس هناك من حديث في الاماكن العامة وحتى في المنازل الا القمة العربية وبورصة المشاركة فيها والتي تترواح التوقعات بشأنها بأن تكون المشاركة (كاملة الأوصاف) وتوقعات بان تكون قدمة حضور الحد الأدنى كثير من السوريين العاديين الذين التقتهم ايلاف يتحدثون عن انهم مرغمون على التفاؤل (رغم ان القمم العربية السابقة لاتشجع) وهذا التفاؤل يقر اغلبهم بأنه كاذب وربما موهوم ولكن (لعل وعسى).
راميا التي تدرس اللغة العربية في جامعة دمشق قالت ان قمة دمشق بمجرد ان تنعقد هو قضية جيدة لسوريا والاهم ان سوريا فرضت رأيها وكلمتها .
ولكن راميا عندما نسألها عن المتوقع من القمة تقول لا أعرف لا اعرف .
وبخلاف راميا فإن اسماعيل الذي يعمل في شركة للتوريدات الغذائية يعتبر بأنه سوريا لن تستفيد شيئا من انعقاد القمة العربية وان انعقادها من عدمه سيان (فالعرب او بعضهم سيبقى موقفهم من سوريا هو هو ).
النقاش الذي يدور داخل اروقة النخبة في سوريا يبدو بعيدا نوعا ما عن هذه الاجواء اذ يتم الحديث حاليا عما اذا كان هناك افتراق او تحول استراتيجي في الخيارات السياسية السورية و(تكويع )عن النهج التقليدي الذي كان الساسة في دمشق يتبعونه لسنين طويلة عبر (مراعاة السعودية ومصر ) ويلاحظ هؤلاء ان السياسة السورية لامست بالفعل خطوطا حمراء لم يكن احد يجرؤ على التفكير فيها .
بعض النخبة تؤيد هذه التوجه الجديد وترى ان سوريا وعبر مراعاتها لمصر والسعودية إنما تحد من خياراتها الاستراتيجية ولذلك فمن الجيد لابل من المطلوب ان تختط لنفسها سياسة مستقلة وبعيدة عن دولتين (تربطهما علاقات اكثر من قوية بالولايات المتحدة التي تريد من سوريا مجرد رقم عابر في معادلة السياسة الشرق اوسيطة ).
ولكن هناك بعض المثقفين السوريين يحذرون من التمادي في الابتعاد عن العمق السعودي والمصري لان تغيير اسياسيات السياسة العربية التقليدية ليس بالأمر الهين وهو عامل لايرتبط برغبة دولة او نظام سياسي بل هو نتاج تكوين جيوسياسي اتفقت الدول الكبرى عليه وليس مسموح اختراقه ومن يحاول فإنما يعرض نفسه لمخاطر جسيمة هو بغنى عنها .
القمة العربية ستعقد وستنتهي وحد الفصل سيكون مابعد القمة ومابعد القرارات فإما ان تكون قمة كمثل غيرها (أكلت حلوا وشربت ماء)وإما تكون آخر القمم ومن يتابع جيدا قد يدرك ان النظام العربي الحالي بدأ يلفظ انفاسه والقمة العربية ليست الا مجرد محطة عابرة لايمكنها ايقاف سيروة التاريخ ولاحتى الجغرافيا .